مشكلة العرب في ماضيهم أنهم كانوا يركضون دون أن يعرفوا إلى أين، أما في حاضرهم فشواهد أنهم يتضاءلون في قدرات داخل بلادهم وأيضاً في زمالات علاقاتهم الدولية.. فهي شواهد واضحة ومؤلمة.. تعال إلى حادث قاسٍ وطريف.. قاسٍ لأنه وجه ضد شخص ليس في موقع أي إدانة وطريف مضحك لأنه جريمة ضد مواطن دولة هي الأقرب إلى تعضيد بلده كي يتمكن من الوقوف وهي أيضاً الأقدر على تنوع سخاء الدعم.. لكن تتحدث مع من..؟.. ومع الأسف في كثير من الدول العربية.. تتحدث مع من؟.. كيف يجوز أن يختطف موظف الدبلوماسية السعودية في عدن.. من ناحيتين.. أولاهما أن الحادثة توضح كثافة انحدار الأمن وقبله انحدار المستوى الحضاري لعدن التي كانت قبل ستين عاماً تقريباً المنافس الوحيد لمستويات سياحة وفنون لبنان فإذا هي الآن قاع فقر وجريمة الأمر الآخر أن المملكة هي أقرب دولة في قدرات التعضيد والأكثر اهتماماً بإخراج اليمن من مستويات ضياعه القبلي إلى شمولية سلطة الدولة.. طبعاً أنت لا تلوم الدولة ولا شمولية المجتمع لكن الحدث يوضح كفاءة الفوضى الراهنة.. أخرج أيضاً إلى أوضاع العالم العربي وقارن ماضيه وحاضره.. في ماضيه كانت سباقات الشيوعية والقومية العربية والحزبية البعثية تؤكد أنها تقوم بمهمة نقل تلك المجتمعات العربية من مرحلة الاستعمار إلى مستويات حريات متنافسة وكفاءات عدالة تسعد الجميع.. لم يحدث شيء من ذلك.. شواهد الواقع الراهن تؤكد أن عدداً من الحكام الذين طرحوا مؤثرات التأكيد اللفظية تلك مارسوا من الدكتاتورية ما لم يكن موجوداً من قبل.. بل تعال إلى الوضع البديل.. أليست تقوم الأن تنافسات دينية بين سنة وشيعة وهي تعني توجه إلى الخلف.. عودة إلى الانطواء ويخيف في هذه التنافسات أن تكون لها علاقات مع قوى غير عربية أو خطط استهداف لعزل العالم العربي في مسارات تخلف. وشاهد قسوة التوزع الطائفي ما حدث في لبنان من تعريف ضاحك لفريقي كرة قدم بالسني والشيعي حين التقيا في أداء مباراة دورية وحدثت حالات تصادم اضطرت قوى الأمن إلى التدخل والسبب ليس رياضياً ولكنه ظاهرة معتادة في الصراعات الدينية.. وتعال إلى القمة العربية كي تمجد اللهجة السودانية في أسلوب النطق حيث يقولون «غمة» بدلاً من قمة وفعلاً لا أتصور أن دولة حضرت إلى هذه «الغمة» ولديها مشروع معالجة الضياع العربي القادم أو تذكير الحاضرين بأنه كانت هناك مشكلة فلسطينية لأن عدد من يقتلون في الخلاف مع إسرائيل أصبح أقل بكثير مما يحدث في عدد من المدن والقرى العربية..