نحن في حي الفلاح (الغلبان) الواقع شمال العاصمة الرياض نعيش في مأساة ما بعدها مأساة سنوياً ومع كل فصل صيف نعد العدة، نتيجة الانقطاع المستمر للمياه رغم الشكاوى والاتصالات التي تقابل بالوعود الرمادية. في أواخر التسعينيات الهجرية، كانت بدايات كتاباتي على الخفيف، وقد لاحظت وقتها مقالاً كتب في هذه الجريدة باسمي، يشكي كاتبه حال مدينة (البكيرية) بالقصيم ومعاناتها من نقص المياه، كتب المقال بعنوان: (عطاشى والمية بلاش) حينها (عضيت ثوبي) وتوجهت للجريدة وأبلغتهم بهذا الانتحال غير المبرر رغم أن محتواه حق مطلوب، ما علينا خاصة وهذه السالفة قد انتهت في وقتها، لنكون مع حي الفلاح – العطشان - ومعاناته الأزلية والمزمنة مع انقطاع المياه، كتبت في هذه الجريدة وغيرها مراراً وتكراراً عن هذه المشكلة المزمنة وقمت بمهاتفة معالي وزير المياه والكهرباء وشرحت له معاناة أهل الحي، وقلت له بالحرف الواحد، إن المشكلة لا تعدو كونها مفتعلة قولاً واحداً، وراءها من وراءها من سماسرة الأشياب والصهاريج، ولست وحدي من أهل الحي الذي قام بهذه المهمة، بل إن الكثيرين قابلوا معالي الوزير وقابلوا المسئولين في محطات الشمال ولكن دون جدوى. وكذا( الشركة الوطنية للمياه ) التي كثيراً ما خدرنا مسئولوها بالوعود البراقة التي ذهبت أدراج الرياح مع البدلات التي تنعم بها هذه الشركة بعد تخصيصها، تقتاتها من أرزاق المواطنين، من خلال (الغرامات)التي يتسابق(المراقبون ) على تحصيلها، نتيجة تسرب كأس ماء من أسفل الباب، يا جماعة الربع هم لا يفرقون بين مائهم ومائنا، بين ماؤهم المنقطع على الدوام، وماؤنا الذي جلبناه بأموالنا الطائلة وهو المر (الشري) الذي نحصل عليه من آبارنا الإرتوازية، كي نسقي به حدائقنا وننظف به أحواشنا، أو بشرائه من سماسرة الصهاريج والأشياب لنشرب منه ونغتسل، يقولون ما علينا من بربرتكم ، نحن مكلفون بهذه المهمة، لرفع رصيد الشركة. أدعو هيئة مكافحة الفساد لزيارة محطات استقبال طلبات صهاريج المياه خاصة في أحياء الرياض، ليشاهدوا المعاناة وأفراد الشرط الذين يساهمون في فك الخناق والملاسنة الذي تفتعله هذه الشركة، لدي قناعة تامة أن أزمة المياه التي تشهدها بلادنا في صيف كل عام ، هي أزمة مفتعلة لا غير، أتذكر كلام معالي الوزير الحصين في تصريح سابق له قبل مدة، أن هذه الأزمات التي نشهدها، ستكون في ذاكرة التاريخ، وهاهي الأزمات تتأزم وتتفاقم. مخرج(7)في الدائري الشمالي للرياض يوجد في ركنه الغربي الجنوبي، منهل يحوي أرتالاً من الصهاريج المزعجة لحي التعاون، يصله الماء من المنطقة الشرقية عن طريق التحلية (حكومي بحت) يباع على هذه الصهاريج بثمن بخس، ثم يقوم أصحاب هذه (الصهاريج) باستغلال هذه الأزمات المفتعلة ورفع أسعارها بشكل مخيف دون رقيب ولا حسيب وبمباركة من الشركة الوطنية للمياه، يا ترى من المسئول؟ ويا ترى من المستفيد؟. الدولة أعزها الله تبذل أموالاً طائلة في سبيل توفيرها للمواطنين بثمن بخس وهذا أكبر دليل على حرص القيادة الرشيدة على راحة المواطن، لكن المشكلة أقولها ورزقي على الله (إدارية بحتة). الدولة حرسها الله لا ترضى بهكذا تصرف! بل تمقته وتحيل أصحابه للمساءلة، لا تجامل كائناً من كان على حساب مصلحة المواطن والوطن، وحتى لا أكون أنانياً، أقول إن أزمة انقطاع المياه ليست مقصورة على حي الفلاح، بل هي عامة لأحياء الرياض، كما أنها ليست مقصورة على الرياض وحدها ، بل كثير من مدن ومحافظات المملكة تعاني المشكلة ذاتها، كل ذلك من خلال ما نسمعه ونقرأه في الصحف المحلية من معاناة يندى لها الجبين، مما يتطلب التدخل السريع والحازم لحل هذه المشكلة المتفاقمة...ودمتم بخير.