أحسن الكاتب الصحفي الأستاذ محمد المنقري الصنع في إعداد وإخراج كتاب يوثق لتجربة الأديب والصحفي المعروف عبدالمجيد شبكشي بعد أن كاد هذا الجيل أن ينسى دوره الكبير في مسيرة الصحافة السعودية وجهوده الأدبية، وذلك بعد أن أصدر هذا الجهد في كتاب بعنوان (عبدالمجيد علي شبكشي.. رجل الأمن والصحافة والأدب) والذي تناول فيه سيرة هذا العلم وكتاباته الصحفية على مدى نصف قرن، إلى جانب ما كُتب عنه في الصحافة بعد رحيله عام (1411ه).. وقد جاء في مقدمة الكتاب (هذا الكتاب يتأمل مسيرة الشخصية الريادية والرمز الاجتماعي والأدبي الأستاذ عبدالمجيد شبكشي، والذي ظلت ذكراه باقيه في أذهان كثيرين من أبناء جيله وتلامذته الذين عملوا معه في صحيفة البلاد أو الذين أطلعوا على أدبه وعطائه الصحفي عبر سلسلة الكتابات والمشاريع الثقافية التي دعا إليها وسعى حثيثاً لإنجاحها). وقد ذكر ابناه فوزي وأسامة شبكشي في تصديرهما للكتاب (لقد كنت لنا المستشار الحكيم وصاحب الرأي السدسد والمستمد من طول الخبرة والتجربة ومعرفتك بالناس والحاية وتركت لنا حرية اختيار الحقل الذي نريده لمستقبلنا والذي سنؤدي فيه حق الولاء للمليك والوفاء والإخلاص للوطن). الكتاب تناول سيرة الكاتب الأستاذ عبدالمجيد شبكشي منذ ولادته بجدة عام 1338ه وتعليمه بمدرسة الفلاح ومشاركاته المبكرة في صحيفة صوت الحجاز وكذلك أعماله ومناصبه التي تقلدها منذ عمله الأول بإدارة البرق والبريد ومن ثم انتقاله إلى شرطة جدة متدرجاً في مناصبها حتى أصبح مديراً لشرطة جدة عام 1373ه. وفي الجانب الصحفي والأدبي رأس الأستاذ الشبكشي تحرير جريدة البلاد عام 1383ه، وشارك في العديد من الوفود الصحفية المرافقة للملك فيصل وكذلك رأس الوفد الصحفي السعودي في مؤتمر الصحفيين المنعقد بالكويت إلى جانب حمله وسامين الأول من ملك المغرب الحسن الثاني والآخر من الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، هذا وقد كرمته وزارة الثقافة والإعلام عام 1430ه في حفل تكريم رواد العمل الصحفي. تكتشف في سيرة الشبكشي لاسيما سنواته الأولى أنه عاش صباه يتيماً بعد وفاة والده في السودان، لكن مرارة اليتم جعلته يعتمد على نفسه في وقت مبكر من عمره فيلتحق بعد تخرجه من مدرسة الفلاح بالوظيفة وبداية عشقه للصحافة منذ أن أصدر مجلة خطية في المدرسة بعنوان (تحفتي) وشاركة في الكتابة بها الشاعر محمد حسن عواد والأديب عزيز ضياء والشاعر محمود عارف. كما يرصد الكتاب رحلته الأولى إلى القاهرة ودهشته من وفرة الصحف وتعدد المؤلفات الأدبية والفكرية وكذلك الأجواء الثقافية فاستفاد من هذه الذخائر ما جعله يتردد عليها بعد تقاعده من الوظيفة. ويلف الكتاب أن فترة رئاسة الأستاذ الشبكشي – رحمه الله – لصحيفة البلاد، استطاع أن يستقطب عدداً من الأصوات الأدبية الجديدة فقد نشر في تلك الفترة نصوصاً أدبية لسعيد السريحي وعلي الدميني وبدر بن عبدالمحسن وحسين الغريبي وفهد الخليوي مراهناً على بروز هذه الأسماء ونجاحها في عالم الأدب. لقد رصدت هذه السيرة للأديب الشبكشي ملامح هامة من مشواره في الساحة الثقافية سواء منذ اشتراكه في تأليف كتاب نفثات من أقلام الشباب الحجازي أو مشاركاته في مجلة المنهل أو دعوته لإنشاء مجمع لغوي وكذلك دعوته لترجمة عيون الأدب السعودي وإعداده لبرنامجين إذاعيين هما (عالم الأدب) و(مجلة المستمع). وقد حمل الكتاب أيضاً جمهرة من مقالاته التي دبجها الراحل الشبكشي في السياسة والاجتماع والدين والأدب مؤكدة تنوع اسهاماته الصحفية وأسلوبه المتميز ولم ينس الكتاب القصائد والمقالات التي رثت وأبنت الأستاذ الشبكشي رحمه الله حين رحل عنا عام 1411ه بأقلام كبار الأدباء والشعراء ممن تأثروا برحيله.