تعاضدت عدد من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية والمناخية التي حدثت خلال الأسبوع الماضي للصعود بأسعار النفط إلى ما فوق 120 دولاراً للبرميل لخام برنت القياسي في بداية التعاملات بأسواق الطاقة الأوروبية ليوم أمس الجمعة، فيما قفز سعر خام وست تكساس في الأسواق الأمريكية ليتخطى 102 دولار للبرميل وهو أعلى مستوى سعري يصله منذ ستة أسابيع وسط تكهنات باستمرار هذا الارتفاع المتئد حتى انقشاع فصل الشتاء عن الجزء الشمالي من الكرة الأرضية. وكان العامل الأقوى في تنامي أسعار النفط خلال الأسبوع الماضي سخونة الأجواء السياسية في منطقة الشرق الأوسط ومحاولة تصعيد وتيرة تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة وتناغم ذلك مع التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي على خلفية خلافها مع الدول الغربية بشأن برنامجها النووي وما أعقب ذلك من فرض عقوبات على النظام الإيراني المثير للجدل، ومع أن التهديدات الإيرانية لم تحمل على محمل الجد لدى كثير من الدول، إلا أنها ساهمت ولو جزئيا في تحويل أسعار النفط إلى المسار الصاعد. وتعززت أسعار النفط بعد أن ارتفع الطلب من بعض الدول الأوروبية التي طفقت في اتخاذ إجراءات عملية في البحث عن منافذ جديدة لوارداتها النفطية بدلا عن النفط الإيراني، كما تنامى الطلب على النفط الخام من الدول الآسيوية مثل الصين واليابان وكوريا والهند التي تشهد نموا في أدائها الاقتصادي والصناعي ما رفع شهيتها لاستهلاك النفط، وتواكب ذلك مع تفاؤل ملموس في انتعاش الاقتصاد الأمريكي بعد ظهور مؤشرات على انخفاض معدلات البطالة، وكذلك القرب من حل أزمة الديون الأوروبية في ظل الآمال التي سرت بشأن أن تقترب اليونان من اتفاق للحصول على حزمة إنقاذ ثانية تخرجها من نفق أزمة الديون الخانقة التي تهدد اقتصادياتها. وساهم الطقس البارد في الدول الأوروبية وبعض الولاياتالأمريكية في ارتفاع الطلب على المواد البترولية المكررة ما أدى إلى زيادة الطلب على النفط الخام في الدول الأوروبية وخاصة في أوروبا الشرقية التي تعاني بشدة من قسوة الطقس البارد الذي رفع حاجتها إلى الوقود في المنازل لأغراض التدفئة، إضافة إلى ارتفاع استهلاك المصانع ومرافق الخدمات والمواصلات. وبرزت تحليلات مالية تشير إلى أن النفط قد يسجل أرقاما قياسية جديدة ويقترب من 155 دولاراً للبرميل لخام برنت القياسي نهاية العام الحالي إذا ما استمرت هذه العوامل وخاصة فيما يتعلق بارتفاع الطلب على النفط وتفاقم الأحداث السياسية في منطقة الخليج العربي الذي يزود العالم بحوالي 40% من احتياجاته من مصادر الطاقة. كما أن تجاوز خام وست تكساس القياسي 102 دولار للبرميل ردم الهوة السعرية بينه وبين خام برنت القياسي في الأسواق الأوروبية بحوالي 18 دولاراً للبرميل بعد أن بلغ 26 دولاراً في شهر أغسطس من العام الماضي الأمر الذي اعتبر مؤشرا على توازن في نمو الاقتصاد العالمي. إلى ذلك ارتفع سعر الذهب إلى 1736 دولاراً للأوقية في مستهل التعاملات الصباحية بالأسواق الأوروبية متأثرا بانخفاض سعر صرف الدولار.