يا موقدين النار جوكم مسايير ناسٍ دعتهم ناركم توقدونه(1) سلام مني فالكم يا المناعير سلامٍ أحلا من روايح مزونه وان كان سلتوا يا رجال المخاسير عن حالتي فالحال مني ترونه أهجل كما تهجل خلوجٍ على ضير وابكي بكى اللي وهقنه ظنونه على الذي ما قط ذير ولا ذير وحش الحمى دونه رجال ايحمونه ابو ثمانٍ واضحاتٍ مغاتير غروٍ يغذي بالشمطري قرونه مأكولها تمرة شثاثا وابا القير(2) وشربه حليب مبردٍ في صحونه ما وقفت تمشي بسوق الحواضير لبسه طربزونٍ (3)تخثع اردونه وبيني وبينه فرقتنا المقادير(4) وكم واحدٍ بيديه يطرف عيونه وجدي عليها وجد من طاح بالبير خم الرشا وحال ازرق الجم دونه او وجد من صكت عليه المشاهير وازروا هل العادات لا يظهرونه أو وجد راعي هجمةٍ به خواوير حال الرمك ومصطر الغوش دونه أمس الضحى عندي بوسط المقاصير واليوم عني مبعداتٍ اضعونه على أشقحٍ خلف السبايا المظاهير يتلي قطيعٍ مغترٍ مثل لونه يا الله يا منشي السحاب المزابير تجبر عزا اللي كاثراتٍ اشطونه الشاعر: هو الشيخ مشعان بن مغيليث بن هذال من قبيلة العمارات من عنزة ذاع صيته بالفروسية والشعر له قصائد مقترنة بمواقف يتناقلها الرواة كان بينه وبين بعض شعراء عصره مراسلات منهم شاعر الأحساء ابو عنقا ونمر ابن عدوان، أمتاز شعره بقوة السبك ودقة التصوير ومن ذلك قوله: المرجله حبله طويلٍ وممدود أكود من تقصر عن الما حباله واللي قصره حبله ماهو بمزيود كم واحدٍ هفا مقامه فعاله يا العبد لا يطغيك بنفسك الزود دنياك مثل الظل عجلٍ زواله والله لو تعطي مواثيق وعهود خوانةٍ ما يأمن العبد جاله عاش شاعرنا في صحراء نجد ومات في الشماسية من أرض القصيم في شوال سنة 1240 ه. ذكره ابن لعبون في تاريخه وفصل ذلك ابن بشر بقوله"وقتل مشعان في مجاولة الخيل قتله فارس من عسكر الترك..". مناسبة النص: جاء في تقدم النص في مخطوط الربيعي".. وأسبابها أن لمشعان زوجة يودها مودة عظيمة فصار بينهما سوء تفاهم فراحت لأهلها زعله فلما فقدها من البيت تكدر وكثر تفكيره وهجر منامه فلما كان في ليلةٍ من الليالي وهو يتمشى إذ لاحت له نار فقصدها فلما اقبل عليهم انشد هذه الأبيات.." أقول وهذا الأقرب للصحة فبعض الروايات يجعل أسباب أخرى بل منهم من يخلط بينها وبين قصة عرار بن شهوان آل ظيغم مع زوجته عميره الراشد. دراسة النص: ورد النص في كثير من المصادر ويختلف في بعض المفردات وعدد الأبيات وترتيبها من مصدر لآخر وهي سمه غالبه لقصائد الشعراء في القرون السابقة والتي يتناقلها الرواة وتدون دون تمحيص.وقد بدا الشاعر قصيدته مخاطباً قوماً أوقدوا ناراً وجلسوا حولها وان هذا الضوء قد جذب الشاعر لهم فأتى مسلماً وبسؤالهم له عن حاله يخبرهم بأنه كما يرونه يسير هائماً على وجهه لا يستقر له قرار مشبهاً حالته تلك بحال الناقة المضطربة التي لا تكف عن الحنين بعد أن ذبح حوارها وحشي في جلده العشب وغيره ليوهمونها بوجوده،وانه يبكي حسرة وألماً كبكاء من فقد عزيزاً لم يكن يخطر بباله أن يفقده وأن حالته تلك بسبب الفتاة المصونة التي يصعب الوصول لها ذات الابتسامة البيضاء الرائعة التي رضع الطيب النفيس في جدائلها وتجلب لها المأكولات اللذيذة من بعيد وهي ليست بحاجة الى أن تتسوق من الأسواق حشمة وصيانة لها وملابسها طويلة الأكمام من الأقمشة الثمينة التي تجلب من طرابزون، ثم يذكر أن الأقدار باعدت بينهما بسبب تصرف خاطئ من الشاعر نفسه مشبهاً فعله كمن يضع أصبعه في عينه ثم يتوجد على تلك الحبيبة مشبهاً شعور الفقد الذي يعيشه بشعور الغريق الذي لا أمل له في النجاة أو شعور المقاتل الذي أحاطوا به الأعداء من كل جهة ولم يستطع فرسان قومه أن يستنقذوه منهم وبالتالي فقد الأمل بالسلامة،أو شعور صاحب الإبل الذي أخذها منه الأعداء وهو يشاهدهم عاجزاً وقد حالوا بينها وبينه،ثم يتذكر الشاعر متحسراً بأنها حبيبته كانت بالأمس عنده وقد أصبحت اليوم بعيدة في هودجها يحملها جملا ابيض خلف قطعان الإبل البيضاء اللون كبياض بشرتها ويدعو الله أن يمنحه الصبر على هذا الفراق. الهوامش: 1-عند الحاتم:ولهٍ على ضيانكم توقدونه.وعند الفهيد:ناسٍ دعتهم ناركم تشعمونه.ويأتي بعده مباشرة هذا البيت: حطوا حطب حطوا على النار تكسير إلا سمي الترف لا توقدونه وأن صح نسبة هذا البيت فيكون اسم معشوقته هي (طرفه)نسبة إلى شجر الطرفاء الذي يكثر منه الدخان عندما يستخدم حطباً. 2-شثاثا:من مدن العراق تشتهر بالتمر،ويرد عند الفهيد :ماكولها وارد شثاثا الى الدير. 3-طرابزون:نوع من الأقمشة الغالية يجلب من مدينة طرابزون التركية ويقصد الشاعر هنا أنها من بنات الشيوخ اللائي يخدمن ويجلب لهن الغالي.وجاء عند الفهيد: ما وقفت بالسوق سوق العطاطير ولا لمحت للي رضى بالمهونه. 4- في بعض الروايات يرد:أنا وخلي فرقتنا المقادير. مخطوط قصيدة مشعان