أذكى التفاؤل الذي لف أسواق الطاقة أمس الجمعة بقرب حل أزمة ديون منطقة اليورو حركة التعاملات النفطية والعقود الآجلة ما أدى إلى صعود أسعار النفط لخام برنت القياسي في الأسواق الأوروبية إلى ما فوق 112 دولارا للبرميل تبعه خام ناميكس في الأسواق الأمريكية، وهو مؤشر اعتبره المحللون بادرة لتجاوز العوامل النفسية للسوق والتي كانت في السابق تضغط على أسعار النفط وتهدد بتراجعها إلى مستويات قد لا تكون في صالح الدول المنتجة التي تعول كثيرا على العائدات المالية من منتجاتها البترولية لمساندة تنمية مشاريعها الصناعية. وأشارت التحليلات الطاقوية التي نتجت خلال الأيام القليلة الماضية أن أسعار النفط أضحت مؤشرا على الوضع الصحي للاقتصاد العالمي الذي يعاني من تبعات الأزمة المالية ويخشى كثيرا من المراقبين من دخول الاقتصاد الكوني في وعكة اقتصادية جديدة ستؤثر على مساره التنموي وتعيق من تنفيذ المشاريع الصناعية والبترولية التي تتطلب مليارات الدولارات وقد يكون الخروج من أزمة مالية جديدة أصعب من تلك التي عصفت بالاقتصاد الغربي في عام 2008م وربما تتخطى آثارها الدول المتقدمة إلى الدول النامية وهو ما يفاقم من مشكلة الشعوب الفقيرة. ويعول المراقبون على الاقتصاديات الآسيوية التي لم تتضرر كثيرا بسبب الأزمة في تعزيز مسار الاقتصاد العالمي ويبدون تفاؤلا بالخطوات التي اتخذتها الصين مؤخرا في تيسير السياسة النقدية مع تباطؤ التضخم مما سيعزز الطلب على الوقود في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، وهو ما يدفع إلى مزيد من التبادلات التجارية وتقوية المسار الاقتصادي، وقدرة الدول المدينة على الوفاء بالتزاماتها المالية وحل مشكلة الدين التي تهدد مستقبلها التنموي. وسجل النفط وبعض السلع الأولية أمس تناميا سعريا قبل اجتماع وزراء المالية في الدول العشرين لمناقشة قضية ديون الدول الأوروبية وبحث السبل الكفيلة في إخراجها من هذه لمعضلة المالية التي تهدد كيانها حيث صعد سعر خام ناميكس القياسي بمقدار 1.22 دولار للبرميل إلى 85.45 دولارا للبرميل ما يراه المحللون بأنه بادرة تفاؤل من المتعاملين في السوق النفطية بقرب وجود حل يساهم في إنعاش الاقتصاد العالمي، وتتحرك السوق النفطية هبوطا وارتفاعا وفقا للأسواق المالية وتتبعها سوق الأسهم على صعيد جميع مواقع التداول في العالم. بيد أن عددا من المستثمرين في أسواق الطاقة لا يرون بأن أسعار النفط سوف تتسارع في التنامي وإنما قد تبقى قرب معدلاتها السعرية في نطاق 80-90 دولارا للبرميل لخام ناميكس القياسي حتى نهاية الربع الأول من العام القادم 2012م مرجعين ذلك إلى عدم اليقين بتعافي الاقتصاد العالمي بصورة كاملة حتى نهاية هذه الفترة. ولا تزال هناك فجوة سعرية تقدر بحوالي 27 دولارا بين خام برنت وخام ناميكس ويعود ذلك إلى توفر الخام بصورة كبيرة في مخزونات البيع في أسواق "كوشنج كوشنج" بالأسواق الأمريكية وارتفاع الطلب في الدول الأوروبية. وأفضى الإقبال الشديد من قبل المستثمرين على الذهب إلى صعوده في بداية التعاملات ليوم أمس الجمعة بمقدار 11 دولارا للأوقية ليصل إلى 1681 دولارا للأوقية قبل أن يتذبذب وسط التعاملات نتيجة إلى بيع لجني الأرباح السريعة، غير أن المعدن الأصفر ما برح تحت الرقم القياسي الذي سجله خلال الشهر الماضي.