تحذير. عاجل جداً جداً. أرسلها لأحبابك من باب «المسلمون كالجسد الواحد»، انتهى، هذه بعض عناوين الرسائل المستفزة المحذرة من فتح أو قراءة الرسائل الواردة من جهة معينة أو باسم معين، لأنها قد تصيب قارئها بالمس أو السحر. كنت أعتقد أن هذا النوع من التفكير قد عفى عليه الزمن وتخطاه الناس إلا أن الواقع يؤكد أن توقعي ليس في مكانه، وأشد ما يزعجني عندما تكون هذه الرسائل من أشخاص أظن فيهم أنهم على درجة من الوعي وفي مواقع وظيفية تفرض عليهم الوعي والمساهمة في إنضاج الفكر العام والتعامل مع الواقع بما ينفع الفرد ذاته أولا ثم المحيط الذي يعيش فيه، هذا النوع من الرسائل يشعرني أننا في كوكب آخر يستمتع بعالم الغيبيات، كما يجعلني أشيد بفطنة القاضي المسحور إياه الذي اختلس مئات الملايين وزعم أنه متلبس بجان، هذا القاضي وأمثاله ممن يلعبون على نفس الوتر قارئين جيدين لعقليات من حولهم فهم يعلمون جيداً أن بضاعتهم رائجة والثقة بإنتاجها منقطعة النظير، فطالما من نعتقد فيهم خيرا في مسألة الوعي والنضج ينساقون بسذاجة وتلقائية نحو هذه الكلام السخيف فكيف بالبسطاء من الناس واليائسين، سيقول قائل هل تنكرين وجود السحر والجن ؟ ولو تحدثنا في هذا المسألة فلن ننتهي، لكن واقعنا يقول إن السحر والجن شماعة فائقة الجودة للكسل والاستغلال والفشل وأصبح يعادل في مستواه كلمة القضاء والقدر، فالبعض يبقى في مكانه أو يتراجع للوراء بذريعة أنه مصاب بالعين أو السحر وهما قضاؤه وقدره في هذه الحياة الدنيا !! ومما يعزز هذا الاعتقاد كثرة الأخبار والتركيز الإعلامي حول مسألة السحر واكتشاف الأسحار والسحرة والمعيونين، هذا التركيز يحول الشك في هذه الأمور إلى يقين، فيؤمن من يبحث عن شماعة لخموله وتقصيره أن هناك عيونا تتربص به أو أسحارا تدبر له، وللأسف أنه هذا الاعتقاد يسيطر على كثير من العقول حتى المتعلمة منها ومن تدعي الثقافة، فعالم الغيبيات عالم جذاب للكثير، ولا يأخذون منه إلا ما هو سيء وما يردئ وضع الإنسان، فلم يسبق أن سمعنا عن شخص عُمل له سحر لخدمة مجتمعه أو سحر لتحويل كسله لنشاط وإنتاج ! وأكاد أرى أن هناك من يقرأ هذا الموضوع ولا يعجبه فيسرد على من حوله عدد ضحايا العين والسحر الذين يعرفهم وقد يكون هو واحد منهم. البعض يبحث عن شماعة تخفف عنه وطأة لوم النفس والآخرين على التقصير وعدم السعي وبطبيعة الحال ليس هناك أسهل ولا أفضل ولا أكثر تصديقا من مقولة معيون أو مسحور.