] باتت مسألة استقالة رئيس الجمهورية اميل لحود او اقالته التي طرحها النائب وليد جنبلاط منذ ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري باعتباره رأس النظام الامني الذي يجب اطاحته نتيجة مباشرة لجريمة الاغتيال بمثابة البورصة التي تعلو اسهمها وتهبط بحسب التطورات السياسية. وقد اضحى الموضوع الذي كانت كل من فرنسا والولايات المتحدة حاسمة في شأنه حين طرح اذ رفضتا احداث اي تعديل في موقع رئاسة الجمهورية في المدة السابقة للانتخابات اقرب ما يكون خاضعا الى المزايدات السياسية. وهو امر تردد ان البطريرك الماروني نصرالله صفير فوتح به اثناء وجوده في واشنطن قبل شهرين لكنه كان حاسما في وضع حد له من خلال عدم رفضه على نحو كلي ومبدئي انما تركه الى المجلس النيابي المقبل. وقد قاد هذا الموقف الى سحب الموضوع من التداول العلني والتجاذبات السياسية ولو انه بقي مطروحا في الصالونات الخاصة خصوصا في ضوء اعتبار جنبلاط في دردشة معه قبل مدة قصيرة ان ما يجري حاليا تحت عنوان الانتخابات النيابية هو الانتخابات الرئاسية.ويوم امس الاول الاحد اعاد البطريرك الماروني رسم الخطوط العامة والحدود التي يتوجب على الافرقاء الداخليين كما الخارجيين التزامها في هذا الموضوع. فبعد دعوة وجهتها لجنة المتابعة المنبثقة عن لقاء المعارضة في البريستول الى التجمع على مفترق قصر بعبدا بعد ظهر امس الاثنين لوضع اكليل من الزهر يكون بمثابة ضغط على رئيس الجمهورية للاستقالة، واثر موقف جديد للنائب جنبلاط على اثر اغتيال الصحافي سمير قصير صعد فيه مطالبته باستقالة لحود او اقالته، سأل البطريرك صفير في عظة الاحد هل يستتب الامر في لبنان اذا سقط رئيس الجمهورية بالقوة؟ ودعا في الوقت نفسه الى الانتظار شهراً اي الى ما بعد الانتخابات لبت الموضوع سلبا او ايجابا. الامر الذي ادى الى الغاء لقاء البريستول الدعوة الى التجمع التي كانت مفترضة امس علما ان مطلعين قالوا ان هذه الدعوة لم تكن ستلقى دعما شعبيا كبيرا ليس حبا بلحود او دعما له، انما انزعاجا من جنبلاط. وتاليا فإن اي تجمع هزيل كان سيؤدي الى عكس ما هو مرجو منه ويقوي لحود مجددا خصوصا ان اللقاء كان دعا الى اضراب عام في البلاد يوم الجمعة استنكارا لاغتيال سمير قصير ولم يتم التجاوب مع هذه الدعوة. اما الانزعاج من جنبلاط فمرده في الواقع جملة امور من بينها عدم التوافق بينه وبين العماد ميشال عون انتخابيا مما ادى الى تباعد يكاد يتحول الى اكثر من خصومة على الارض، وموقف العماد عون يلتقي مع موقف البطريرك الماروني من تأجيل البت في مصير لحود الى المجلس النيابي الجديد. ومن بين اسباب الانزعاج ايضا اعطاء جنبلاط الانطباع بان لديه روزنامة فيما يتعلق بشخص رئيس الجمهورية المقبل عزز منه ما جرى من حديث عن تزكيته قبل شهرين النائب فارس بويز ودعمه غير المشروط له اذا استطاع هذا الاخير توفير دعم افرقاء ك «حزب الله» وسواه، مما اوحى ان جنبلاط يبت مع تحالفات معينة شخص رئيس الجمهورية في الاساس، علما انه اكد اكثر من مرة التزامه موقف صفير في هذا الشأن.على اي حال فإن الموقف الاخير للبطريرك مدعوما بموقف مماثل للعماد عون الذي كرر موقفه اكثر من مرة في الايام القليلة الماضية اعطى زخما لرئيس الجمهورية الذي خرج عن صمته للمرة الاولى في هذا الشأن لكي يظهر انه ليس ضعيفا بالمقدار الذي يخيل لخصومه. واعلن انه تعهد الحفاظ على الدستور حتى آخر دقيقة من ولايته مما يعني انه لا ينوي الاستقالة وهدد بكشف اسرار بعض الرموز الذين عايشوه في 6 اعوام وزرعوا الدولة فسادا، حسب تعبيره.والواقع ان ما نجح فيه جنبلاط حتى الآن هو انه وضع موقع رئاسة الجمهورية وهوية من سيشغلها على جدول ابرز الاستحقاقات التي سيواجهها لبنان في المرحلة المقبلة وتاليا فإن هذا الموضوع سيطرح عاجلا ام آجلا خصوصا مع دخول «حزب الله» البازار الجاري خلف الكواليس حول هذه المسألة معلنا انه لا يزال يدعم لحود، من دون ان يعرف اذا كان يرفع سقف الثمن الذي يطالب به من اجل ذلك ام انه يستمر متمسكا بالرئيس الذي اعتبره المدافع الاول عن المقاومة. تجدر الاشارة الى ان البحث جار عن آلية لتقصير ولاية لحود او الضغط عليه للاستقالة باعتبار ان الدستور لا يبيح اقالة رئيس الجمهورية ما لم يكن في ظل اعتبارات محددة كارتكابه الخيانة العظمى او خرقه الدستور. وما لم يتوافر ذلك، وهو غير متوافر، فإن آلية تقصير ولاية لحود يخضع للآلية نفسها التي ادت الى التمديد له اي الى تعديل الدستور بمرسوم يقترحه رئيس الجمهورية وترسله الحكومة الى مجلس النواب. وهذا لن يحصل طبعا الا بموافقة لحود. لذلك يجرى البحث عن اي ثغرة قد تؤدي الى الضغط على لحود سياسيا كأن يأتي هذا الضغط من الخارج او ربما في تطور دراماتيكي معين في الداخل كانفلات الوضع الاقتصادي او اي شيء من هذا القبيل بحيث يشكل هذا التطور ضغطا سياسيا كافيا يؤدي الى تقديمه استقالته طوعا. لكن ثمة من يعتقد انه اذا سحب البطريرك الماروني الغطاء عنه وحصل توافق بين كل الافرقاء في البلاد حول شخص الرئيس المقبل، فإن ذلك قد يشكل حافزا قويا له للاستقالة ما لم يطلب منه البطريرك ذلك شخصيا حفظا لكرامته ولموقع الرئاسة.في اي حال فإن بعض الدوائر الديبلوماسية الدولية والاخرى الداخلية بدأت تتداول اسماء شخصيات محتملة للرئاسة الاولى ابرزهم شخصيات في لقاء قرنة شهوان. وترددت معلومات غير مؤكدة ان اطرافا آخرين يتواصلون حتى مع دمشق على هذا الخط تماما مثلما حصل بالنسبة الى الحكومة حيث ادت الاتصالات التي جرت الى تكليف نجيب ميقاتي رئاسة الحكومة الحالية وربما تؤدي الى تكليفه الحكومة الاولى بعد الانتخابات النيابية. لذلك يتفاوت تحديد المواعيد في شأن انتخاب رئيس جديد بين مطلع الصيف ومطلع الخريف المقبل حرصا على الموسم السياحي خصوصا ان استحقاقات اخرى تفرض نفسها على جدول اعمل المجلس المقبل ابرزها انتخاب رئيس جديد للمجلس وتأليف حكومة جديدة. وعلى ضوئهما قد يتقرر مصير الاستحقاقات الاخرى كانتخاب رئيس جديد للجمهورية.