يلوح في الأفق؛ على مسافة أيام قليلة؛ حدث ثقافي بالغ الأهمية نوعاً وحجماً، هو معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي تقام فعاليات دورته السابعة والثلاثين في الفترة من السادس والعشرين من يناير إلى الثامن من فبراير 2005. ومن المنتظر أن تجيء المشاركة السعودية كبيرة ومتميزة في هذا المحفل الضخم الذي يعد ثاني أكبر معرض دولي في العالم بعد معرض فرانكفورت، فإذا كانت مكاسب ومنجزات ثقافية متعددة قد حققتها المملكة من خلال مشاركاتها في الدورات السابقة للمعرض؛ فإن المشاركة السعودية هذا العام تحظى بأهمية أكبر نظراً لتركز الأضواء على المملكة (على وجه العموم) وعلى مدينة مكةالمكرمة (على وجه الخصوص) التي اختيرت كعاصمة للثقافة الإسلامية لهذا العام. ويتجلى حضور المملكة في المعرض من خلال الجناح السعودي ومعرض الكتاب السعودي الذي يضم نتاجات الكثير من دور النشر الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى الندوات واللقاءات والمحاضرات والفعاليات المتعددة التي تمثل الملامح المعاصرة للفكر والثقافة في المملكة. ومن جانبها؛ تسعى وزارة الثقافة المصرية ممثلةً في الهيئة العامة للكتاب (الجهة المنظمة للمعرض) جاهدةً لأن تصبغ الدورة السابعة والثلاثين لمعرض القاهرة للكتاب بتقنيات مستحدثة وأفكار عصرية؛ وذلك في محاولة جادة يرعاها وزير الثقافة المصري فاروق حسني لتطوير وتحديث المعرض؛ لكي يواكب معارض الكتاب الدولية الكبرى في الدول المتقدمة، ولكي يتخلص المعرض من السلبية الكبرى التي واجهته في الدورة الماضية (السادسة والثلاثين)؛ وهي التناقص الملحوظ في عدد الزوار، والانخفاض النسبي في مبيعات الكتب. وقد تقرر أن يتولى الدكتور سمير سرحان (الرئيس السابق لهيئة الكتاب) مسؤولية الإشراف على النشاط الثقافي المصاحب للمعرض، بينما تضم اللجنة العليا للمعرض هذا العام مجموعة من الكتّاب والمثقفين والمبدعين؛ منهم: الفنان فاروق حسني وزير الثقافة كرئيس للجنة، وفاروق عبد السلام وكيل أول وزارة الثقافة المصرية، وإبراهيم المعلم رئيس اتحاد الناشرين المصريين والعرب، والدكتور وحيد عبد المجيد رئيس الهيئة العامة للكتاب، والكاتب محمد سلماوي، والمستشار محمد غنيم، والمستشار صلاح شقوير، والدكتور ياسر منصور، ومحمد رشاد أمين اتحاد الناشرين العرب ورئيس الدار المصرية اللبنانية. وقد وجهت إدارة المعرض الدعوة إلى بعض المفكرين والأدباء العرب المقيمين بالخارج لحضور فعاليات المعرض؛ ومنهم أهداف سويف وخليل النعيمي وأمين معلوف والطاهر بن جلون، وأعلنت حتى هذه اللحظة خمس وعشرون دولة عن مشاركتها في المعرض، منها ست عشرة دولة عربية، يمثلها أكثر من خمسمائة ناشر. ومن الفعاليات المستحدثة التي تم الإعلان عنها في دورة هذا العام (تمهيداً للأخذ بها في الدورات التالية) اختيار دولة ألمانيا لتكون «ضيف شرف» الدورة الثامنة والثلاثين لمعرض الكتاب و«ضيف شرف» مصر في عام 2006، وكذلك توجيه الدعوة لكبار الكتاب العالميين والحاصلين على جائزة نوبل في الآداب للمشاركة في فعاليات المعرض الثقافية، وقد تم توجيه الدعوة في دورة هذا العام إلى كل من الكاتبة الجنوب أفريقية نادين جورديمير الحاصلة على جائزة نوبل، والكاتب الفرنسي روبير سوليه. وركزت هيئة الكتاب على استخدام التقنيات العصرية والمتطورة في معرض الكتاب في دورته الجديدة؛ حيث تم تطوير الموقع الإلكتروني الخاص بالمعرض، واستحدثت لافتات وإشارات إرشادية لتوجيه زوار المعرض إلى الأماكن التي يريدونها بسهولة. ويدور المحور الرئيسي للمعرض في دورته الجديدة حول «آفاق النهضة والإصلاح»، ومن الفعاليات الثقافية بالمعرض: تنظيم عدة احتفاليات لأكثر من مناسبة (منها: مرور سبعمائة عام على ظهور رحلات ابن بطوطة، ومرور مائتي عام على تولي محمد علي حكم مصر، ومرور ثلاثمائة عام على ظهور أول ترجمة فرنسية لألف ليلة وليلة، ومرور مائتين وخمسين عاماً على ميلاد عبد الرحمن الجبرتي)، وذلك بالإضافة إلى العديد من الأنشطة والندوات والمحاضرات الثقافية والمناظرات الفكرية والسياسية والأمسيات الشعرية والإبداعية وغيرها من الفعاليات المكثفة التي تدور حول محاور فارقة وبارزة في مسيرة الثقافة المصرية والعربية في الوقت الراهن، كما تتطرق إلى مجالات غير تقليدية وموضوعات وقضايا مستجدة على خارطة الثقافة العربية. وكان معرض القاهرة للكتاب في دورته السابقة (2004) قد حظي بمشاركة 3150 ناشراً؛ مثلوا 97 دولة؛ وعرضوا أربعة ملايين كتاب، ودارت فعاليات تلك الدورة حول محورين كبيرين؛ هما: «تبني إقامة مجتمع المعلومات والمعرفة»، و«العمل على تفعيل سبل الحوار الوطني بشكل إيجابي».