الأخطاء الطبية والدوائية والعشبية والعلاجات البديلة لابد أن تدفعنا إلى التفكير مليا بهذا الموضوع. وقراءاتنا للأخطاء الطبية الجراحية نجدها تحدث في المناطق البعيدة بعض الشيء عن أمهات المدن. إلا أننا بدأنا نقرأ عن وصولها إلى مراكز طبية ومصحات تقع في وسط العمران ولا تبعد إلا بمسافة قليلة عن الجهات المعنية بالعلاج والدواء. ومن الأشياء التي قرأتُ عنها، أو ترد إليّ بواسطة غياري أقول إن فكرة النظر في إحصائية تُبين جنسية مرتكب الخطأ الطبي وكذا دراسته وشهاداته العلمية والعملية. فإذا تكرر خطأ طبي من جنسية مُعينة لأكثر من مرة أو مرتين، فلا أدعو إلى التخلي عن الاستقدام من تلك البلد، بل نضع في البال أن الخطأ الطبي (في الواقعة كذا) وقع من طبيب يحمل الجنسية الفلانية. وسواء كان الخطأ تشخيصيا أو جراحيا أو إشعاعيّا، فإن ذاك الرصد سوف يُظهر إشارة واضحة للمسؤولين تقول لهم مثلا إن أكثر الأطباء من الجنسية (ا) جاؤوا إلى بلادنا وارتكبوا أخطاء. فإما أن التزوير في بلدانهم سهل للغاية، أو أن الجامعة أو المعهد الذي منحهم أو منحهن الشهادة والخبرة غير مؤهّل، أو أنه باع شهادة الخبرة والتخرج لمن رغب ودفع أكثر. لا ننكر حقيقة كون البشر كلهم دون استثناء يخطئون، وجلّ من لا يخطئ، لكن وضع إحصائية بالأخطاء الطبية التي جرى إثباتها، في قرص مدمج أو نشرة دورية، مع عدم التحفظ في ذكر الجنسية، سيضيء نورا أمام عين كل من أراد استقدام طبيب أو طبيبة أو ممرضة من هذا البلد أو ذاك. وليطلع على تلك الإحصائية أصحاب دور الرعاية الصحية من القطاعين الخاص والعام. وهذا العمل لا يُكلف شيئا. لن نكون في حرج أمام تلك البلدان، ولا أمام قناصلها ولا أمام منظمات حقوق الإنسان ومنظمة الصحة العالمية واتحاد الجامعات. فما نشرناه من جنسيات لا تُمثل إلا الحفاظ على صحة أهلنا في هذا الوطن وصحة من وفد إليه. إذا كانت السلطات الطبية البريطانية والأمريكية تكتشف بين حين وآخر وجود ممارس صحي يمارس خدماته من عيادته ويتلقى أتعابا، بالرغم من القوانين الصارمة ودقة المراقبة والتفتيش. فما عساني أن أقول عن بلد مثل بلدنا. ويظل الممارس المزور في بلدان العالم المتقدم بعيدا عن الاكتشاف ما دام الأمر لا يتعدى المعاينة وإعطاء الوصفة. لكن الحالة عندنا - كما نقرأ - وصلت إلى الجراحة والتخدير وعمليات التوليد، وحالات متنوعة هي ما بين عمليات جراحية، وصرف أدوية، وتشخيص مرضي، وسوء تقدير لحالة المريض، إنها قضية "الأخطاء الطبية، ذلك الملف الساخن، والذي يمس حياة المواطنين بشكل مباشر، ما يجعله بالغ الأهمية، وكل من حاول الاقتراب منه لا يستطيع أن يتلمس كبد الحقيقة، لتضارب الأقوال والتهرب من المسؤولية وعدم دقة الإحصائيات.