لا أعنى تلك المفردة المتداولة محلياً (مُلتزم) أي كان غير منضبط بسلوكه الدينيّ (الخاص) ثم التزم وأصبح لهُ مظهر بمقاييسه الإقليميّة الضيقة. كنا نقول (مطوّعاً) فخففوا وقع المُفردة. ما علينا فليس هذا ما كنت أُريد طرحه حول الالتزام، بل ما أود الوصول إليه هو التزام أفراد المجتمع بانضباط المواعيد والوقت وما يرِدُ بالأجندة السنوية من حيث الإجازات والعطلات وبداية ونهاية الأعوام الدراسيّة. من البدهي أن تعرف كل أُسرة لديها بنات وأبناء مازالوا يتعلمون سواء في التعليم العام أو الجامعي موعد بداية العام الدراسي تحديداً. نعم يمكن أن تغمّ عليهم بقية تفاصيل العام الدراسي القادم لكن البداية أكيد معروفة للصغير قبل الكبير، لكن هل يلتزمون وينضبطون؟ الجواب هو ما سأحاول أن أحرث عنه في حقل موضوع اليوم. الحكاية سيداتي سادتي أثارها طفل يبدو عليه أنه لم يتجاوز العاشرة من عُمره التقيتهُ صباح يوم الأحد الفارط في (بقّالة) صغيرة تقبع على طريق السودة/ أبها. كُلّنا هو وأنا من المُصطافين ولسنا من أهل المنطقة. سألته أثناء حديثي معه متى ستعودون لمدينتكم؟ قال يوم الاثنين القادم! ما بال الدراسة التي ستبدأ يوم السبت (أقل من أسبوع)؟ ضحك قائلاً "ما أدري عن أبوي"..! لقد أوجز الصغير الحكاية بتلك العبارة. نعم هو لم يُقرر ولا أعرف إن كان يود الذهاب للمدرسة من أول يوم أم قد تعوّد مثل البعض على أن يبدأ متأخراً بقرار من غيره؟ هُنا أعتقد بأن الأسرة والمؤسسة التعليمية ربما يتشاركان في زرع فوضى عدم الالتزام بالوقت لدى الصغار. الأسرة وقد كفاني الصغير شرح دورها السلبي، أما المؤسسة التعليمية فأقول إنها بالإضافة إلى سلبياتها المُتعددة فهي تقف موقف المُشجِّع الصامت لعدم الانضباط. حين يتساوى التلميذ/ التلميذة في درجات السلوك والمواظبة وكذا شهادة حسن السيرة والسلوك وهذه الأخيرة ليس لها من اسمها نصيب، أقول حين يتساوى فيها الذي يلتزم بالحضور من أول دقيقة في العام الدراسي وذاك الذي لا يأتي إلاّ بعد أسبوعين وعوالق الإجازة مازالت تجذبه نحو السرير فهل تبرأ ذمّة المدرسة من الذنب والمسؤولية..؟ الصينيون يؤمنون بأن الأعشاب الضارة ليست هي المسؤولة لوحدها عن خنق الحبوب الصالحة إنما إهمال الزرّاع أشدّ ضررا. لن أُسدي بنصيحة من أيّ نوع فلست من هواة الوعظ ولا أُحب سماعه لكنني أقرع الجرس وأمضي.