لم يكن اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لأخيه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولياً للعهد.. اختياراً مفاجئاً.. كما أنه لم يكن اختياراً "عاطفياً" أو "عفوياً" وإنما كان اختياراً طبيعياً.. وتلقائياً.. ومتوقعاً.. لأن الملك عبد الله يعرف أخاه نايف جيداً.. كرجل دولة .. تحمل ولفترة طويلة مسؤوليات كبيرة ومفصلية في مؤسسة الحكم المتصفة بالثبات.. والاستقرار.. وبالاستمرارية القائمة على وضوح الرؤية.. وتبني المصلحة العليا للوطن.. والمنطلقة من قاعدة اختيار الأصلح التي نص عليها نظام الحكم.. واعتمدتها الأسرة المالكة منهجاً واضحاً ودقيقاً في الاختيار لمن يتصدون لحمل مسؤولية الحكم في أي موقع.. ومن أجل ذلك فإن الأسرة المالكة كانت – كعادتها باستمرار في مستوى الظرف.. بمجرد أن أشعرها الملك - يحفظه الله - بقراره.. لتجسد بذلك مدى تماسك مؤسسة الحكم في هذه البلاد.. ومدى ادراكها المسؤول لطبيعة المرحلة التي جاءت بسمو الأمير نايف إلى موقعه السابق نائباً ثانياً ووزيراً للداخلية.. ثم في تعيينه يوم أمس في منصبه الجديد ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للداخلية.. وهو الموقع الذي لم يكن الأمير نايف بعيداً عنه في السنتين الأخيرتين في ظل ظروف أخيه الأمير سلطان بن عبد العزيز الصحية رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته.. ولذلك فإن المملكة بهذا الاختيار تؤكد للعالم أنها دولة تملك قرارها.. وتعرف مصالحها جيداً.. وتضع الإنسان المناسب في المكان المناسب.. وفي الوقت المناسب أيضاً وأنها ترسخ بذلك ثوابت متفق عليها في مؤسسة الحكم التي تعتمد تراتبية دقيقة ومحكمة ومستقرة وغير قابلة للتغيير أيضاً.. وبالتأكيد فإن مبايعة أصحاب السمو الأمراء لأخيهم الأمير نايف بولاية العهد.. تعزيزاً للإرادة الملكية الكريمة باختياره لهذا المنصب الهام.. إنما تتلاقى مع الارتياح الواسع في أوساط الشعب السعودي.. والتأكيد مجدداً على أن هذه البلاد ستظل بإذن الله تعالى هي بلد الاستقرار والطمأنينة والهدوء والوئام.. تجسيداً لتلاحم أفراد الأسرة المالكة.. بقيادة الملك العادل والإنسان.. وكذلك تلاحم الشعب الأصيل مع قيادته التاريخية التي تعرف متى وكيف تختار لمواقع المسؤولية البارزة اليوم وغداً وبعد غد.. وفي الوقت الذي نهنئ فيه أنفسنا جميعاً بهذه الروحية العظيمة التي تجمعنا على الخير.. والتي تريد لهذا الوطن كل الخير أيضاً.. فإننا لا بد وأن نتبادل التهنئة فيما بيننا.. وأن نستشعر المزيد من الطمأنينة أيضاً بعد هذا الاختيار الذي صادف محله وكنا متأكدين منه.. لأننا نعرف كيف تسير مؤسسة الحكم في بلادنا.. وكيف تفكر.. وعلى أي الأسس تختار.. وتواصل مسيرتها الظافرة وفقها الله. وفي البداية والنهاية فإن الملك هو القمة في هرم السلطة.. ليس لأنه محل ثقة الشعب كله بمن فيهم أصحاب السمو الأمراء فحسب.. وإنما لأنه الأب الروحي العظيم الذي ينعقد حول ابوته وقيادته وإنسانيته رأي الكل ويدينون له بالولاء الصادق وغير المحدود.. أطال الله لنا في عمره.. لكي تواصل بلادنا مسيرتها القوية على يده وبمؤازرة ولي عهده الأمين وإخوانه الأوفياء.. ومن ورائهم جميعاً شعب المملكة العربية السعودية الذي يعيش الآن فترة ذهبية في حياته.. والله معنا جميعاً. *** ضمير مستتر عندما تلتقي إرادة الملك والشعب مع إرادة الله سبحانه وتعالى فإنها تحقق الخير كل الخير للأوطان