تناول البرنامج الإذاعي الهادف (الثانية مع داوود) للمذيع الناجح داوود الشريان بإحدى حلقاته مؤخراً عبر إذاعة mbc fm موضوع وفاة الطفل مهند القحطاني غرقاً في حفرة تابعة لمشروع الصرف الصحي قرب منزله بحي اليرموك شرقي الرياض، بعد أن طمرتها السيول لينتشله الدفاع المدني بعد 6 ساعات من سقوطه. أعجبتني تلك الحلقة ببساطتها وشفافيتها وقوة حضورها وسيطرتها على اهتمامنا طواعية لا إكراها لا أعتقد بأن تلك الحلقة وما بها من تفاصيل إليمة للحادثة أو الفاجعة ونقاشاتها الساخنة ستمر أمام ذاكرتي مرور الكرام وسيشاركني الرأي كل من تابعها بإحساسه ظهيرة يوم الاثنين فقد تحدث بالدموع والد الطفل (مهند القحطاني) والذي لم يمض من عمره سوي ثماني سنوات تاركاً أخاه بلا صاحب يلاعبه وأبوين لا يملكان سوى البكاء والعويل خرج ببلد آمن لشراء علبة حليب فابتلعته حفرة تبحث عن ضحاياها منذ عدة أشهر بعمق أربعة أمتار ولا ألوم الأخ داوود عندما انفعل وهو يلقي باللائمة على مسؤول من شركة المياه والذي لم يجد ما يقوله لضعف حجته وتبدد أفكاره سوى خروج عن الموضوع وتهرب من المسؤولية ورميها على الدفاع المدني والدفاع المدني بدوره يحمل المسؤولية المتسببين بتلك الحفرة بلا سياج أو وسائل سلامة وكم أعجبني المذيع و(برد كبدي) عندما قطع الطريق على المتحدث الممثل لشركة المياه قائلا بحدة ..يا أخي حفرة بطريق وسط حي سكني بلا سياج أو صبات خرسانية وشلون تصير ذي ..يعني (مهند) طمر الخرسانة مثلا .. كم شهر وهي موجودة بدون سياج وكم طفل طاح بحفرة ومات وين المسؤولية من المسؤول ..ثم واجههم بقوله من أمن العقوبة أساء الأدب.. لو حرم المتسبب من عمله وتم سجنه ما صار اللي صار.. لو وليت ما تعمر بيت. لن يشعر بلظى نار احتطبت صدر والد مهند لحظة حديثه عن محنته وفقده لفلذة كبده سوى من تجرعها علقماً ولأن ذلك قضاء وقدر فلن يلزم كل مسؤول بتذوق كأس الفقد، ولكن كما قال الأستاذ داوود لا بد أن تكون العقوبة بقدر الألم والصفعة بقدر الإهمال ليرتجف فؤاد كل متهاون ويتذكر العاقبة .. أحيي الأستاذ داوود وهو يفكر بصوت عال ويهاجم بروح الوطنية وعاطفة الأبوة والمسؤولية التي من خلالها اعتلى منبر الحوار والذي قال بلا مجاملة أو تردد: أنتم المسؤولون عن قتل مهند وغيره ..عمل بلا إتقان ..مشي حالك ..الأرواح رخيصة ..لا حسيب ولا رقيب..!! وبالنهاية دعوني أسرد لكم حكاية نسجتها هلوساتي ذات مساء غائم برذاذ الصرف الصحي ..وبالتالي لن أطالب بحقوق طبعها . حفروا الحفرة منذ أشهر..فمر مهند ليشتري الحليب من البقالة ..التهمته الحفرة وسط النهار بلا خوف ..لا تلام فهي فارغة جائعة ليل نهار معلقة بلا نفقة أو اهتمام والمسؤول عنها لاه مستمتع بوقته وهيبته ..مع الأيام اعتادت على الوحشية والتمرد وقررت لفت النظر لقضيتها فلا رقيب ولا حسيب تفتح ذراعيها صباح مساء بالهواء الطلق بلا سواتر لتعانق الأجساد الغضة الطرية وتبتلعها ولا من شاف ولا من دري..!! إلى أن سأل سائل: أين مهند .الجواب ببطن الحفرة ..!! من المسؤول..؟؟ بالطبع الحفرة..من نتهم؟ بلا شك الحفرة؟ والحل: تدفن الحفرة..!! والملف ؟ بجوف الحفرة.