أضحى الفريق النصراوي في منعطف خطير مثقل بأحماله الفنية والإدارية، وبات بعد أربع جولات فقط احد أضلاع مراكز المؤخرة بترتيبه الحادي عشر ، ليعيد للأذهان موسمه الأسوأ قبل 18 عاما، وتحديدا في دوري موسم 93م، الذي كاد أن يهبط خلاله رغم عودته في العامين التاليين بعد ذلك بطلا للدوري لموسمين. وهو ما يستحيل استنساخه الآن مجددا، أو في المستقبل القريب، في ظل البئية الإدارية والفنية التي تحيط بالفريق، بغياب التخطيط والفكر الإداري الفني، الذي لم يستفد من دروس الماضي، وظل يكرر الأخطاء ذاتها من سوء الاختيار إلى عشوائية العمل، وقبل ذلك التفرد بقرارات فنية بحتة، تخص مستقبل الفريق وتجهيزاته، بمشهد ارتجالي لا يرقى لمكانة فريق اسمه "النصر". وفي الوقت الذي يحتقن فيه المدرج النصراوي منذ الموسم المنصرم، هاهو اليوم بات أكثر غليانا وحرقة، بل أن الدعم الوحيد والثابت الذي كان يجده لاعبو النصر لإلهاب حماسهم وإيقاظ غفوتهم، غاب اليوم بغياب مدرجهم الكبير، الذي تراجع حتى تضاءل، بفعل النتائج وخيبة الأمل. هل يعقل أن يجتمع أعضاء شرف النصر بعد بداية الموسم؟ وبعد نهاية التحضيرات؟ وهل كانوا يعلمون عن خلل الإعداد وسوء الاختيارات؟ وأين هم الآن؟ بل لماذا اختفى الداعمون الحقيقيون لمسيرة النصر في السنوات المنصرمة وغابوا تماما عن المشهد؟ والاهم هل سأل احد هؤلاء الشرفيين أو تداخل لدى الإدارة عن تغييب اللاعب الآسيوي بمبررات لا تتواءم مع تاريخ النصر ومنجزاته السالفة أو عن الضعف المتواصل في اختيار الأجانب والأجهزة الفنية؟ لقد نثرت الأوضاع النصراوية كثيرا من علامات الاستفهام والتعجب، عمن يدير النصر بل ومن يضبط أوضاعه داخل الملعب وخارجه. الجميع يتذكر المدرب الايطالي السابق للنصر "زينجا" وكثير اختلف حول إمكاناته الفنية التدريبية، ولكن الواضح أن الجميع اتفق على قدرته الفائقة لوحده، وبلا منسق فني أو مدير كرة، من ضبط الفريق داخل الملعب، فكان اللاعب النصراوي في الفترة الزمنية القصيرة التي قضاها "زينجا" في جنبات النادي قبل ترحيله منتصف الموسم المنصرم، أكثر انضباطا داخل الملعب وحتى خارجه، ويفكر كثيرا قبل أن يغيب أو يتأخر، بل وأن يخطئ داخل الملعب، والآن تلاشى كل ذلك باختفاء ذلك المدرب، رغم جيش الإداريين والفنيين الذين يقودون العمل داخل الفريق، ويتواجدون على دكته الآن. جماهير النصر لم تعد تعول كثيرا على هذه الإدارة، التي تغنت كثيرا بها في المدرجات الصفراء، بعد أن قطعت الوعود وقدمت العهود لرسم الوجه النصراوي، أكثر إشراقا وأفضل حضورا آسيويا، فإذا به يبحث عن ملامحه محليا ولا زال. كما لا تنتظر جماهير النصر من الجهاز الفني والإداري الحالي، الكثير من العمل، لإعادة الانضباط وتقديم الحلول والرؤى التي تنتشل الفريق من التخبطات الفنية، بعد أن غابت في أربع جولات متوالية. لقد بات اللاعبون النصراويون الأقل حماسا وروحا، والأكثر برودا وضياعا داخل الملعب، رغم عطاءات بعضهم المقبولة سابقا، التي لا تغفر لهم ما يقدمونه الآن، أمام مدرج يتوق إلى معانقة الانجازات فقط، ولم يعد يهتم بمن يرتدي الشعار؟ بل بمن يعطي هذا الشعار؟. ورغم روحهم المفقودة، وعطاءاتهم المخيبة، وحماسهم الغائب، إلا أنهم يظلون هم المحك الأهم داخل الملعب، وبيدهم فقط انتشال فريقهم من أوضاعه المخجلة، والتغلب على أوجاع الجسد النصراوي المثخن بجراح الفردية والعشوائية والتخبط، وغياب "المفكر" الإداري والفني، الذي يخطط ويبرمج ويختار مبكرا قبل أن يتورط مجددا!.