إن مكانة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في عيون وقلوب وعقول المجتمع السعودي بوجه عام قيادة وشعباً من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله- وكل مواطن سعودي تنبع وتنطلق من المحبة والتقدير للمجدين المخلصين والعاملين المتميزين الذين لا يألون جهداً في خدمة دينهم ومليكهم ووطنهم، ولذا فقد تجسد هذا التقدير وهذه المحبة في فرح وسعادة بالأمر الملكي الذي تضمن الإعلان عن ثقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في أخيه وعضده الأمير نايف وتعيينه ولياً للعهد خلفاً للأمير الراحل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- وما أشبه الليلة بالبارحة حينما صدر قرار خادم الحرمين الشريفين بتعيين الأمير نايف نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء فقد عبر الجميع عن سعادتهم وهاهي الفرحة تعود بتوفيق الله لحسن الاختيار والثقة في المختار وكنت أشرت في مقال سابق عن التفاؤل والثقة والابتهاج، حينما تلقى الجميع نبأ الأمر السامي الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -متعه الله بالصحة والعافية-، بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية -حفظه الله- نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، وقلت إن مصدر هذه الثقة الكريمة من الجميع، وقبلهم والدهم عبدالله بن عبدالعزيز، إن هذه المرحلة من مسيرة بلادنا المباركة، ووسط المتغيرات والأحداث، تتطلب المزيد من العمل الجماعي الهادف، وتوظيف الإمكانات والقدرات، وهذا لا يتسنى إلا بتضافر الجهود، وتعزيز التكاتف، وهذا الاختيار الموفق إضافة موفقة في سجل خادم الحرمين الشريفين الذي يقود بلادنا نحو ذرى العز، وموئل التقدم، وتحقيق المزيد من الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهو استمرار لما تتميز به بلادنا -ولله الحمد- منذ أمد بعيد من تكريس مفهوم البناء الشامل، والتلاحم على النحو الذي مكنها من الرسوخ، والثبات، والتطور، حتى غدت علامة بارزة في سجل الدول المتميزة التي تنعم بالأمن، والرخاء، والاستقرار، ونسأل الله أن يديم عليها ذلك. وهاهو القرار الصائب، وحسن الاختيار لشخص صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز يتجدد بتعيين سموه ولياً للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية، يعد امتداداً للاختيارات السابقة في اختيار رجالات الدولة، وقادتها، ونحمد الله أن رزق بلادنا بهؤلاء الرجال من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه-، الذين قادوا ويقودون المسيرة، ويواصلون العطاء خدمة للدين والوطن، وأدوا جهوداً وأعمالاً بارزة حظيت بالإعجاب والتقدير من جميع الأوساط، ولم يكن ذلك ليتم لولا الروح الأخوية التي هيأت لمسيرة بلادنا في القيادات الحكيمة، والترابط الوثيق بين الحاكم والمحكوم، وما يؤدي إليه ذلك من استقرار وأمان واطمئنان، ومما يخلق جوّاً من الود والتفاهم، ومن ثم البناء والاستقرار، ويجعلها تواصل مسيرتها، وتوسع آفاقها في مختلف المجالات، هذا الاستقرار الدائم الذي انعكس على مكانة المملكة العربية السعودية دوليّاً وإقليميّاً، وجعل لها دائماً دورها المتطور، ووجودها الفاعل، وتأثيرها الكبير في المحافل الدولية. لقد أخذ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على عاتقه عز هذه البلاد وأمنها ورخاءها ورسالتها في العالم العربي والإسلامي ومكانتها الدولية اقتصادياً وسياسياً فوجد فيه الجميع العزم والحزم والحكمة والأناة وحاز الثقة والإعجاب بريادته للتضامن الإسلامي والعربي والاحترام الدولي وجوانبه الإنسانية وتبنيه لهموم الناس جميعاً وكانت الدول والهيئات السياسية والإنسانية تجد في المملكة العربية السعودية وقيادتها ملجأ بعد الله يقضون إليها بهمومهم وشجونهم ويجدون كل الدعم والعطف والمساندة للقضايا الدولية والإنسانية وكان ديدن خادم الحرمين ومنهجه الدائم الصدق والإخلاص بإخضاع كل ما يجري في بلادنا من أمور إدارية للمقاصد الإسلامية وبما لا يتعارض مع الشرع الحنيف، وكان دائماً صادقاً مع الله وصادقاً مع نفسه ومع مجتمعه والعالم أجمع؛ وهذا ما يمليه الإخلاص والحب لهذه البلاد وللعباد والحرص على استقرار بلاده وعلو شأنها وفي المعيشة -حفظه الله- ما يغني عن الإسهاب، ولعل ما توج الرؤيا الصائبة والنظرة الثاقبة والحرص على مصالح البلاد تعيينه لأخيه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -أيده الله- ولياً للعهد. لقد قيض الله لبلادنا المباركة -ولله الحمد- رجالاً أوفياء، وقادة حكماء يعملون دائماً وأبداً في راحة واستقرار وسعادة أبناء المملكة، وفي أجواء يسودها الحب والتلاحم، وتجسيد هذا المفهوم دائماً وأبداً. وفي شخصية نايف بن عبدالعزيز تتجسد الكثير من الصورة الناصعة للشخصية القيادية العملية البارزة، لما لسموه من تجارب وخبرات، ولكنني أشير إلى حديث سابق لسموه خلال احتفالية المملكة بالمئوية، وتحديداً قبل عشرة أعوام، وفي ندوة «الدعوة في عهد الملك عبدالعزيز»، قال سموه: إن الأمن في بلادنا -والحمد لله- قوته مستمدة من منبع قوي ومن أصل قوي يعتمد على كتاب الله وسنة نبيه، والصلة مرتبطة وواحدة، ويجب أن تستمر، وأكد سموه أن الداعية رجل أمن، ورجال الأمن دعاة، يتعاونون على البر والتقوى. وحينما قامت زمرة الإرهاب بالإفساد، والتخريب، والاعتداء في بلادنا، وكتب من كتب حول الإساءة للدين والمعتقدات تصدى سموه لهؤلاء كما تصدى للإرهابيين، رافضاً كل إساءة للدين، ومحذراً من ذلك، وإنما السوء في من فهم الدين فهماً غير صحيح، فالإسلام دين الوسطية والاعتدال، وقبل هذا فقد سعى سموه -وطوال عمله في وزارة الداخلية نائباً فوزيراً- في المساهمة، والمحافظة على قدسية الحرمين الشريفين، ومنع الإساءة لهما، أو إلحاق الأذى والضرر بالوافدين إليهما من كل مكان، وسعى سموه في ترجمة أهداف ولاة الأمر طوال السنوات الماضية في أن تضع المملكة كل إمكاناتها في خدمة حجاج بيت الله الحرام، وزوار مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والضرب بيد من حديد على أي عمل يعرض أمن الحرمين الشريفين، وأمن حجاج بيت الله الحرام. والباحثون والمتابعون يعرفون الأمير نايف بن عبدالعزيز باهتمامه، بالفعل قبل القول في مجال الخير والعمل الإسلامي الذي يخدم الإسلام والمسلمين ويرضي رب العباد سبحانه. ولعلي أشير إلى جائزة سموه لخدمة السنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة التي أنشأها قبل عدة سنوات تحت مسمى «جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة».. هذه الجائزة التي وقع أثرها في القلوب لأنها تعنى بسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهذا الاختيار الموفق من لدن سموه بتخصيصه هذه الجائزة للسنة النبوية المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام. لقد كان لي شرف الاستماع المباشر، خلال العمل في الميدان الإعلامي والإداري ما يزيد على ثلاثين عاماً، وحضور العديد من المناسبات التي يرعاها سموه، فوجدت في سموه سعة الأفق، ولباقة الحديث، وبعد النظر، والرؤية الثاقبة، والقراءة المتأنية للأحداث، والخبرة الإدارية، والقيادة العسكرية، والقدرة على إدارة الأزمات. وإلى جانب الجوانب العملية التي برع فيها سموه، فهناك جوانب أخرى كان لسموه قصب السبق فيها، وهي الجوانب الإنسانية والاجتماعية، وخدمة الإسلام، فقد عُرف اهتمام سموه في مجال العمل الخيري وريادته، فسموه يرأس عدداً من اللجان الخيرية، كما أسس سموه وبشخصه ومن ماله الخاص العديد من المؤسسات وكراسي الدراسات الإسلامية في الخارج، ومنها كرسي سموه للدراسات العربية والإسلامية في موسكو، وجائزة سموه العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية، التي أشرت إليها آنفاً. ختاماً أقول: هنيئاً للوطن بنايف، وشكراً لعبدالله بن عبدالعزيز على هذا القرار الذي أثلج صدورنا، وأبهجنا، ونبارك لسموه متمنين له العون والتوفيق، والعمل ليكون عضداً وسنداً لسيدي خادم الحرمين الشريفين.