عندما يكون المصاب جللاً، وعندما يكون الفقيد عظيمًا، بحجم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، نتذكر عندها ما قدمه هذا الفقيد الغالي للدين والوطن، فنقول: "إنا لله وإنا إليه راجعون". الراحل الكبير نايف بن عبد العزيز، إنما غاب ليحضر أكثر، وتوارى عن الأنظار، لكي يتشكل كل يوم في ذاكرة الوطن، قيل الكثير عن الأمير نايف -رحمه الله- وسيقال الكثير عنه، وسيبقى ما يقال عنه. كانت حياته حافلة بالعطاء والخير، وجاء مرضه ليكفر عنه ليلقى وجه ربه راضياً مرضياً، هكذا علمنا الرسول عليه الصلاة والسلام. يحضر الرجال العظام في تاريخ الشعوب والأمم شهباً مضيئة تبدّد الظلام، وتحارب الأوجاع والداءات، وتشيع الأمن والنمو والتنمية، تصنع المستقبل على أسس راسخة من مضامين الدولة العصرية الحديثة التي تكفل للمواطن العدالة، والأمن، والتنمية الشاملة، وتعطي للعالم مساهمة ومشاركة في إرساء مفاهيم السلام، والتعاون، والعمل من أجل البشرية، فإذا غادروا تبقى رسالتهم إشعاعاً ينير الدروب. لا يمثل الأمير نايف مجرد شخصية قيادية رسمية، وذات تاريخ إداري حافل بالإنجازات وحسب، بل يمثل شخصية ذات حضور شعبي طاغ، من خلال كل الصفات والألقاب التي حصدها الأمير نايف طيلة مسيرته كانت صفات قادمة من الناس بمختلف شرائحهم ومن مختلف المناطق، فقد أسس سموه شخصية غاية في الاقتراب من الناس، تولى - رحمه الله - العديد من المناصب والمهام، من أبرزها رئاسته الفخرية لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي تم من خلاله إقرار العديد من المشاريع والاتفاقيات الأمنية بما يخدم أمن الإنسان العربي، وقاد معركة ضد الإرهاب ونجح قي القضاء على خلاياه الإجرامية، وباتت تجربة المملكة في استئصال شأفة الإرهاب وبرنامجها في المناصحة، مصدر إعجاب وتقدير العالم. هكذا هي الحياة يغادرنا العمالقة فيها بصمت، وبشكل مفاجئ بعد أن يقدموا للوطن والإنسان ثراء من العطاء والعمل والتضحيات والنضالات التي أسهمت في بناء هذا الوطن. لا أجد ما أواسي به نفسي، أو أواسي به كلَّ مَن لديه قلب ينبض، من صغير أو كبير، أو ذكر أو أنثى، لأعزيهم في وفاة رمز من رموز هذا الوطن، فقيدي وفقيدكم، وفقيد العالم أجمع الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته. لقد ودعنا والدًا وقائدًا ورجلاً مخلصًا قضى جل حياته في خدمة الإسلام والمسلمين، وحمل على عاتقه رسالة عظيمة عمل على أدائها حتى وافته المنية، فرحمه الله، وألهم أهله وذويه والشعب السعودي وكل من فقده الصبر والسلوان. * الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة القفاري