لا شك أن وفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله حادثة مفجعة للمجتمع السعودي. وخسارته تعد خسارة كبيرة بحجم ما كان يقوم به لخدمة المملكة العربية السعودية. وهو ما يقول علماء الاجتماع أن بعض القيادات لا يمكن تعويضها في أي مجتمع إلا بعد سنوات طويلة، إذ كان يرحمه الله من القيادات التي جمعت الرشد والكارزما في أبعادها المختلفة. والذي من أبرز صورة التنوع الكبير في عمل الأمير سلطان العسكري والتنظيمي والإداري والخيري والاقتصادي والبيئي والصحي والاجتماعي والعلمي وغيرها. فرجل بحجم سلطان رحمه الله كنت أراهن مع بعض الزملاء في الوسط الأكاديمي أنه لا يمكن أن يخلفه رجل واحد، وفراغه السياسي والإداري والأمني والتنظيمي والإنساني لا يمكن أن يقوم بسدهما شخص واحد. لذلك كنت قد وضعت فرضية أنه لا بد من إعادة تشكيل مناصب الأمير سلطان وتوزيعها على عدة شخصيات وأن تكون ولو بجزء يسير بحجم سلطان خاصة في جانبها الإنساني والاجتماعي. فما يحسب للأمير سلطان رحمه الله العمل الإنساني والعطاء الخيري الكبير الذي اتصف به منذ بداية دخوله معترك الحياة الإدارية والأمنية والسياسية. لذلك يعد يوم الخميس الموافق 29/11/1432ه يوما مجيدا للسعوديين، حيث صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للداخلية. وقد لقي هذا التعيين أصداء واسعة على المستوى المحلي والعربي والدولي. فتعيين الأمير نايف وليا للعهد حقيقة لقي هذا التعيين إشادة بهذا التعيين وارتياحا نفسيا واجتماعيا كبيرا جدا للثقة الكبيرة في سموه ومناسبته لتولي هذا المنصب ولاعتبارات كثيرة من أهمها: 1- الشعور بالأمان على مستقبل المملكة في ظل ما أثير في الإعلام الغربي من تنازعات ومخاوف من عدم اتفاق العائلة الحاكمة أو اختيار بناء على تراتبية العمر إلا أن تعيين الأمير نايف أضاف الأمن والأمان في نفوس شرائح المجتمع المختلفة خاصة وان أجيالا كبيرة عاشت مع سموه منذ خمسين عاما. 2- المعرفة الكبيرة بسموه ولا نبالغ إذا ما قلنا انه أشهر الأمراء لدى الشباب خاصة بعد بروز دور سموه في مواجهة الإرهاب والتفجير الذي تعرضت له المملكة. 3- تفوق سموه في الخطاب الإعلامي، حيث إن تصريحاته تأتي دائما عالية المستوى وفيها قوة وصلابة وهي ترفع من معنويات أفراد المجتمع وتزيد من ثقتهم. خاصة تصريحاته حول الوحدة الوطنية والتعايش الاجتماعي ومصادر التهديد الأمني والعسكري في المملكة وشفافيته وصراحته التي تصل إلى حد نقد المؤسسات الحكومية عند تقصيرها عبر الإعلام جعله محل تقدير لرجال الإعلام. وعلاقة سموه وخبرته بالعمل الإعلامي طويلة جدا منذ رئاسة سموه للمجلس الأعلى للإعلام منذ ما يقرب من ثلاثين عاما، وبالتالي يدرك خبايا العمل الإعلامي وإشكالاته لذلك يتعامل معه رجال الإعلام بتعامل الخبير المدرك لطبيعة الوضع الإعلامي ومشكلاته واحتياجاته. 4- ثقة القطاعات العسكرية المختلفة بسموه لما له من خبرة في المجال الأمني الطويل جدا جعلت فئة العسكريين يشعرون بالاطمئنان لإدراك سموه لطبيعة العمل الأمني والعسكري وحاجته للتطوير. 5- الخبرة الطويلة للأمير نايف في العمل الإداري داخل مؤسسات الدولة منذ أن كان وكيلا لإمارة الرياض عام 1947ه. وتمرسه في العمل الإداري من خلال تعدد المنصب التي تقلدها. 6- تتلمذه على يد الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله- منذ أن كان نائبا لوزير الداخلية ومعروف ما معنى أن يكون تلميذا للملك فهد رحمه الله- الشخصية المهمة في التاريخ السعودي الحديث. 7- الأمن الذي تعيشه المملكة منذ سنوات طويلة يحسب للأمير باعتباره وزيرا للداخلية منذ عام 1395ه. حيث خلف الملك فهد رحمه الله في هذا المنصب. 8- التواصل الاجتماعي للأمير نايف مع كثير من مؤسسات الدولة من خلال رئاسته لعدد من مجالس الإدارات في المؤسسات العامة. 9- انضباطية العمل في المؤسسات التي يشرف عليها والتطوير المستمر لها والكل يدرك التغير الذي حدث في الأجهزة الأمنية والتطوير المستمر لها. ولعل من أهمها النجاح الذي يحققه الأمن والأداء العالي للجهات العاملة في الحج والتي يرأس سموه لجنتها العليا منذ ثلاثين عاما جعلت علاقته بقطاعات الدولة المختلفة كبيرة ووثيقة. 10- علاقته المتينة بالشأن الإسلامي واهتمامه بالشأن الدعوي والخيري من خلال جائزة سموه للسنة النبوية التي أصبحت جائزة عالمية تضم في عضويتها عددا من كبار العلماء في العالم العربي والإسلامي، وكذلك رئاسته للجان الخيرية والاغاثية جعلته محل تقدير لدى العلماء والمشايخ. 11- الخبرة في الحراك الاجتماعي على المستويات المختلفة التي يتمتع بها سمو الأمير نايف جعلت من تعيينه أمرا ضروريا فهو يتمتع بخبرة تاريخية وعملية خاصة في مجال الفكر الديني والتطرف والإرهاب حيث أصبح بمثابة مرجع للفكر الحركي الديني في العالم العربي. 12- يعد الأمير نايف شخصية معروفة في العالم العربي ويستقبل استقبال الرؤساء خاصة وأنه يرأس مجلس وزراء الداخلية العرب منذ سنوات طويلة وهذا المجلس يعد من أكفأ المؤسسات العربية وصدر عنه عدد من القرارات والمعاهدات والاتفاقات الأمنية جعلته أنشط مؤسسة عربية للعمل المشترك وهذا كله يحسب للأمير نايف. 13- علاقة الأمير نايف برجال الأعمال وثيقة جدا حيث يكرم سموه كل عام المؤسسات الاقتصادية المهتمة بالسعودة والمسئولية الاجتماعية. وقد أوضح الارتياح الذي عبر عنه رجال الأعمال في المملكة منذ تعيين سموه عبر عنه سرعة الارتفاع في أسعار الأسهم والحركة التجارية والاستثمارية ستزداد في المملكة جراء الثقة في القدرة الأمنية لسموه والخلفية الإدارية التي يتمتع بها. 14- اهتمام سموه بمواجهة البطالة وتطوير برامج السعودة أمر ملفت للنظر وهذا الأمر له أكثر من ثلاثين عاما منذ رئاسة سموه لمجلس القوى العاملة الذي تم إلغاؤه بعد إنشاء وزارة العمل. الخبرة الأمنية الطويلة لسموه خاصة بعد الارتباط الوثيق بين السياسة والأمن في ظل الحرب على الإرهاب جعلت سموه محل أنظار العالم والصحافة العالمية خاصة بعد نجاح المملكة الكبير في مواجهة. 15- الإرهاب سواء من حيث المواجهات المباشرة أو الضربات الاستباقية مما جعل هناك إشادة دولية بتجربة المملكة في مواجهة الإرهاب والتي كللت بإنشاء مركز دولي للإرهاب تمخض عن المؤتمر الدولي للإرهاب الذي عقد في المملكة قبل ما يقرب من أربع سنوات. 16- الخبرة في المجال الاجتماعي والخيري حيث يترأس سموه العديد من الجمعيات الخيرية المحلية بل ويقدم الدعم المادي والمعنوي لها. هذا إضافة إلى تبرع سموه السنوي لجميع الجمعيات الخيري. حيث من أبرز مظاهرها اهتمام سموه بالمتقاعدين كبير جدا وهو الداعم الكبير لهم ومكتب سموه الخاص يتلقى كثيرا من الخطابات لطلب المساعدة وكلها تجد أصداء طيبة لسموه. واهتمام سموه الكبير بأسر الشهداء أمر ملفت للنظر وهم يحظون بالرعاية والتكريم المستمر من سموه يجعل من الحس الإنساني لسموه أمرا يحظى بالقبول والحب من أفراد المجتمع. 17- الثقة المطلقة التي يبديها سمو الأمير نايف في المواطن السعودي ملحوظة في خطابه الإعلامي وثنائه على انجاز الفرد السعودي أمر يبعث الطمأنينة في قدرة سموه على النجاح والرقي بالمجتمع السعودي. 18- الارتباط بين سموه والأعمال العلمية والبحثية من خلال ما يزيد عن عشرة كراسي علمية في الجامعات السعودية، بتمويل كريم من سموه. وهذا يدل على حرص سموه على البحث التعليمي وتطويعه لصالح دراسات وأبحاث تفيد المجتمع السعودي في مجالات مختلفة. وأخيراً فإن واجبنا بمختلف مواقعنا كمواطنين سعوديين أن ندعو له بالعون والتوفيق وأن ينفعنا به في كل ما من شأنه ازدياد التقدم والتطور للمملكة العربية السعودية وأن يكون عضيداً أمينا لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، الملك الإنسان. * أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض