احتفلت دول مجلس التعاون الخليجي مطلع هذا الاسبوع في مسقط بتوزيع جوائز الدورة الثالثة لجائزة التميز في الاعلام الصحي. وهي جائزة ضمن برنامج الشراكة بين القطاعين الحكومي ممثلا في المكتب التنفيذي لوزراء الصحة في دول المجلس، والقطاع الخاص ممثلا بالدارالمحلية للعلاقات العامة. وكان التركيز في الدورة الحالية عن صحة اليافعين ولكن في الدورة الرابعة في البحرين ستكون عن صحة الكبار والشيخوخة وهي ما اتمنى ان ألمسه في هذا المقال عن ايجاد مسعى لتصحيح او تخفيف اللغة التشاؤمية او التي تزيد المرض امراضا. ففي اروقة حفل توزيع الجائزة دار الحديث بين بعض الاطباء واهل الاعلام حول دور اللغة في تعزيز او تدمير الصحة . فالتصور الذي يحمله الانسان او الصورة الذهنية عن طبيعة المرض هو جزء من العلاج. ولذلك كانت ابرز تلك الكلمات الحاضرة في النقاش هي مفردة"سن اليأس "عند المرأة عند انقطاع الطمث. فكانت تلك المفردة هي نقطة اتفاق نحو تحقيق ذلك المسعى. فهل هناك من دراسة حول تقبل او تعايش المرأة مع تلك المفردة؟ وهل لو تم استبدال هذه المفردة في الادبيات التي تقدم للفتيات بمفردة اكثر ايجابية اي اثرا على التطلع والعطاء بعد بلوغ تلك المرحلة العمرية؟ هناك من بين الاطباء والاعلاميين اثناء النقاش من يرى ان استبدال تلك المفردة بأخرى كمرحلة العطاء ما بعد توقف الانجاب انفع بكثير من استمرارنا باستخدام تلك المفردة المحبطة وان صحت. بل هناك من أشار الى استخدام مفردة التقاعد للموظف وكيف تحولت في ذهن الموصوم بمفردة"مت قاعد"إيذانا بالخروج من عطاء الحياة الى ترقب الموت على الرصيف او المقهى. إخوتنا في مصر لديهم مقولة جميلة تلخص الموقف وتقول "الملافظ سعد" اي الالفاظ تعكس ثقافة السعد والسعادة والإسعاد فقدم ما يسعدك وما يسعد غيرك. زميل مصري استغل الموقف وقال الاعلام صناعة باللغة والمفردات ولكن لا ينتقي ملافظ السعد منها. بل حتى الدراما الخليجية تحولت الى حياة سن اليأس من كثرة حجم الضغط النفسي المتولد من كميات التشاؤم والحزن والعنف وفقدان اللذة بالحياة.ليس الموضوع مقتصرا على ما هو اعلامي بشكل مباشر او غير مباشر، وانما المشكلة تكمن في اللغة المستخدمة في كل ما هو تربوي يرسخ ثقافة الاحباط. فالصغير الذي يكبر مع مفردات محبطة ستولّد بلا ادنى شك ثقافة محبطة في مرحلة عمرية. ولهذا نجد ان وزراء الصحة يلجأون الى وسائل الاعلام من اجل صياغة ثقافة سلوكية توعوية تستبق حدوث الامراض وبذلك تخف ميزانيات العناية بالمرضى. ومن هنا اعتقد ان الصحة والاعلام بحاجة الى تعاون تربوي لصياغة تلك الثقافة مبكرا، فإن زرعنا ثقافة سن الياس في عقول بناتنا مبكرا فسنحصد منهن اليأس في آخر حياتهن. ولعل بعض ثقافة التخلي المبكر من الرجال عن زوجاتهم بحجة سن اليأس مؤشر على تفكك او تصدع اسري يدفع ثمنه المجتمع لا الاسرة فقط. فكما ان النفوس اذا كلت عميت فان العقول ترسم صورا ذهنية محبطة . تقول احدى السيدات انا اعجب من هذه المفردة التي لا تزال تدرس للبنات اللاتي يؤخرن سن الزواج فيدخلن هذه العلاقة بفكر سن اليأس فتصبح الاسرة من نتاج تلك الثقافة. واخرى تقول انها مفردة رجالية يجب على النساء صياغة مفردات اجسادهن بانفسهن ولا تترك المسالة لجلافة رجل ربما لا يملك حسا في معنى وطعم الحياة في كل مراحلها. واخرى تقول إنها مفردة الحكم بموت المرأة التي حملت الحياة في احشائها لسنوات عدة.فمن استطاعت على حمل الاحياء في احشائها فهي الاقدر على ولادة لغة الحياة بعيدا عن حكم الرجال. فلنترقب ميلاد لغة النساء عن الصحة في إعلامنا الخليجي.