لم تكن كرة القدم مثار اهتمام المجتمع في بلادنا قبل نصف قرن بالشكل الذي نعيشه اليوم، غير أن نجوما أجبروا «اللامبالاة» من قبل كل طبقات المجتمع أن يتابعوا إبداعاتهم، والجيل الوحداوي القديم ظل «نغما» يحاكي الأجيال الوحداوية المتعاقبة على مر السنين، فظل ذلك العقد «الفريد» من اللاعبين مثار مثل لكل القادمين واللاحقين، بصيري، دوش، سعيد لبان، صباره، كريم، الجعيد. وضيفنا اليوم واحد من لآلىء ذلك الجيل الذهبي، إنه العم سليمان بصيري، المدافع الفذ، وأحد من أثروا تنهدات الجماهير الوحداوية، والرقم الصعب، حينما يلتقي رفيقا الدرب (الوحدة، والاتحاد) إذ تتسلط الأضواء على هذا الثنائي (بصيري والغراب) ويظل المتابع هنا وهناك يلحظ لقاء آخر بين هذين النجمين، وفي الغالب ظل البصيري سيد هذه المناوشات، والرابح الأكبر. غصنا معه في تاريخ الزمن الوحداوي، وتلك الحقبة المهمة من تاريخ الكرة السعودية، وتاريخ الوحدة، حيث يقول «بدأت مزاولة كرة القدم من سوق الليل مولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه (وهو موقع لا يعرفه أبناء الجيل الحالي)، حيث كنت أتدرب هناك، وكنت شغوفا بلعبة كرة القدم، وكنت أتمتع بمهارات عالية، وقد لاحظ العم درويش دوش موهبتي، وقام بتسجيلي في نادي الوحدة، وهو عم ثعلب الوحدة حسن دوش، وكان رئيس الوحدة آنذاك هو أحمد قاروت. • فتشنا بين سطور الماضي وقرأنا أن عروضا للعب قدمت لك لتبتعد عن الوحدة؟ لم تكن عروضا، وإنما كانت (إغراءات) يسيل لها اللعاب في تلك الفترة، لكن عشقي لنادي الوحدة جعلني أرفض كافة المحاولات والإغراءات واستمر إلى جوار عشقي للنادي الوحداوي، وقدمت أجمل مالدي، حتى تمكنت من تحقيق بطولتين وأنا قائد لفريقنا الحبيب (الوحدة) واعتزلت الكرة بشعار الوحدة. • لعبت في غير مركز .. ولكن ما هو المركز المحبب لك؟ لعبت في جميع المراكز، وهكذا كان اللاعبون في ذلك العهد، ولا يمكن أن يرفض اللاعب توجيهات مدربه، ولكنني كنت ارتاح أكثر في اللعب في مركز قلب الدفاع، إلى جوار لطفي لبان، وكنت أجيد القيام بدور (المساك) حتى أنه في مبارياتنا المثيرة أمام المنافس التقليدي للوحدة (الاتحاد) كنت أقوم بدور المساك للمهاجم الخطير سعيد غراب، وكنت أنجح في المهمة بجدارة، حتى أن جماهير الوحدة كانت تردد (يا غراب .. فيك البصيري) وكانت تردد هذه الأهازيج من مدرجات ملعب ساحة إسلام بعد الفوز على الاتحاد أو الفوز في أي مباراة أخرى، وكانت الذكريات جميلة لا تنسى. • لو كنت تلعب في هذا الزمن وعرض عليك الانتقال ماذا تفعل؟ الإغراءات صعب التصدي لها، وهذا زمن الاحتراف، وليس للولاء مكان عند البعض، والاتجاه الحالي يجبر اللاعب أن يترجل من موقعه للموقع الأفضل، ولكني كعاشق وحداوي حتى النخاع وولائي لشعار الوحدة كبير رفضت كل الإغراءات التي يسيل لها اللعاب في ذلك الوقت، حيث عرضت عليّ عدة عروض من أبرز الشخصيات في البلد مثل الأمير عبدالرحمن بن سعود يرحمه الله الذي عرض عليّ أن انتقل للعب في نادي النصر على أن ينقل وظيفتي في كتابة العدل إلى الرياض بمرتب كبير جدا ومزايا ويقوم بنقل أبنائي إلى مدارس الرياض، لكنني رفضت عرض سموه لعيون الوحدة وأصريت على أن أعتزل بشعار الوحدة. • من هي الشخصية الرياضية التي لها أثر في مشوارك الرياضي؟ للحقيقة رائد الرياضة السعودية الرمز الكبير صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل بن عبدالعزيز (يرحمه الله) حيث دعمني كلاعب، وساهم في تكويني التدريبي من خلال ابتعاثي لمصر وتونس لدورات تدريبية، ويشهد أبناؤه على أن سمو الأمير عبدالله الفيصل كان له الفضل الكبير بعد الله عز وجل عليّ وعلى الكثير من اللاعبين، أسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته. • هل ما زلت تمارس الرياضة؟ طبعا فأنا لم أنقطع عن الرياضة، والإنسان لايستطيع الاستغناء عن الرياضة أبدا، فبعد أن اعتزلت لعبة كرة القدم واصلت ممارسة الرياضة في بعض الألعاب الأخرى ثم اتجهت للتدريب، وكنت أمارس الرياضة من مركزي كمدرب، والآن أنا لازلت أمارس رياضة المشي ولله الحمد وأسعى بجدية للحفاظ على عدم زيادة وزني. • هل لا زلت تتذكر لحظة تسلمك أول كأس ذهبية لنادي الوحدة من يدي الملك فيصل يرحمه الله؟ وكيف لي أن أنسى تلك اللحظات، فهي لم تفارقني على الإطلاق منذ 55 عاما، ومن الصعب أن أصف مشاعري حينها، فالفرحة لاتزال عالقة في قلبي وفكري أتذكر تلك اللحظات السعيدة وكأنها حدثت قبل أيام .. أتذكر فرحة الجماهير الوحداوية .. وفرحة أهالي مكةالمكرمة شباب وشابات رجالا ونساء شيوخا وأطفالا الكل كان سعيدا بذلك الإنجاز، أتذكر فرحة كأس الملك الذي طفنا بها كافة شعاب مكةالمكرمة، حدث ذلك في عهد الرئيس كامل أزهر عام 1377ه، أي قبل 55 عاما .. كانت فرحة كبيرة، لأننا حققنا أول كأس، وكان الهدف تحقيق الكأس منذ بداية الموسم والمكافآت كانت 500 ريال ومجموع المكافآت 3000 ريال ولكن تلك الفرحة لم تكن تقدر بالملايين. خسارة النهائيات • كم هي المرات التي وصل الوحدة للنهائي؟ وما سبب خسارة النهائيات؟ وصلنا (14) مرة إلى النهائي، كان آخرها في هذا الموسم أمام الهلال في نهائي كأس ولي العهد الأمين، والسبب في الهزائم المتكررة في النهائيات هو العامل النفسي ورؤساء الوحدة على مدى 40 عاما. • في عدة مقابلات ذكرت بأن الوحدة تأسس قبل نادي الاتحاد هل هذا صحيح؟ نعم الوحدة تأسس قبل نادي الاتحاد، وكان اسم نادي الوحدة (فريق الحزب) ولكن غلطة رئيس النادي أحمد قاروت وأعضاء مجلس إدارته وسالم سجيني وإبراهيم سجيني وحسين بوقس في عدم تسجيل النادي في ذلك التاريخ أحدث المشكلة وغيب الحقيقة، والدكتور أمين ساعاتي (هداه الله) لم يقل الحقيقة عندما ذكر بأن نادي الاتحاد هو عميد الأندية السعودية، والحقيقة أن نادي الوحدة هو عميد الأندية السعودية، وهنا أوجه الشكر الجزيل للأستاذ العزيز غزالي يماني الذي أوضح الحقائق للدكتور أمين ساعاتي فله الشكر الجزيل مني ومن كافة الوحداويين. • ولماذا انتقل الكابتن حسن دوش للاتحاد؟ قصة انتقال حسن دوش للاتحاد كانت بسبب كفرات للسيارة، وبعد أن ضحى بالانتقال للأهلي طلب تغيير كفرات سيارته، ولم يوافق رئيس الوحدة فانتقل للاتحاد بعد أن أكرمه رئيس الإتحاد يوسف الطويل، وهزم الوحدة بأربعة أهداف بمعدل هدف عن كل كفر، وأنا هنا أقول إن ضياع الوحدة وابتعادها عن تحقيق البطولات منذ أكثر من 40 عاما كان ولايزال بسبب الرؤساء الذين تعاقبوا على رئاسة الوحدة بداية بمحمد سالم غلام الذي رفض إعطاء حسن دوش أحد أبرز لاعبي كرة القدم المميزين أربعة كفرات سيارة ليرد حسن دوش على رئيس الوحدة بأربعة أهداف بعد أن ارتدى شعار الاتحاد ومرورا بكافة الرؤساء الذين جلسوا على كرسي الوحدة الساخن بعد عهد كامل أزهر وعبدالله عريف الزاهرين إلى هذا العهد، والكل يعرف كيف خسر الوحدة العديد من البطولات بسبب بيع عقود أبرز نجوم الوحدة وآخرهم ناصر الشمراني وأسامة هوساوي وكامل الموسى وكامل المر والمحياني، وأنا متأكد لو أن هولاء النجوم الكبار في الوحدة حاليا لما غادرت كأس سمو ولي العهد مكةالمكرمة ولكن!!.