بدأت وزارة التربية والتعليم أسلوباً جديداً في تطوير مناهجها كُشف عنه في ملتقى تطوير المناهج بمشاركة المجتمع -الذي عقد مؤخراً-، تحت شعار: "شراكةٌ لمنهجٍ متطورٍ وتعلم فاعل"، وشاركت فيه وزارتا التربية من دولتي الإمارات وعمان، بالإضافة إلى خبراء تربويين من وزارة التربية والتعليم والميدان التربوي والجامعات السعودية والقطاع الخاص، تبادلوا العديد من الأفكار ونتائج الممارسات المحلية والدولية ذات العلاقة بالمنهج، وقدموا نتائج خبراتهم وممارساتهم المهنية، بما يسهم في وضع لمسات متجددة للتطوير المستمر للمنهج المعتمد على المدرسة، باعتبارها مركز التطوير التعليمي وموقع التطبيق الحقيقي لمبادرات تطوير المناهج، كما قدم المشاركون خلاصة مرئياتهم حول المنهج وفعاليات تطبيقه وتطويره من خلال ورش العمل التربوية وحلقات النقاش الحوارية، التي يُؤمَّل منها أن تسجيل الرؤى والأفكار التطويرية، والتطلعات المستقبلية لملتقيات المناهج بمستوياتها المتعددة، ليتمم احتفاليةَ الوزارة وحفاوتها ب"عام المعلم". تعزيز الشراكة مؤسسات المجتمع شريكة مع «التربية» في تدريب وتأهيل الطلاب وأكّد "د.نايف بن هشال الرومي" -وكيل الوزارة للتخطيط والتطوير بوزارة التربية والتعليم- على أنّ وزارة التربية والتعليم انتهجت آلية جديدة لتحقيق مفهوم الشراكة بين المدرسة والمجتمع المتمثل في أولياء أمور الطلاب والطالبات، والمهتمين، لإشراكهم في تطوير المنهج المدرسي، وتحقيق هدف مشترك يتركز على معرفة المنهج من حيث ثقافته ومنطلقاته وتوجهاته، وسبل تحسينه وتطويره، مشيراً إلى أنّه للوصول لهذا الهدف المشترك فقد تبنت الوزارة أول ملتقى لتطوير المناهج بمشاركة المجتمع، حيث يأتي هذا الملتقى في سياقٍ تواصلُ فيه الوزارة مسيرة التطوير وتحقيق تنميته واستدامته، ويؤازرها في ذلك توجهها نحو تعزيز الشراكة وتأكيدها مع كافة فئات المجتمع، ومع المعنيين في المجتمع التربوي، مضيفاً أنّ الوزارة خلال تلك المسيرة جهوداً تطويرية ترتكز على تطوير المنهج باعتباره واحداً من مدخلات التطوير لتحقيق النوعية والاستراتيجية للتعليم، تمخَّض عنه تطوير مناهج التعليم الأساسي المرحلتين الإبتدائية والمتوسطة، ومناهج العلوم والرياضيات، ومناهج اللغة الإنجليزية، وإحداث نظامٍ جديدٍ للتعليم الثانوي وفق نظام المقررات، كما خططت لتطوير النظام السنوي للتعليم الثانوي؛ استجابة للحاجة الملحة لتطوير النظام، ولينسجم مع مخرجات مشروعات تطوير مناهج التعليم الأساسي، ولرفع مستوى مواكبتها للتوجهات التربوية العالمية الحديثة. د.نايف الرومي كميّة المشاركين وبيّن "د.الرومي" بالأرقام كمية المشاركين في الملتقيات المحلية التي تمت على مستوى إدارة التعليم حيث بلغت أكثر من (350) طالباً وطالبة، و(1000) معلم ومعلمة، و(300) من القيادات المدرسية، و(800) مشرف تربوي ومشرفة تربوية، و(250) من قيادات الإدارات التعليمية في إدارات التربية والتعليم، و(200) من أولياء أمور الطلاب والطالبات، و(30) خبيرا وخبيرة من الأكاديميين في الجامعات، و(150) من قيادات المجتمع المحلي ومنسوبيه، وقد تجاوز عدد المشاركين والمشاركات في الملتقيات المدرسية والمحلية حاجز ال(10.000)، لافتاً إلى أنّ الملتقى حقق درجة عالية من شراكة المجتمع التربوي والمحلي في عمليات صناعة المنهج وتطويره. د.نبهان النبكي جمع المعلومات وشدد "د.صالح الشايع" -مدير عام المناهج- على أهمية الشراكة المجتمعية الفاعلة في بناء وتطوير مناهج التعليم العام، مبيناً أنّ ملتقى المناهج هدف إلى توسيع دائرة المشاركة المجتمعية في تطوير المناهج الجديدة، وجمع الآراء والمقترحات من جميع المستفيدين والمهتمين والمختصين، حيث تأتي هذه المرحلة المنهجية ضمن خطة الإدارة العامة للمناهج قبل تعميم تلك المناهج المطورة في العام القادم لجميع المراحل الدراسية، سيتبعها مرحلة التوسع والانتشار خلال العام القادم لمشاركة مستمرة ومتواصلة في عمليات التطوير كضرورة لتجويد وتحسين مدخلات العملية التعليمية، كما تم استخدام العديد من الأدوات لجمع المعلومات والآراء والمقترحات كالاستبانات والمقابلات واللقاءات والرسائل الإلكترونية واستمارات التقييم وحلقات النقاش وغيرها، حيث تم تنفيذ ذلك من خلال الملتقيات المدرسية والمحلية في الإدارات التعليمية، فيما تستعرض جميع تلك الآراء والمقترحات ومناقشتها في الملتقى المركزي. محمد بخيت صناعة المنهج وأوضح "محمد بن فراج بخيت" -مدير إدارة تعليم ينبع المضيفة للملتقى- أنّ هناك جهوداً حثيثة من اللجنة العلمية بالوزارة لتحديث بعض المواضيع التي تهم صناعة المنهج، لما فيها من تربية للأجيال وتقويم للفكر، مبيناً أنّ ملتقى المناهج جاء ليحقق الشراكة المجتمعية، وقد أعطى مشاركة وفود من الإمارات وعمان الملتقى أهمية كبرى، مضيفاً "نأمل أن نحقق رؤية واحدة في تطوير مناهجنا والعمل على صياغة متطلبات العصر، وأمامنا تحديات كبيرة في صناعة المناهج، ولذلك نتمنى أن يخرج هذا الملتقى بعدة قرارات تؤدي إلى تطوير المناهج". تبادل خبرات وأفاد "د.نبهان النبكي" -مدير عام تطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم رئيس وفد سلطنة عمان- أنّهم شاركوا في الملتقى بورقتي عمل قدمها مدير دائرة التأهيل والتدريب في وزارة التربية والتعليم بسلطنة عمان سليمان بن عبدالله الجامودي، وكانت حول جهود السلطنة في تطوير المناهج، من خلال التطوير المهني المصاحب لمشروعات تطوير المناهج، مشيداً بفكرة الملتقى، حيث يتم تبادل الخبرات والتجارب التطبيقية الناجحة بين دول الخليج في مجال صناعة المناهج. جميلة المهيري الكتاب الإلكتروني وأشار "جاسم محمد عبد الكريم" -من إدارة المناهج بدولة الإمارات العربية المتحدة- إلى أهمية مثل هذه الملتقيات التي تسعى لتطوير المناهج في دول المجلس الخليجي، مبيناً أنّهم قدموا ورقة عمل عن تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في تطوير المناهج الدراسية وأساليب تنفيذها، وأخرى عن عمليات التطوير المهني المصاحب لمشروعات تطوير المناهج بدولة الإمارات العربية المتحدة، قدمها الخبير التربوي في وزارة التربية والتعليم بدولة الإمارات جمال عبد العزيز محمد بن فارس، موضحاً أنّ الورقات بيّنت الإنجازات التي كانت دولة الإمارات العربية سباقة فيها في تطوير المناهج مثل التقويم الإلكتروني، حيث كان المشروع الأول في عام 2012، إضافة إلى إصدار الكتاب الإلكتروني، ووضع جميع مناهج دولة الإمارات على ال"أبل ستور"، مضيفاً: "هناك تطابق كبير بين الإمارات ودول المجلس في المناهج بشكل عام والسعودية بوجه خاص، كما أنّ هناك تطابقا في بناء الوثائق وترجمتها لكتب دراسية، وصحيح أنّ السعودية سبقتنا بالكتاب الإلكتروني، ولكننا جعلناه تفاعلياً يستطيع الطالب من خلاله أن يمارس كل الأنشطة والإجابة على الأسئلة في الكتاب، بالإضافة إلى تسجيل ملاحظاته وغيرها، ومن ثم يتواصل مع معلمه". د.صالح الشايع تحديثات مستمرة وقالت "جميلة المهيري" -مدير إدارة التوجيه التربوي في دولة الإمارات العربية المتحدة- "إنّ التحديات التي تواجهها المناهج الدراسية في دول المجلس كبيرة وتستدعي تكاتف الجهود لتطويرها"، مبينةً أنّ تحديثات المناهج بالإمارات مستمرة، وذلك لتنوع الجنسيات، وذلك يجعل التغيّر في المناهج وتطويرها مستمراً ويشكل تحدياً كبيراً للمسؤولين عن التحديثات، حيث يحرصون على مناسبتها للتنوّع ومواكبتها للمتغيرات المعاصرة. ترحيب بالشراكة وتسعى وزارة التربية والتعليم بالمملكة في بلورة توجهها نحو التطوير المعتمد على المدرسة والمجتمع وجعله واقعاً ملموساً؛ مما جعل منسوبات التربية يعربن عن ترحيبهن بالتوجه الكبير في سياسات الوزارة نحو المجتمع وإشراكه في عملية التربية والتعليم، وأكدت منسوبات الوزارة على رغبتهن في تطوير مهاراتهن وتبادل الخبرات مع المجتمع. وذكرت "بناء عايض الغامدي" -مشرفة التخطيط والتطوير- أنّ المشاركة مع المجتمع توثق العلاقات بما يخدم سياسة التطوير التي تنتهجها الوزارة. وأضافت "هند الهندي" -معلمة اقتصاد منزلي- أنّ إعطاء المعلم فرصة الابتكار والتجديد، وإشراك المجتمع في تطوير المنهج سوف يفعّل تبادل الخبرات لتطوير المناهج. ولفتت "سعاد الدوسري" -معلمة إحياء- إلى أنّها تجد الملتقى فرصة لتبادل الخبرات التي تضم نخبة من ذوات الكفاءة والخبرة ومشاركات من المجتمع المحلي. وأيّدتها "وضحى سعد الشريف" -إدارية تربوية- مضيفةً أنّ ورش الملتقى جمعت بين أهمية الموضوع وسمو الأهداف وتنوع الخبرات من تخصصات ومناطق متنوعة ومشاركة مجتمعية، ولهذا كانت التطلعات منها كبيرة. ووصفت "بسمة الجهني" -مديرة مدرسة- الملتقى بأنّه رافد للخبرة الشخصية، حيث أنّه أكسبها فرصة التعارف مع المتواجدات والاستماع إلى آرائهن ومقترحاتهن. وأظهرت "ضحية عايد العنزي" -معلمة تاريخ- سعادتها غامرة بحضورها الملتقى، حيث قربها من لقاء قيادات وخبرات نسائية. من جهتها ترى "هند الأحيدب" -معلمة- بأهمية تطبيق وجهة نظر المعلمة على أرض الواقع من خلال تغيير المناهج وإعطاء المعلم هامشا من الحرية المسؤولة مع المتابعة من مدير المدرسة، مرحبة بالتسويق لمنتجات الملتقيات الخاصة بالمناهج. ونوّهت "رقية الحمدان" -مساعد شؤون تعليمية- أنّ هذه الملتقيات تدرب المعنيات من المشرفات تدريباً مكثفاً سيسهم في نشر العلم والمعرفة بما تحتاجه المناهج، وبدورهن ينقلن الخبرة ويشركن المجتمع في تطوير المناهج. وأثنت "د.هيا العواد" -وكيل الوزارة للتعليم- على توجهات الوزارة الجديدة التي تم تطبيقها، حيث تسعى لإكساب الطلاب المنهجية العلمية في التفكير وتزويدهم بمهارات البحث عن المعلومة، فقد كان التعليم في السابق يعتمد على التلقين، واعتماد المعلم فقط محوراً للعملية التعليمية، والآن تحت ظل الثورة المعلوماتية أصبح لابد من إشراك المجتمع في تطوير المناهج، للانتقال من نظرية سلوكية تقيس ما يقدم المعلم للطالب إلى نظرية بنائية تقيس مدى بحث الطالب عن المعلومة بنفسه.