لا أعرف كيف جاءت إلينا فكرة إبقاء بعض موظفي الدوائر - حكومية هي أو أهلية – بأقفاص منها يتحدثون إلى المراجع . بعضهم عمل الفتحة كالمنخل ، منها يتحدث المراجع ، ثم ينحني قليلا .. ! ثم يعتدل .. ! ، ثم يقوم بإدخال أوراقه من تحت الحاجز . أفهم ذلك في مواقع لها صفة الاحتراز ، كالمصارف مثلا . لكن حتى تلك غير معذورة ، فالنقد الذي يجري تداوله لا يتطلب الكثير من التحفظ . والأموال ليس عند الصراف منها إلا المعدل القليل ، فهي في مكان محصّن داخل المبنى . ولم تمنع تلك الشبابيك المصارف في الغرب من عمليات السطو . فاللص يشهر المسدس بوجه الموظف أو الموظفة من الشباك .. !، والذي يُفترض فيه أن يكون حرزا ضد السطو . ولاحظتُ أنهم في الغرب وكذا في الإمارات اعتمدوا فكرة جعل موظف الحكومة شريكا أو جزءا من الجمهور المتعامل . وفضلوا إزالة " الأقفاص الزجاجية .. ! ) في المطارات وممرات إجراءات المسافرين ، واستبدلوا الفكرة برفع مستوى النضد ( الكاونتر ) إلى مستوى كتف العميل دون حواجز أو نوافذ ولا يستطيع المار الإطلالة على أوراق الموظف أو ماذا يعمل . حتى شاشة المعلومات لا تبدو للناظر . مع ذلك فالمراجع يشعر وكأنه جزء من حالته الإجرائية وليس طارئا أو متطفلا . البلديات ، مثلا ، ومكاتب العمل والأحوال المدنية والجوازات وفروعها في المنافذ ومكاتب المرور لا تحتاج إلى شبابيك عزل اختياري . فلنجعل الموظف يستطيع الأخذ والعطاء مع المراجع وصاحب المصلحة وكأنه جزء من العملية الوطنية ، لا كمريض مرض معد . وقرأتُ بعض الملاحظات النفسية بأن الحاجز في مجمله حاجز نفسي رغم انه حاجز زجاجي والسؤال لماذا هذا الحاجز ؟وما هو الهدف منه أصلا؟ . ورأى مقيمون إداريون أن الإحساس له دور في النفوس ، عندما تخاطب شخصا وجها لوجه بدون حواجز تجد هناك شعورا طيبا في التعامل بين المواطن والموظف . بعض الحواجز قد أزيلت . وبعد مرور فترة جاء مدير جديد وأمر بالحواجز أن تُعاد في المستشفيات تجد نافذة صغيرة في السجلات الطبية وكذلك في العلاقات العامة لا بد أن تخفض رأسك لكي تستطيع ان تخاطب الموظف طريقة لا اعتقد أنها موجودة سوى في مؤسساتنا لماذا تخاف المؤسسات الحكومية والخاصة من المواطن ؟ماذا سوف يفعل المراجع أصلا حتى تقام كل هذه الحواجز؟لقد تطورت التكنولوجيا وأصبح لدينا من الوسائل كثير لحماية هذه المؤسسات غير هذا النظام البائد العقيم الذي يعود الى القرن الثامن عشر والتاسع عشر عندما بدأ في استخدام البريد ونظام البنوك حيث كان يغلق على موظف البريد أو البنك خوفاً عليه من اللصوص وقطاع الطرق كما كنا نشاهده في أفلام الخمسينات والستينات .