إذا كان التاريخ الوحداوي يفتخر بتتويج فريقه كأول أبطال مسابقة كأس الملك عام 1377ه فإنه يعتز بكوكبة نجومه الذين سطروا أجمل انتصاراته في تلك الفترة وفي مقدمتهم قائدهم العملاق الراحل عبدالرحمن الجعيد (رحمه الله) بجانب حسني باز (رحمه الله) والحارس فلمبان وسليمان بصيري ولطفي وسعيد لبان ونجم الوسط حسن دوش الذي نتحدث عن بعض جوانب مسيرته الرياضية منذ حقبه سبعينيات القرن الهجري الماضي. «مريخ مكة» بدايته يقول شيخ المعلقين ورائد النقاد الرياضيين الأستاذ محمد رمضان (83 سنة) عن هذا النجم الوحداوي الكبير في حديث خاص ل «الرياض»: بدأ حسن دوش يلعب الكرة بنادي المريخ بمكةالمكرمة وهو ناد كان يملكه وينفق عليه الشيخ عبدالله غزاوي (رحمه الله) وكان معه جيل من اللاعبين المهرة أذكر منهم (أيم) وعزيز مفتي وأخاه خالد مفتي ومجموعة أخرى من اللاعبين البارزين مثل (دورو) وهو لاعب سوداني تألق مع الوحدة وانتقل لصفوف شباب الرياض في السبعينيات الهجرية. ويضيف الرمضان: يمتاز حسن دوش بعشقه للكرة حتى اليوم وقد تخطى التسعين عاماً حيث كنت أراه يغادر منزله إلى حي العزيزية ويشارك الفرق الشعبية في اللعب لبضع دقائق وكان يمتلك مهارات فنية رائعة لم أشاهدها في أي لاعب سعودي منذ عرفت كرة القدم.. وهذه حقيقة حسن دوش لاعب مهاري من الطراز الأول ومحبوب من الجميع لأنه لا يتدخل في شؤون أحد ولا يبدي رأياً معارضاً أو ينتقد أحداً رجل مسالم جداً ومؤدب إلى أبعد الحدود. جزاء سنمار! مع الأسف لقي من الوحداويين جزاء سنمار!! وبالذات من إدارة النادي في عهد الأستاذ عبدالله عريف (رحمه الله) في الثمانينيات.. فهو لاعب من أسرة فقيرة ولهذا السبب لم يستطع اكمال تحصيله العلمي فقد خرج للحياة الرياضية مبكراً وترك التعليم خلف ظهره وكان لديه آنذاك سيارة يستخدمها في ايصال بعض الطلبة والطالبات إلى مدارسهم بمقابل مادي يساعده في تدبر أموره الحياتية وفي أحد الأيام احتاجت سيارته تغيير إطاراتها الأربعة وطلب من الإدارة الوحداوية مساعدة مادية بسيطة لا تتجاوز ألف ريال لاستبدالها فرفضت مساعدته ولم يقف معه من أعضاء تلك الإدارة غير الأستاذ الشريف محمد بن شاهين (رحمه الله) وكان أمين عام النادي آنذاك وكانت وجهة نظر إدارة عبدالله عريف أن تلبيته طلب الدوش ستفتح باب طلبات أخرى للمساعدة من اللاعبين وكان أكثرهم لاعبين فقراء وأتذكر أن جمهور الوحدة كان يصفق للدوش في التمارين والمباريات ويهتف له بالقول: (على الشاهي.. عجب يا دوش)!! أبهر المصريين بنجوميته ويتذكر الرمضان أجمل مباراة لعبها حسن دوش مع الوحدة في النصف الثاني من السبعينيات الهجرية حين جاء منتخب وزارة الصحة المصرية للمملكة ولعب مع الوحدة وكان في صفوف الفريق الضيف نخبة من ألمع نجوم الكرة المصرية في ذلك الحين أمثال المايسترو صالح سليم والضضوي وكلف حسن دوش وكان يلعب صانع ألعاب في الوسط بمراقبة الضضوي ونجح في مهمته وألغى خطورة النجم المصري الكبير واستشاط الضضوي غضباً بلغ به في النهاية قيامه بأخذ حفنة من تراب الملعب وحثاه على وجه حسن دوش الذي قابل الموقف بابتسامة الواثق وكان دائم الابتسام وانتهت تلك المباراة لصالح الأشقاء المصريين (6-4) واعتبرها نتيجة مشرفة وانتصار كبير للكرة السعودية ذلك أن المنتخب الذي ضم عدد من نجوم الكرة المصرية استطاع الفوز على اتحاد جدة في المباراة التالية بنتيجة (7-صفر) شيخ المعلقين محمد رمضان تألق في صفوف الاتحاد لكن هذه المباراة للأسف لم تحرك مشاعر إداريي الوحدة وهم يرفضون تلبية طلب مساعدة حسن دوش ولو كنت مكان المرحوم عبدالله عريف لقدمت للدوش سيارة وليس أربعة (كفرات).. وأقول ذلك لأن الاتحاديين استغلوا هذا الموقف بعدما عرفوا بما حدث له مع إدارة الوحدة وسعوا لاغرائه بالانتقال لصفوفهم خلال الفترة الحرة ونجحوا إذ كانت فترة الانتقالات آنذاك خلال النصف الأول من شهر رمضان المبارك ولم يستجعل الدوش في الانتقال إذ ظل ينتظر اتصال الوحداويين لتلبية طلبه وعندما ايقين صدهم وقع للاتحاد في آخر يوم لمهلة الانتقال، وأتذكر أنه لعب مع العميد أول مباراة أمام الوحدة وانتهت لصالح الاتحاد بنتيجة ثقيلة (6-2) وسجل فيها حسن هدفاً رغم أنه لاعب وسط ومهتمه صانع ألعاب وعض الوحداويون بعدها أصابع الندم، وعندما انتهى موسمه الأول عاوده الحنين لبيته الأول فعاد للوحدة وسجل من جديد وأتذكر أنه كان قبل ذلك أحد نجوم الوحدة في كأس الملك الأول التي كسبها فرسان مكة أمام الاتحاد (4/صفر) عام 1377ه ولعب ضد الهلال في كأس الملك 1381ه، ولعب في كأس الملك 1386ه الذي كسبه الوحدة أمام الاتفاق بملعب الصايغ بالرياض (2-0). أبدع مع المنتخب في بيروت والدار البيضاء وعلى مستوى المنتخبات مثل الدوش المملكة في البطولة العربية بلبنان عام 1377ه وبالدورة العربية أوائل الثمانينيات الهجرية بالدار البيضاء ضعف في حاسة السمع وعن حياته الخاصة ذكر رمضان أن حسن دوش تزوج متأخراً في عقده السادس ولديه اليوم عدد من الأبناء يصطحبهم معه دوماً للملاعب ويقول: «إن شاء الله واحد من أولادي يطلع لاعب ذو قيمة».. وصدق من قال «ومن الحب ما قتل»!! واستطرد الرمضان بعدما تقدمت به السن ضعفت حاسة السمع لديه وفقدها اليوم وعندما التقى به يخرج من جيبه ورقة ويقول لي: «أكتب لي ما تريد فأنا لا أسمع». وحقيقة استغرب من أبناء الوحدة في مكةالمكرمة ويملكون الملايين ولم يبادر أحد منهم بنقله للعلاج في مستشفى خارجي أو داخلي من معضلة الصمم التي يعاني منها حالياً. وجيل لاعبي اليوم بصراحة إذا رأوا ما يحصل من جحود للاعبي الأمس اعتقد أن من حقهم أن يتدللوا ويساوموا أنديتهم فالحياة مادة قبل كل شيء! حسن دوش نجم الوحدة والاتحاد السابق 1377ه الدوش (يسار) بشعار الاتحاد 1383ه.. (مجموعة منصور الدوس)