كلمتان بائستان ولن أقول حالتان ، فمسألة انقطاع الطمث عن المرأة مرحلة طبيعية من مراحل العمر، وكذلك تقدم السن بالنسبة للرجل، ولكن البؤس يكمن في المفردات التي نستخدمها لشرح الحالة ، والأمر عندما تجد هذه المفردات المحبطة تستخدمها بعض الكتب ووسائل الإعلام وكأنها كلمات علمية صحيحة . ما معنى سن اليأس ؟ قال الله تعالى ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ) وهنا واضحة الآية هي تعريف بالحالة البيولوجية للمرأة في سن معين ، أما ما نقصده نحن أثناء كلامنا فهو بعيد عن هذا المعنى، والدليل أن البعض حينما يغضب من امرأة ما يقول بنبرة اتهامية هذا وضع سن اليأس !! ماهو الرابط بين كلمة اليأس وانقطاع الطمث ؟ هل معنى ذلك أن النساء اللائي يعشن هذه المرحلة هن يائسات ؟ وإن كن كذلك فهن يائسات من ماذا بالضبط ؟ وهذا السؤال أوجهه بالذات للذين يستخدمون هذا اللفظ عندما يريدون تحقير المرأة وإهانتها، ماهي صور اليأس التي رأوها ليطلقوا هذه الجملة ؟! كيف نطلق على امرأة تتحرك وتنتج أياً كان نوع الإنتاج أنها تعيش سن اليأس ؟! كيف نردد على المريض القاعد عن الحركة كلمات الأمل والتفاؤل ليساعد نفسه في مواجهة الموقف بينما نستعملها بكثرة لحالة طبيعية سنها الله للمرأة ؟! حتى الأطباء يستخدمون مثل هذه الكلمات المحبطة والبائسة، تقول لي سيدة أراها في كامل حيويتها ونشاطها ووهجها الأنثوي اقتربت من هذه المرحلة إن طبيبة النساء تقول لها اقبلي الهزيمة بروح رياضية !! ما أتعسها من موظفة تعمل في مهنة الطب ، أي هزيمة سيجلبها توقف الطمث ؟الهزيمة الحقيقية أن ينتمي لأسمى مهنة موظفات بهذه العقلية، فلماذا اللوم على عامة الناس ؟ والرجل لم يسلم من سيل الكلمات البائسة فما معنى كلمة مراهقة متأخرة التي تطلق على الرجل خاصة حينما يتخطى الأربعين من العمر ، في الغالب هي كلمة تطلق بقصد الشتيمة أيضاً مثلما هو الحال بالنسبة للمرأة فهي لا تقال حتى نرى تصرفاً لا يعجبنا، ومسألة الرضى عن أفعال الآخرين من أبرز أسباب صراعنا مع بعض، فعندما نلحظ تغيراً على الرجل حتى لو كان تغيراً حميداً وبسيطاً ولكنه غير معتاد ممن حوله، أول قول يطعن فيه من الخلف أنه يمر بمراهقة متأخرة !! المعنى المبطن من كل التسميات البائسة علاوة على الشتيمة هو حرمان هؤلاء الناس من التمتع حتى بأبسط متع الحياة ، وأنا هنا لا أستبيح ارتكاب الخطأ (لعلمي أن البعض يمزج بقوة بين متع الحياة والخطأ )رغم أن الخطأ ليس مقصوراً على سن محدد، صحيح أنه يُفترض بالشخص كلما تقدم به العمر أن يكون أكثر اتزانا وذلك بسبب تراكم التجارب التي تصنع الحكمة التي تخفف أو تحمي من ارتكاب الخطأ ، ولكن علينا أن نفرق بين الحكمة والاتزان والخطأ الإنساني الطبيعي وحق الحياة ، وأن نتفهم احتياجات الآخرين التي تظهر بأفعال قد نراها نحن أخطاء ، كيف لنا أن ننسف حياة كاملة بكل مافيها بشتيمة مبطنة نسميها سن اليأس أو المراهقة المتأخرة، لو راجعنا أنفسنا لتأكدنا أننا لا نستخدم هذه الكلمات لوصف حالة بقدر ماهي لتقليل وتحقير فعل نراه أمامنا، وقاموس كلامنا العام مليء بالكلمات التي تستعمل لنفس الغرض ولو أردت عرضها لأخذنا الكثير من المساحة، مثلاً متى نستخدم ناقصات عقل ودين ؟!