قطعت جهيزة قول كل خطيب فما أن صدر بيان الديوان الملكي بناء على ما ورد من المحكمة العليا بقبوت رؤية هلال شهر شوال لهذا العام 1432ه مساء الاثنين ال 29 رمضان المبارك وقد ثبتت رؤية الهلال بالعين المجردة بشهادة عدد من الشهود العدول وتطبيقاً لحديث نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) إلا وانشرحت صدور المسلمين باتمامهم صوم هذا الشهر الكريم وختمه بالعيد السعيد وما أن ثبت انتهاء هذا الشكر الكريم إلا وانبرت الجمعية الفلكية في محافظة جدة للتشكيك في رؤية هلال شوال معتقدة أن ما شاهده الرائيون هو كوكب زحل لأن القمر بالخصائص الفلكية التي كانت موجودة حال الإعلان عن رؤية الهلال حسب معتقدهم تعد مستحيلة وقال رئيس الجمعية أبو زهرة ان كوكب زحل يظهر في هذا التوقيت سنوياً ويمكن رؤيته بالعين المجردة في بعض مدن المملكة موضحاً أن التلسكوبات لم تستطع أن تلتقطه لأن ضوء الشمس كان يغطي على الأفق الغربي إضافة إلى كثافة الغلاف الجوي (وسننتظر رؤيته العام القادم بتلسكوباتهم أن بقينا) أما بقية الفلكيين فقد أكدوا عدم إمكانية رؤية هلال شوال يوم لاثنين ال 29 من رمضان لا بالعين المجردة ولا بالتسلكوبات وأتوا بتعليلات مقاربة تتعلق بولادة الهلال بعد غروب الشمس بدقائق مما يستحيل معه رؤيته وسيرة خلف الشمس متجهاً إلى الغرب وخلاف ذلك من التعليلات الفلكية وهنيئاً لهم إن رأوا المذنب (جاراد) ولم نره بالعين المجردة فقد بطل زعمهم ورؤي الهلال بالعيون المجردة وفشلت التلسكوبات والمناظير وأجهزة التقريب والتصوير في إمكانية الرؤية بعد كل هذا أرى أن الهلال وخاصة ما يثبت دخول شهر رمضان وخروجه وما يثبت دخول شهر الحجة يجب الاعتماد بذلك على الرؤية الشرعية أي برؤيته بالعين المجردة بعد ثبوت ذلك بحضور شهود عدول كما هو متبع في هذه البلاد أعزها الله وحماها من كل سوء لا أن نعتمد على رؤية التلسكوبات أو المناظير ويمكن أن نعتمد التلسكوبات أو المناظير كمؤكدة لرؤية العين المجردة فقط ولا شك أن هناك فارقاً كبيراً بين من يتراءون الهلال منذ عشرات السنين بعيونهم المجردة وحفظوا منازله وبين ما يذهب إليه مختصو ومتعلمو الفلك ومن المؤكد أن المنظار الذي أودعه الخالق (العين) لدى الإنسان أصدق برؤيته مما صنعه الإنسان (التلسكوبات والمناظير) من هنا أقول للمختصين بعلم الفلك لا تأخذكم العزة بالإثم فتنتصروا لتلسكوبكم ومناظيركم على حساب الحقيقة وبالأمكان الاعتماد عليكم وعلى حساباتكم لمعرفة أو تأكيد دخول بقية الأشهر التي لا تتعلق بتلك العبادتين علماً أن نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم قد أراح الأمة بهذا الشأن فأمر بالصيام والإفطار عند رؤية الهلال حينما قال: (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا) يعني مرة 29 يوماً ومرة 30 يوماً وقال صلى الله عليه وسلم (لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) حديث صريح لا لبس فيه ولا غموض ولو رأى أفضل من هذا لما سكت عنه والله سبحانه وتعالى قال: (اليوم أكملت لكم دينكم ....) الآية وفي الحديث أن لا خير إلا دل الأمة عليه ولا شر إلا حذرهم منه حينما قال (تركتكم على المحجة البيضاء...). وقد أوضح طريقه المستقيم من بين السبل الضالة صلى الله عليه وسلم كما وقد أمرنا المشرع الحكيم بأن نستبرئ لديننا ونستوثق لعباداتنا بقدر المستطاع وقبل الختام ادعو مختصي الفلك لا تأخذهم العزة بالإثم فيأثموا حينما يضلوا أو يشككوا المسلمين في عباداتهم الشرعية وقد آن لهم ان يضعوا أسلحتهم وان يبصموا بالعشرات فرؤية العين للهلال ورؤيتهم كالسيف الذي هو أصدق أنباء من الكتب ومن الأفضل لهم ان يقرأوا ما سبق ان قاله مفتى المملكة السابق الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه وأسكنه فسيح الجنان في هذا الشأن ولو قدر فرضاً الخطأ في ثبوت رؤية الهلال فسيكون المسلمون على صواب لقوله صلى الله عليه وسلم (صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون واضحاكم يوم تضحون) رواه أبو دوود والترمذي وصححه ولهذا اتفق الفقهاء على صحة الوقوف بعرفة في اليوم العاشر من ذي الحجة وان اخطأوا في دخول الشهر وكان ذلك اليوم هو يوم عرفة في حقهم (نقل هذا الاتفاق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله) وختاماً وبكل صراحة هل يمكن لمسلمي الروس أو أمريكا الصيام معنا لا أعتقد لأن الرؤية تتفاوت أوقاتها إذ إن الفارق الزمني بيننا وهم لا تقل عن 12 ساعة فهؤلاء قد يصومون قبلنا بيوم وأولئك بعدنا بيوم أما عن وجود لجان في مختلف العالم الإسلامي بمراصدها ومناظيرها وتلسكوباتها وأجهزة التقريب والتصوير من أجل الرصد فلن تفلح بتوحيد الأهلة بدول العالم الإسلامي لفارق الزمن بين الشرق والغرب بل هي تحصيل حاصل بل من المؤكد ان المشروع الإسلامي لرصد الاهلة وتوحيدها في العالم الإسلامي لن يصل إلى نتيجة لأن الصيام والافطار لن يكون إلا بالرؤية المجردة فقط وهو الأمر الذي سارت عليه الأمة الإسلامية منذ عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وإلى ان تقوم الساعة والله المستعان.