توقع محللون اقتصاديون تراجع صادرات النفط الخام السعودي خلال العام القادم 2012 بحوالي مليون برميل يوميا نتيجة إمكانية انسياب كميات من النفط الخام إلى أسواق الطاقة بعد دخول النفط الليبي مرحلة الإنتاج بالطاقة الكاملة وضعف الطلب على النفط المستورد في الأسواق الأوروبية والأمريكية لاستمرار اقتصادياتها تحت تأثير تبعات الأزمة المالية التي حالت دون تسجيل مستويات جديدة من النمو. وعلى ضوء ذلك من المرجح أن تهبط صادرات المملكة من النفط الخام إلى أقل من ثمانية ملايين برميل يوميا وفقا لهذه الخطط الجديدة مع أن المملكة تمتلك قدرة إنتاج تصل إلى 12 مليون برميل يوميا وهو ما يرفع من طاقتها الفائضة إلى حوالي 4 ملايين برميل يوميا. وتنتهج السعودية عادة سياسة معتدلة في الإنتاج وتصدير النفط الخام بحيث تحافظ على إمدادات موثوقة تضمن عدم حدوث شح يرفع الأسعار إلى مستويات تضر بالاقتصاد العالمي أو إغراق يهوي بالأسعار إلى معدلات تؤثر على نمو اقتصاديات الدول المنتجة للنفط، ولذلك فهي تراقب حركة النفط في الأسواق العالمية وترصد العوامل الاقتصادية والمالية التي تلعب دورا في تغيير اتجاهات الأسعار ،وعلى ضوء هذه المعطيات تحدد كميات النفط الخام التي ينبغي أن تتدفق إلى أسواق الطاقة. واستبعد المحللون أن يؤثر تراجع صادرات النفط على مدخولات المملكة المالية من ريع البترول الخام لكون النفط سيبقى في معدلات تفوق 90 دولاراً للبرميل لخام ناميكس القياسي و 115 دولاراً للبرميل لخام برنت طيلة العام القادم وهو ما سوف يعوض نقص الصادرات ويعظم الفائدة من الثروات النفطية التي تسخر عائداتها لدعم مشاريع جديدة تساهم في بناء التنمية الوطنية وتحسين المستويات المعيشية للشعب السعودي. ومع أن المملكة ترتبط ارتباطا وثيقا مع الاقتصاد العالمي إلا أن قوة اقتصادها وثبات نظامها المالي مكناها من الوقوف بصلابة أمام عاصفة الأزمة المالية التي ضربت أركان معظم اقتصاديات جل الدول الكبرى ما جعلها محط أنظار المستثمرين العالميين ومقصد البنوك الدولية التي راحت تتسابق على تمويل المشاريع الكبرى في المملكة والتي تكلف مليارات الدولارات وتقديم أدوات تمويل جديدة تتركز على المشاريع الصناعات التحويلية في مجال البترول والتعدين والطاقة والبنى التحتية. وفي شأن ذي صلة هبط الخام الأمريكي ناميكس أمس الجمعة دون 95 دولاراً للبرميل في ظل أنباء عن هبوط حاد في إنتاج المصانع في اليابان في علامة على تعثر تعافي الاقتصاد من آثار زلزال مارس المدمر وكذلك عدم اليقين من تعافي الاقتصادي العالمي من حالة التباطؤ الاقتصادي واستمرار مشاكل الديون في أوروبا. وقد صعد النفط خلال الأسبوع المنصرم متجها نحو 100 دولار للبرميل وسط توقعات بتنامي الطلب على النفط استعدادا لمتطلبات التدفئة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، بيد أن العوامل آنفة الذكر كبحت من تقدمه وراح يراوح تحت 95 دولاراً للبرميل، فيما هبط خام برنت في الأسواق الأوروبية دون 113دولاراً للبرميل. وهوت أسعار الذهب بمقدار 11 دولاراً للأوقية في بداية التعاملات الصباحية ليوم أمس في الأسواق الأوروبية لتصل أسعاره إلى 1736 دولاراً للأوقية، غير أنها ظلت تتذبذب في هذا المستوى بفعل مضاربات حذرة على المعدن الأصفر لتعويض خسائر النفط.