الذي يجري في لبنان مقدمة حرب أهلية تريد إشعالها سوريا وحزب الله وعملية افتعال مناوشات بالأسلحة بين السنّة والعلويين لم يأت بدون أوامر لحلفاء الطائفة من سوريا، وطبيعي أن يرسم السيناريو في تفجير لبنان، لأن الداخل السوري يفترض ذلك، ومع أن كل الطوائف لديها مليشياتها وأسلحتها واستعداداتها لخوض مثل هذه الحرب، فحزب الله يملك القدرة العسكرية التي تتفوق على ما يملكه الجيش اللبناني، لكن هل من مصلحته انفجار الوضع لصالح سوريا، وما هي التبعات اللاحقة للطوائف الأخرى، وما هو موقف الجيش، وهل سيدخل الفلسطينيون الحرب مع أو ضد طرف لصالح آخر؟! قد يحسم حزب الله ويسيطر على معظم لبنان، لكن هل يملك القدرة في المحافظة على هذا الانتصار، إن سميناه كذلك، وهذه المرة بمساعدة إيران من خلال القنطرة السورية التي قد يمر من خلالها العتاد والجنود. نعرف أن إسرائيل احتلت الجنوب ودخلت بيروت، وهي قوة تتفوق على معظم الدول العربية، ومع ذلك عجزت في البقاء على الأرض اللبنانية، لأن حروب الشوارع وتضاريس الجبال، والتحالفات التي تمت بين مليشيات الطوائف، لا يمكن لحزب الله أن يهيمن على أرض كل طوائفها مسلحة، لكن ما هي المصلحة المنظورة لسوريا وحلفائها؟ المهمة تستهدف ضرب حلفاء الجيش الحر، وتحديداً من السنّة، وهم الذين ظلوا الحلقة الضعيفة بين الطوائف المسلحة الأخرى، لكن يبدو أن تجربة الحرب الأهلية الماضية علمتهم ضرورة الاستعداد لأي مفاجأة، وما أكثرها في لبنان، والخوف ليس فقط من هذه الطائفة ودعمها لطرف يحارب النظام السوري، وإنما ما سيلحق ذلك من وجود قدرة سنّية وربما مسيحية تعزز سلطة ما بعد الأسد، وتشكل محوراً يخل بالوضع اللبناني وتوازن القوى فيه، وكذلك سوريا ثم العراق ليكون بديلاً عن الحلقة الشيعية التي كانت تريد تطويق هذه الدول.. الحرب الأهلية الماضية شهدت تدخلات من قوى أوروبية وأمريكية وإسرائيلية، ودعم عربي وإقليمي، فهل لو قامت حرب أخرى نرى نفس الأحداث، وخاصة إسرائيل التي ترى في حزب الله خطراً على أمنها، بحيث لو دخل الحزب في عمق الأزمة ودخلت قواته خارج دائرته في الجنوب أن تستغل إسرائيل هذا الوضع وضربه بحيث تضعف قدراته، تبعاً لما تقول عن ضربة قادمة تقوم بها لإيران؟ الحسابات في لبنان مثيرة ومعقدة، فهو ميدان لكل المفاجآت لكن لو حدثت حرب جديدة، فالمؤكد أنها لن تكون داخلية، لكنها ستكون الأداة التي تقوم بأدوارها، ولن يتمكن الجيش من فك أو منع مثل هذه الحرب طالما تركيبته الخاصة طائفية، وهو مأزق عرفنا كيف حاول تجنب الدخول في الاشتباكات في طرابلس خوفاً من التورط بين الطائفتين، وفي العموم لبنان يظل البلد القابل لأي تطور سلبي ما دام وحدته الوطنية بهذه الهشاشة..