هذا السؤال هو عنوان كتاب ألفه الأمير شكيب أرسلان أحد دعاة النهضة الاسلامية المعاصرة والذي كان شغله الشاغل : الاهابة بالمسلمين يصبحوا قوة يحسب حسابها الأعداء.. فلا يطمعون فيهم ولا ينتقصون حدودهم. وكان يحاول تبديد روح اليأس والتخاذل في نفوس المسلمين حين يقارنون بين قوة أوروبا وضعف العالم الاسلامي.. وحين كانوا يجدون جيوش الاحتلال الاوروبي جاثمة على صدور بلاد اسلامية كثيرة في المشرق والمغرب. فأخذ يؤكد ان الايام دول.. وأنه اذا كانت جيوش أوروبا قد اخترقت عالم الاسلام من جهاته الأربع.. فإن المسلمين من قبل قد غزوا اوروبا في اسبانيا وفرنسا وسويسرا وايطاليا. ورأى (شكيب) ان حالة المسلمين الراهنة في أيامه لا ترضي لا من جهة الدين ولا من جهة الدنيا.. ولا من جهة المادة ولا من جهة المعنى.. فلماذا تقدموا في ماضيهم.. وتقهقروا في حاضرهم؟. والجواب يسير.. فإن تقدمهم السابق كما يقول الأمير يعود الى دينهم وقرآنهم فالقرآن قد أنشأ العرب نشأة مستأنفة وأكسبهم خلقاً جديداً وأخرجهم من جزيرتهم والسيف في يد والكتاب في الاخرى.. يفتحون ويسودون ويتمكنون في الأرض بطولها وعرضها. أما تأخرهم فهو في فقدهم للسبب الذي به ساد أسلافهم.. فقد فقد المسلمون الحماسة وهي التي بها تخلق أعداؤهم من الألمان والفرنسيين والروس والانجليز، ولأنهم فقدوا روح البذل وفقدوا العزائم. وقد انحطوا ايضاً بسبب جهلهم وعلمهم الناقص وفساد الأخلاق والجبن والهلع وبسبب اليأس والقنوط من رحمة الله! فمنهم فئات قد وقر في أنفسهم ان الافرنج هم الأعلون على كل حال وانه لا سبيل الى مغالبتهم بوجه من الوجوه وان كل مقاومة عبث، وان كل مناهضة خرق في الرأي ولم يزل هذا التهيب يزداد ويتخمر في صدور المسلمين امام الأوروبيين الى ان صار هؤلاء الأوروبيون ينصرون بالرعب وصار الأقل منهم يقومون للأكثر من المسلمين! وهذا بعكس ما كان في العصر الاول!). (لماذا تأخر المسلمون ص77) ان هذا الانهزام النفسي هو السبب في كثير من المآسي التي حلت بالعالم الاسلامي في العصر الحديث.. ومقاومته هو أول طريق النهضة.