موسم العيد والعطلات بدأ، اللافتات توزعت منذ أيام على الشوارع، حاملة صور نجوم التلفزيون الخليجيين.. أخيرا سيشاهد الجمهور نجمه التلفزيوني المحبوب مباشرة على خشبة المسرح ولكن على أي حال..! هنا يبدأ السؤال، حول تقييم مستوى ما يقدم من عروض مسرحية جماهيرية، تعتمد لنجاحها غالبا، على استجلاب نجوم خليجيين، بغض النظر عن محتوى هذه المسرحية أو تلك. ومن جهة أخرى، يحق السؤال، حول لماذا يهمش الممثل و النجم السعودي وهل استثمر حقا ليقدم مسرحا كوميديا فنيا، ينشط الحياة المسرحية الجماهيرية، ويقدم ما يستحقه الجميع: الناصر: هناك من يرفض تقديم مسرحية محلية لأنها لا تستقطب السواح..! وحول تقييمه بداية، يرى مدير جمعية الثقافة والفنون بالدمام الفنان راشد الورثان، أن أغلب العروض التي نشاهدها في مثل هذه المناسبات تكون عروضا مسرحيا وقتية، لا تصمد أكثر من هذه الفترة بل وتموت سريعا. مؤكدا أنه ليس ضد المسرحيات التي تخلق البسمة على شفتي المشاهد "وليس بالضرورة أن تكون أعمالنا كلها نصائح وتوجيهات وإرشادات ولكن لو لم يكن فيها هذه النصائح، فلا يكون فيها ما يستخف بعقل المشاهد.. لا يكون فيها كلمات بذيئة وإذا لم ترتق بذائقة المتلقي لا تنزل به إلى الحضيض". ويشير الورثان إلى أن مسرحيات المناسبات والتي تأتي بشكل سريع، لا تأخذ حقها خصوصا وأن النص يأتي مهلهلا في الأساس وبالتالي سيكون عرضة للاجتهاد من قبل الممثلين والجميع. سمير الناصر أما الفنان سمير الناصر، فلا يحبذ أن تكون هنالك عروض مسرحية تجارية سريعة كما يحدث حاليا، مع مقاول/المنتج الذي يريد أن يقدم أعمالا لمسرحيين (نجوم) من الخارج هم على الأغلب أسماء مكررة قد تنجح مرة فتعاد مرارا من خلال المقاولين "المنتجين". مؤكدا أن عملية اختيار العروض هذه متوقفة على اختيار شخص وليس وفق معايير فنية. وحول مدى تأثير استجلاب النجوم بكثرة من الخارج على الفنان السعودي، يعلق الناصر موضحا: " المسألة تختلف من منطقة إلى أخرى، فنحن في المنطقة الشرقية نعاني معاناة كبيرة جدا في مهرجاناتنا الداخلية والسبب هيئات السياحة ترفض أن نقدم لها مسرحيات بحجة أننا لانستقطب السواح". مستطردا: "وكأننا عين عذاري تسقي البعيد وتترك القريب!". مضيفا: "فهم يرون بما أننا محليون فلن نستقطب الجمهور الذي سيحضر من خارج الشرقية من ناحية الاستثمار الذي سيقوم به هؤلاء التجار لهذا العمل". ويدعو الفنان الناصر أنه كما تمت استضافة فرق مسرحية من الخارج، يفترض أن تستدعى فرق من الداخل لكي يكون هنالك نوع من المنافسة الجميلة والحكم في النهاية هو الجمهور. مؤكدا أن من يريد للمسرحية المحلية النجاح عليه أن يدعمها إعلاميا وماليا قبل أن يدخلها في مقارنة إنتاجية وربحية مع الأعمال القائمة على النجوم الخليجيين". موضحا: "كيف يمكن أن أنجح أمام عراقيل توضع أمامي في الوقت الذي يؤتى بالفنان الضيف وتقدم له كل الخدمات التي تؤدي إلى نجاح العرض ماليا؛ علما أن المسرحية تكون معدة على عجل بعد أن أخذ جزء بسيط من النص الذي يعاد تقديمه على أنه مسرح محلي ليفاجأ الجمهور بغياب الفكرة والمضمون والهدف بل يكون هنالك تهريج أكثر من اللازم وخدش للحياء أو تطاول من بعض الممثلين على الجمهور، وآخر يأتي "ليسولف" مع الجمهور وكأنه مقدم برامج"..! جبران الجبران ويؤكد الفنان الناصر أن الممثل السعودي ذي الخبرة الزمنية الطويلة، لا يستشار ولا يستدعى من قبل هذه الهيئات القائمة على التنشيط السياحي، "وفي نفس الوقت يحملوننا أخطاءهم عندما لاتنجح العروض ويقولون: لماذا لم تأتون؟، وهم لم يدعوننا من قبل!. منبها إلى أن الفنان المسرحي السعودي سيظل غائبا عن التواجد عندما لا يجيد لعبة التجارية والعملية الإنتاجية. جبران: مسارح المدن الترفيهية ستأخذنا إلى التهلكة! أما المنتج والممثل المسرحي جبران الجبران، فقد علق على المستوى الفني للعروض المسرحية في الأعياد والعطلات قائلا: "هنالك اتجاهان، الأول محبذ وجيد ويدعم ويشجع الحركة المسرحية وهو الاتجاه المنظم وهو الذي تشرف عليه جهات قادرة على الرقابة وفرض شروط مسرحية لائقة ولديها القدرة الإدارية والمالية وهي طبعا بعض الأمانات في المملكة مثل أمانة الرياض وأمانة منطقة مكة ونجران ومحافظة الطائف وتبوك. مؤكدا على أن هذه الجهات محبذة لأن لديها القدرة على التقييم والقدرة المالية على الدفع دون مقابل لأنها تعمل على حركة التنشيط المسرحي في مواسم العطلات. أما الاتجاه الآخر فهو سيأخذنا إلى التهلكة والهواية وهو يتمثل في المدن الترفيهية وبعض الشركات الهاوية التي تقوم بعمل بعض المسرحيات الارتجالية والتي لا تسأل عن الخبرة أو النص أو الإخراج فكل ما يهمها هو جني الأرباح الطائلة. راشد الورثان وحول نفس ظاهرة استجلاب ودعوة ممثلين نجوم من الخليج والوطن العربي للمشاركة في مسرحيا سعودية، يعلق الورثان قائلا: "هذا استهلاك للمادة ولا يوجد فيها الفائدة المرجوة، إذا كان النجم يأتي قبل العرض بليلتين أو ثلاث ليال. مضيفا: حتى بروفات الطاولة وهي الأهم من بروفة العرض، لا يحضرها لأن العملية تجارية بحتة ويكون استجلاب الممثل لأهداف تسويقية محضة. ويدعو الورثان الجهات المنتجة وخاصة الأمانات لمراقبة مثل هذه العروض، مشيدا بتجربة أمانة الرياض في متابعة العروض قبل تقديمها، مضيفا: "عندما يحضر الأمين شخصيا البروفات وخاصة بروفة الجينرال، هذا يجعل الممثلين يلتزمون جيدا بالنصوص والعروض لأنها تعرف أن ورائها أناس يتابعون". مشددا بالقول: وأخص لك مايحدث في مراكز الترفيه بالذات والتي تعمل بشكل عشوائي ويكون الهدف من ورائها ماديا. وعن دعوة نجوم خليجيين لقيادة بطولة المسرحيات داخل المملكة، يعلق جبران أيضا: " إذا كانت المسرحية خليجية محضة بلا عناصر سعودية فلم نستفد شيئا". راشد الورثان: استجلاب النجوم استهلاك للمادة دون فائدة مضيفا: "أنت عندما تأتي بعرض كويتي أو بحريني كامل مكمل فأنت أصبحت سمسارا في الأول والأخير". معلنا بالقول: " لماذا نأتي بنجوم من الخارج ونحن لدينا نجومنا. الجواب كما يراه جبران أن وزارة الثقافة والإعلام لا تشجع تقديم عروض مسرحية سعودية وإنما فقط تدعم وتشجع تقديم أعمال درامية تلفزيونية بالملايين، فضلا عن أنها لا تعرض وتروج لأعمال المسرحيين السعوديين في القنوات المحلية. وينفي جبران أن يكون ضد استجلاب نجوم من الخارج منوها إلى أن التجارة في المسرح ليست عيبا، موضحا بالقول: "عندما أقف على المسرح بجانب نجم ذي خبرة طويلة، فهذا يكفي لكي أقيم نفسي وكثير من شباننا قيموا أنفسهم ووجدوا أنفسهم متميزين وآخرون اكتشفوا أنهم يسيرون في "السكة الغلط". جبران الذي أنتج مسرحية (المراقب وصل) بطولة حسن البلام، اعترف بأن ثمة مشكلة في استجلاب ممثلين من الخارج لعمل مسرحيات مرتجلة تحوي كثيرا من التهريج. مضيفا: "ولكن دعنا نكون منطقيين لأن المشكلة إنتاجية، فلو أحضرت نجما معينا إلى المملكة وقلت نحتاج شهرا من البروفات فإن المسألة تحتاج حسابا آخرا". وأخيرا اختار سمير الناصر دعوة الجميع إلى عدم انتظار مجيء هؤلاء النجوم الغرباء من الخارج، لتنشيط الحركة المسرحية وإنما يتوجب علينا أن نقوم بذلك الأمر بأنفسنا، لأن المشكلة لا تقف هنا، التفت وسترى أن مسرح الطفل انتهى ولا يوجد مسرح جماهيري أو شبابي أو غيره.. حسن البلام.. ممثل في مسارح الرياض