الابتعاث برنامج تنموي بهدف تعليمي ثقافي فكري متطور لتقديم فرص أكبر للطلاب والطالبات السعوديين للتعلم في أرقى الجامعات العالمية والاطلاع على ثقافات مختلفة، لذلك فبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث فكرة مستقبلية للاستثمار في الإنسان السعودي سواء كان ذكراً أو أنثى، وما ينتظره المجتمع من هذا البرنامج هو الخريجين في كل التخصصات ذات الارتباط بالتنمية في مجتمعنا. البرنامج يجب ألا يحتمل تأويلات مختلفة تبعده عن هدفه التنموي والعلمي ولذلك تأتي نتائجه على شكل خريجين يحملون المعرفة والمهارات من جامعات العالم ليعودوا من تلك الدول ليساهموا في منظومة التنمية لهذا الوطن. البرنامج يجب ألا يحتمل تأويلات مختلفة تبعده عن هدفه التنموي والعلمي ولذلك تأتي نتائجه على شكل خريجين يحملون المعرفة والمهارات من جامعات العالم ليعودوا من تلك الدول ليساهموا في منظومة التنمية لهذا الوطن. خادم الحرمين الشريفين حفظه الله أسس في سابقة فريدة منهج التنمية المجتمعية والثقافية ومنها على سبيل المثال فكرة الحوار الوطني وفكرة الابتعاث وفكرة جامعة الملك عبدالله وفكرة المدن الاقتصادية وتطوير التعليم وافتتاح المزيد من الجامعات السعودية..الخ من الأمثلة التنموية ذات البعد الاجتماعي حيث التركيز على الإنسان وهذا الاتجاه نحو بناء الإنسان هدفه نقل المجتمع وثقافته إلى مراحل متقدمة من التحضر الفكري والثقافي المتوافق مع قيم هذا المجتمع ومرونة ديننا العظيم في استيعاب كل ما هو مفيد للبشرية. هذه المنظومة من مسارات التنمية الثقافية والاجتماعية لابد وان تكون متكاملة في نسق عام يحيط بالمجتمع، فكما الثقافة بحاجة إلى تطوير فالإنسان بحاجة إلى فرصة تربوية لإحداث ذلك التغيير وهذا اقل ما يمكن أن يقال عن برنامج خادم الحرمين للابتعاث فوجود أكثر من مائة وخمسين ألفاً من أبنائنا الطلاب والطالبات في جامعات العالم يجب أن لا يثير لدينا سوى مشاعر الفرحة والشكر والتقدير للوطن وقيادته لأنه لا يوجد في العالم دولة تضاهي هذا الوطن بهذا البرنامج العظيم. إن طرح التأثيرات السببية حول هذا البرنامج من قبل الكثيرين في المجتمع ووصم البرنامج بأنه تسبب في مؤثرات سلوكيه وأخلاقية سلبية أو غيرها على الطلاب فهذا تعبير عن تسلط فئات تستثمر دورها الأيديولوجي في المجتمع لكسر عجلة التطور والتغيير تحت فرضية التأثير من تلك الفئات على المجتمع، بل انه يعكس رغبة الكثير من تلك الفئات للوقوف بوجه المجتمع عن مسارات التطور والتنمية العلمية، بل إن الهجوم على البرنامج إنما يمثل قتل الورود بالسم ليتوقف المجتمع عن الاستفادة منها. عندما تخرج ستة آلاف طالب الأسبوع الماضي في الولاياتالمتحدةالأمريكية وحدها في برنامج خادم الحرمين للابتعاث، كان هذا الرقم مفخرة لكل أبناء المجتمع فالجميع كان حاضراً؛ المسئولون والطلاب والآباء والأمهات وقبل كل هؤلاء حضر الوطن وقيادته لتبارك هذا الإنجاز الرائع. الخريجون كانوا من الأطباء والمهندسين والتقنيين والاقتصاديين والإداريين..الخ من التخصصات المطلوبة لسوق العمل في المملكة، ولازال في أمريكا وحدها ما يقارب سبعين ألف طالب ويتجاوزون الثمانين ألفاً بإضافة أسرهم إليهم، هذه الأعداد يشكل تعليمها وتسليحها بالعلم أهم من أي شيء لان توفير العلم أصعب من توفير الوظيفة وأنا أراهن أن كل المبتعثين في هذا البرنامج سيحصلون على وظائف فالتعلم سلاح دائم. خلال فعاليات حفل التخرج كان هناك يوم للمهنة حيث انتقلت الكثير من الشركات والجامعات والمؤسسات الحكومية والوزارات لتقدم أكثر من خمسة آلاف وظيفة للخريجين فهذه المؤسسات على اختلاف أنواعها لم تنتظر عودة الخريجين بل ذهبت إليهم في مقر ابتعاثهم وهذا ما يمثل تفنيداً لكل الآراء القائلة بصعوبة توظيف هؤلاء المبتعثين بعد تخرجهم، وقد شاهدت بنفسي تلك الفرص الوظيفية والمقابلات التي أجريت للطلاب الراغبين في استثمار هذه الفرص المقدمة لأبنائنا الطلاب والطالبات وما وجود شركة رائدة مثل ارامكو إلا دليل مؤكد على مستويات هؤلاء المبتعثين. حفل التخرج لستة آلاف طالب سعودي في الولاياتالمتحدةالأمريكية لوحدها كان نموذجاً رائعاً لاحتفال وطني يدعو إلى الفخر فكم الطلاب الذين مروا بمسيرة هذا الحفل يزف الأمل إلى المجتمع بتفوق أبنائه فما ينتظره المجتمع من هؤلاء ليس حمل الشهادات فقط أو الحصول على وظيفة وإنما العمل على إحداث التغيير في المجتمع والمساهمة في نقل المجتمع إلى مراحل تنموية متقدمة واستثمار الدعم الكبير من قيادة الوطن لفئة الشباب من الجنسين. الفكرة التي تقودنا إلى تشجيع الابتعاث والمطالبة الدائمة باستمراره واستثمار الدعم الحكومي له إنما هي فكرة تقوم على منهجيات التغيير المطلوب إحداثها في المجتمع حيث يتجه العالم إلى اقتصاد المعرفة والى تقنيات الاتصال وبناء البدائل الجديدة للطاقة ، وهذا يتطلب أيضا التحقق من تلك الأهداف الخفية التي يسوقها المطالبون بوقف برنامج الابتعاث وخاصة في التشكيك بسلوكيات أبنائنا الذين هم ثمرة تربيتنا وتربية المجتمع لذلك يجب على المجتمع رفض كل ما يدعو إلى التشكيك بقدراته التربوية من الفئات الراغبة في إيقاف جلب العلم والمعرفة من خلال أبنائنا وبناتنا من المبتعثين. في أمريكا وحدها هناك واحدة من أكبر الملحقيات الثقافية السعودية وذلك بأكثر من خمسمائة موظف يقومون على خدمة أكثر من ثمانين ألف طالب وطالبة، ويدير هذه الملحقية معالي الدكتور محمد العيسى بأسلوب إداري جعل الملحقية أبواباً مفتوحة لجميع الطلاب ابتداء من باب الملحق نفسة وحتى أصغر الموظفين هناك، وأعتقد أن هذا المنهج هو أحد أسباب نجاح الملحقية السعودية في أمريكا لان سياسة الأبواب المفتوحة هي سياسة حل المشكلات دون عوائق والاستماع والإنصات إلى الجميع. كما أن أسلوب تواصل الملحقية مع الطلاب في الولايات البعيدة عن العاصمة يخضع لأسلوب أبوي وحرص حقيقي أكثر منه أسلوباً إدارياً حيث إن هناك موظفين يعملون على مدى الأربع والعشرين ساعة للرد على اتصالات الطلاب أو الطالبات من أي ولاية أمريكية بهدف حل أي مشكلة يمكن أن تعترضهم. العمل الاجتماعي الإنساني مع الطلاب والطالبات لا يتوقف في الملحقية فهناك واحد من أكبر الأقسام في المحلقية متخصص بالجوانب الإنسانية والتنمية الثقافية تديره نخبة من الأساتذة المميزين، هذا المنهج الإداري المعمول به في الملحقية يجعلنا نشعر بأن أبناءنا في أيدٍ أمينة تدرك مهمتها، لذلك نتمنى أن يستمر العمل بهذا البرنامج وكم أتمنى أن نحتفل قريبا بالطالب أو الطالبة رقم خمسمائة ألف من المبتعثين .