جدة- ياسر الجاروشة تصوير- ناصر محسن اختتمت أمس فعاليات الندوة السعودية الفرنسية لحوار الحضارات في دورتها الثالثة التي عقدت تحت عنوان: "الفكر العربي الإسلامي في أوروبا الواقع والدور" والتي نظمتها وزارة التعليم العالي بالتعاون مع جامعة الملك عبدالعزيز تحت رعاية معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري.وقد شهد اليوم الأخير للفعاليات جلسات علمية بدأت بالجلسة الثالثة التي ترأسها الدكتور عبدالله الطاير وكان محورها دور الترجمة في التواصل الفكري، تناولت العديد من الموضوعات منها ترجمة أعمال الفكر العربي الإسلامي وأثرها على فرنسا منذ منتصف القرن العشرين للدكتور دونييه غريل الأستاذ بجامعة البروفانس بمرسيليا. كما تحدثت الدكتورة أميرة كشغري من جامعة الملك عبدالعزيز عن الترجمة بين تجسير الفجوة الثقافية وتوسيعها، ثم قدم الدكتور بندر بن ناصر العتيبي من جامعة الملك سعود موضوعاً عن دور الترجمة في نقل المعرفة وتوطينها.عقب ذلك ناقشت الدكتورة فتحية بنت حسين عقاب من جامعة الملك عبدالعزيز الترجمة والفكر العربي الإسلامي في أوروبا، فيما تطرق الدكتور إبراهيم بن يوسف البلوي من جامعة الملك عبدالعزيز إلى دور الترجمة في التواصل الحضاري والترجمة من اللغة العربية وإليها أنموذجا.وتناولت الدكتورة قدرية بنت علي عوض من قسم اللغة الفرنسية بجامعة الملك عبدالعزيز أهمية الترجمة ودورها في التواصل والحوار بين الحضارات، ثم قدم الدكتور لوك بريلوسكو مترجم وأستاذ بجامعة نيس موضوعاً عن الترجمة الأدبية بين المعارف التقنية والعلوم الإنسانية كما عرضت الدكتورة فيرونيك ريفل مديرة معهد الثقافات الإسلامية بباريس أثر الفنون الإسلامية في تشييد فكر الحداثة في الغرب. ومن جهته أشار رئيس الجلسة إلى أن هذا المحور يهدف إلى مناقشة دور الترجمة في التواصل العلمي والفكري بين الغرب والشرق الإسلامي العربي من منظور نقل المعارف بين الحضارات من خلال تسليط الضوء على أهم مفاصل تطور حركة الترجمة عبر العصور بين الحضارتين من جهة والدوافع العلمية التي أنجزت في إطارها بعض المشروعات الكبيرة من جهة أخرى، وأضاف الدكتور الطاير أن المحور يسعى إلى التعمق في الدور الذي قامت به الترجمة فيما يتعلق في التقارب والتبادل البناء بين هاتين الحضارتين أو سوء الفهم والتصادم.وقد ترأس وكيل جامعة الملك عبدالعزيز للتطوير الدكتور زهير بن عبدالله دمنهوري الجلسة الرابعة والتي تمحورت حول فكر الاقتصاد الإسلامي وشارك فيها الدكتور صلاح بن فهد الشلهوب من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بتقديم موضوع عن مساهمة الفقه الإسلامي في بناء التعاملات المالية، كما تحدثت الدكتورة أنيي كوت أستاذة الاقتصاد بجامعة السوربون باريس1 عن أصول النظريات الاقتصادية الحديثة والفصل بين العلوم والأخلاق. وعقب ذلك ناقش الدكتور فيصل بن محمود عتباني من جامعة الملك عبدالعزيز تفاعل القانون الغربي(المدني الفرنسي والعام الإنجليزي)مع الفقه الإسلامي وتطرق الدكتور إبراهيم وردي أستاذ الاقتصاد الإسلامي في جامعة ماسا تشوستش بالولايات المتحدةالأمريكية في موضوعه إلى فهم الانحرافات المالية العالمية من خلال مفهوم الغرر وتبعته الدكتورة دومنيك دو كرسيل مديرة أبحاث في المركز الوطني للأبحاث العلمية بذكر بعض المفاهيم الفلسفية والاقتصادية في الإسلام بشأن الأخلاقيات المالية المعاصرة.وواصلت الجلسة فعالياتها بعرض نظرية المخاطرة الاقتصادية وحوار الحضارات للدكتور بيار شارل برادييه نائب رئيس جامعة السوربون باريس1 وعميد كلية الاقتصاد والإدارة ورئيس مجلس عمداء كليات الاقتصاد بالإضافة إلى تقديم رؤية فكرية عن الإسلام والتحدي الاقتصادي للدكتور محمد بن عمر شبرا من جامعة الملك عبدالعزيز والبنك الإسلامي للتنمية ثم تحدث الدكتور سعد بن حامد اللحياني من جامعة أم القرى عن أثر الحضارة الإسلامية على الحضارة الغربية في مجال الاقتصاد ماضيا وحاضرا كما ناقشت الدكتورة جنفياف كوس بروكيه أستاذة شرفية اختصاصية في الاقتصاد الإسلامي الأخلاقيات الإسلامية في المالية وإيجابيات الرؤية المغايرة وبعد ذلك ذكر الدكتور محمد بن إبراهيم السحيباني من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ضوابط المعاملات الإسلامية والاستقرار للأسواق المالية وأختتم الدكتور إبراهيم بن صالح أبو العلا من جامعة الملك عبدالعزيز مواضيع الجلسة بعرض مساهمة العلماء المسلمين في بناء قواعد نظريات التنمية الإقتصادية. وقد أوضح رئيس الجلسة الدكتور زهير دمنهوري أن محور فكر الاقتصاد الإسلامي تناول من منظوره الأخلاقي إسهامه في ربط الأخلاق بالعمليات المالية والاقتصادية وفي التحديات الحديثة وما مدى مشاركة العلماء المسلمين في بناء قواعد نظرية اقتصادية حديثة مما يسمح لعملية التأطير وتفاعل القانون الغربي المدني الفرنسي والعام الإنجليزي مع الفقه الإسلامي من جهة وإعادة الثنائية المال والأخلاق في مسار متواز من جهة أخرى.وفي ختام الفعاليات أعلن المشاركون عن التوصيات التي خرجت بها الندوة والتي كانت على النحو التالي :أولاً: رحب الباحثون بما تم تفعيله من توصيات في الدورة الثانية والتي استضافتها جامعة السوربون باريس 1 والتي نتج عنها إنشاء كرسيين علميين: الأول في مجال الاقتصاد الإسلامي بين جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة السوربون باريس1 ، والثاني يُعنى بحوار الحضارات بالشراكة بين جامعة السوربون باريس1 وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وبصورة خاصة لما يقدمه هذان المشروعان من إضافات مهمة لعملية الحوار بين الثقافتين العربية الإسلامية والغربية.ثانياً: السعي نحو تأسيس هيئة استشارية بين الجامعات السعودية والفرنسية تشرف عليها وزارة التعليم العالي وتهدف إلى تفعيل الجانب العلمي والثقافي لمبادرة خادم الحرمين الشريفين في دعم مسيرة الحوار والتقارب والتعايش بين الشعوب، مع اقتراح الآليات المناسبة لإتمامها. ثالثاً: التوصية بالسعي نحو إنشاء كرسي علمي في مجال الترجمة لتشجيع أعمال الترجمة ونقل النتاج العلمي والفكري والأدبي من وإلى اللغتين العربية والفرنسية، والتركيز على كل ما من شأنه التقارب بين الحضارات وإبراز الإرث والمنجز الإنساني المشترك. رابعاً: العمل على استمرار دورات هذه الندوة العلمية المهمة ودعم سبل تفعيل نتائجها سواء كانت بحثية او ترجمية او تتناول مشاريع مشتركة كالكراسي العلمية والشراكات الجامعية. خامساً: النظر في إمكانية إنشاء موقع الكتروني لنشر مفاهيم وخصائص ومصطلحات الاقتصاد الإسلامي ويُشرف عليه مختصون سعوديون وفرنسيون، ويتضمن أعمال النشر والترجمة من وإلى أللغات العربية والإنجليزية والفرنسية. سادساً: العمل على دعم الإنتاجات العلمية المشتركة ونقلها من وإلى اللغتين العربية والفرنسية مع التشجيع على النشر العلمي بين الجامعات السعودية والفرنسية. سابعاً: السعي نحو عقد دورات تدريبية ولقاءات في الجامعات السعودية والفرنسية في ميدان الحوار والتقارب الثقافي. ثامناً: العمل على ترسيخ ثقافة الحوار بين الطلبة وتقارب ثقافاتهم وحضاراتهم المتنوعة لاسيما من خلال تبادل المطبوعات والزيارات. تاسعاً: يحث الباحثون على نشر بحوث هذه الدورة الثالثة.