على جانب احد الطرق ترقد جمجمة وعلى مقربة منها يرقد بقية الهيكل الآدمي وقد تهتك بفعل امواج المد الزلزالي العاتية ملفوفا في قطعة قماش متسخة داخل نعشه الخشبي المفتوح. ومن حولهما هنا وهناك تبرز من بين الرمال شواهد حجرية زرقاء وصفراء وخضراء للقبور وقد تهشمت اطرافها في مقبرة واسعة انكشفت قبورها تقع بالقرب من اقصى شرق سريلانكا حيث وجهت موجة المد اقوى ضرباتها وارسلت الآلاف من الاحياء الى قبور رملية جديدة. وقتل نحو 30 ألفاً في سريلانكا من جراء المد البحري الذي ضرب البلاد يوم 26 ديسمبر في اعقاب زلزال بالمحيط الهندي كان على بعد مئات الاميال قبالة سواحل جزيرة سومطرة الاندونيسية. ودفن السكان العديد من جثث القتلى على الشواطئ على بعد امتار قليلة في اغلب الاحوال من المكان الذي القت بهم فيه موجات المد الزلزالي الصاعدة من قلب البحر وذلك حتى لا تتعفن تلك الجثث بفعل حرارة الجو. ولا يزال السكان يعثرون على المزيد من الجثث كل يوم. وتوقف غلامان كانا على دراجة ليشيرا الى جثة طفت على السطح في منطقة مستنقعات عبر احد الطرق المؤدية الى المقبرة التي اجتاحتها المياه. وكانت الجمجمة الراقدة على الطريق من بين اشلاء عديدة جرفتها الامواج بعيداً من قلب المقابر ثم اطاحت بها على نحو عشوائي في منطقة امبارا بشرق سريلانكا الذي تعرض لاكبر دمار في البلاد جراء المد الزلزالي. وفي خليج مجاور لم يكن يظهر سوى أربعة اطارات فقط من هيكل سيارة انقلبت على ظهرها وغمرتها المياه بالكامل ولم يعد باديا منها الا الاطارات. ووسط حطام المنازل المدمرة كان جانب من حذاء يبدو ظاهرا وقد دفن بقيته في الرمال. وتدلت ملابس من على الاشجار. ورقدت قوارب في وسط الطرق. ولم ينج من امواج المد سوى الذين كتبت لهم النجاة. وقتل العديد من الاطفال والنساء بعد ان اغرقتهم مياه المد او هالت عليهم ركام المباني والمنازل. ودمرت امواج المد العديد من البنايات الا ان البنايات ذات الهياكل القوية صمدت امامها ولم تتعرض لاضرار. ويقف جرار احمر بثبات بجوار الاشجار المحطمة واكوام الركام التي تناثرت حوله. ويشير رجل يقف الى جواره الى اسمه الذي كتبه على احد جوانبه.. بي. ايراجاناياجام. ويقول ايراجاناياجام «55 عاما» «فقدت منزلين» ويشير الى كومة من الركام بيده ثم يدعو لمساعدته حتى يمكنه اعادة الجرار للعمل واعادة بناء حياته. «يمكنني ان اقوده». وايراجاناياجام واحد من بين عدة مئات من السكان الذين نجوا من الكارثة وعادوا اليوم الاثنين الى قرية كوماري التي تقع الى الجنوب مباشرة من المقبرة وبدأوا في نشر غسيلهم مرة أخرى وسط اكوام الركام والاسلاك الملتوية معبرين عن تصميمهم على ان يبدأوا حياتهم من جديد في نفس المكان.