من يحاول أن يختزل انتكاسة الكرة السعودية في الدقائق الخمس التي انهار فيها المنتخب أمام نظيره الاسترالي حيث انقلبت النتيجة ليجد (الأخضر) نفسه مودعاً للتصفيات (الأولية) فهو لا يخرج عن أحد اثنين؛ فإما أنه جاهل بالواقع، أو مضلل للحقيقة، وإلا فإن تلك الخسارة، وذلك الخروج المذل لم يكونا سوى (القشة) التي قصمت ظهر البعير الذي حمل من الإخفاقات وطوال سنوات ما تنوء بحمله قافلة من (البعارين). استحضر في هذا السياق تغريدة عضو اتحاد الكرة الدكتور حافظ المدلج عبر (تويتر) حيث كتب: "استقالتنا لا تعني الهروب من المسؤولية، ولكنها تعني تحمل مسؤولية خارج صلاحياتنا - هي كرة القدم تقاس بنتيجة تغيرت في 5 دقائق من 3-1 ل 2-4". تلك التغريدة تمثل التضليل بكل معانيه، فضلاً عن كونها تمثل احتجاجا مواربا على قرار الاستقالة؛ أما كونها تمثل تضليلاً فلأن الدكتور أراد إيهام الشارع الرياضي بأن أزمة الكرة السعودية تمحورت في تلك الدقائق الخمس، والتي لولاها لحمل المنتخب والاتحاد وأعضائه على الأكتاف، وهي تغريدة فيها من الاستذكاء الكثير، عدا عن أنها تمثل عملية استدارة والتفاف مكشوفة على الحقيقة. الدكتور حافظ الذي يجلس على كرسي عضوية الاتحاد السعودي منذ العام 2001 أي منذ ما يزيد على عقد كامل، وهو العقد الذي عاش فيه المنتخب السعودي متوالية الإخفاقات تحدث في تغريدته عن خمس دقائق دفعوا ضريبتها بالتخلي عن مناصبهم، ونسي بل أراه تناسى متعمداً العديد من محطات الفشل التي أدخلوا فيها القطار (الأخضر) بداية من محطة مونديال كوريا واليابان يوم أن لطخت سمعة الكرة السعودية ب"ثمانية ألمانيا"، مروراً بمحطات فشل أخرى كثيرة إقليمية، وقارية، وعالمية، وآخرها محطة العبور ل"مونديال البرازيل". يا دكتور حافظ لتسمح لي: هل أحدثك عن إخفاقات منتخبات الناشئين والشباب التي ظلت ولسنوات كسقط المتاع، أم تريدني أن أحدثك عن المنتخب الأولمبي الذي ما عرف طريق (الأولمبياد) في أربع دورات متتالية، أم أحدثك عن المنتخب الأول الذي فقد حضوره (العالمي)، وأضاع زعامته (القارية)، وتخلى عن عرشه (العربي) وفقد هيبته (الخليجية)، أم نفتح حساب واقع الكرة السعودية على مستوى الأندية في المشهد الدولي.. اختر ما شئت. يا دكتور حافظ سأتسامح معك، وسأغلق ملف السنون العشر حتى لا يقال انني متجنٍ عليك وعلى الاتحاد (المستقيل)، من باب "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، وسأكتفي بالحديث عن دورتكم الحالية التي بدأت قبل أربع سنوات، وتحديداً في العام 2008، وهي الدورة الثالثة لك، ولبعض زملائك الذين ربضوا على الكرسي بقرار تعيين وليس بالانتخاب. سأسألك هل الدقائق الخمس التي أتحفتنا بها في تغريدتك، هي لب المشكلة، ورأس سنام القضية، أم في إضاعة كأسي الخليج في عمان واليمن، أم في تشويه صورتنا أمام العالم في تصفيات مونديال (جنوب أفريقيا)، أم في مسخها في كأس آسيا الأخيرة في الدوحة، أم في غير استحقاق إقليمي وآخرها الدورتين العربية والخليجية في العاصمتين القطرية والبحرينية، أم في تعريتنا في تصفيات (مونديال البرازيل)، أم في جعلنا نكتفي بمشاهدة أولمبياد بكين 2008، وأولمبياد لندن 2012 عبر الشاشات. أما أنني أراك محتجاً على قرار (الاستقالة) بالحديث عن تحملكم للمسؤولية (خارج صلاحياتكم) كما تزعم في تغريدتك، فإنني استحلفك بالله هل تعني وتعي ما تقول يا دكتور؟، فكلامك يشي بأن لا علاقة لكم كأعضاء بالمنتخب، فمن إذن عيّن المسحل مديراً للمنتخبات، ومنحه عضوية الاتحاد، وصادق على تعاقده مع ريكارد، ووافق على برامجه، وميزانيته؟، لا تقل بأن لا علاقة لكم بكل ذلك، لأنك ستضطرني لفتح ملف آخر، من بين عديد الملفات، والتي كل واحد منها يجعلني أقول لك "ليس على هامان يا فرعون.. عفواً (يا دكتور)"!