حرف الفاء هو العامل المشترك بين قضيتي الفساد والفقر والمعنى هو الفرق الشاسع بين السماء والأرض فالفساد يحدث عندما يغيب الضمير والفقر يتلاشى عندما يستيقظ الضمير ! ويبقى الوازع حداً فاصلًا بين هذا وذاك تقرير هيئة الرقابة والتحقيق الاخير الذي أحال 4158 موظفاً حكومياً من بين 803 آلاف موظف حكومي منهم 79 ألف غير سعودي الى القضاء بتهم الفساد والرشوة والتزوير وإساءة استخدام السلطة في مدة عام يوضح المناخ العام لهذا الضمير ومدى ارتياحه وبيئته الخصبة! وللأسف الشديد ، ومع ان نسبة هؤلاء تصل الى اقل من 1% من الإجمالي إلا أنها تعتبر في قاموس ومعايير النزاهة والدين والأخلاق وبحق الوطن كبيرة جداً هذا بخلاف ما ورد في التقرير عن وجود حوالي 10246 قضية أخرى منجزة ولا حول ولا قوة الا بالله وأعان الله الهيئة والجميع على التصدي لهذا البلاء العظيم وكان العون لهم من هيئة مكافحة الفساد الجديدة. في تحليل بسيط لأنواع هذا الفساد نجد انه اذا كان الفساد رشوة يكون الضمير في هيئة شبح مالي ومادي من ريال الى آلاف او ملايين الريالات ولا يرى الشخص امامه غير ذلك ،وعندما يكون الفساد تزويراً يكون الضمير على هيئة شبح ورقي مخروم! وعندما يكون الفساد تزييفاً يكون الضمير شبح عملة مصدرا في دهاليز واروقة اماكن لا تطولها العين المجردة ،وعندما يكون الفساد اساءة المعاملة باسم الوظيفة يكون الضمير قد تلبس بعباءة الاستغلال والمنفعة غير الشرعية وعندما يكون الفساد اساءة استعمال السلطة هنا يكون الضمير قد قوي واشتد بأسه ولم يعد يهتم بما حوله من نظام او جزاء او ردع ،وعندما يكون الفساد استغلال نفوذ وظيفي هنا يكون الضمير قد ضرب بعرض الحائط كل ما حوله واستعان بقوته وقوة مرجعيته في تحقيق مصالحه الخاصة وغير الخاصة ،واذا كان الفساد اختلاساً فهنا قد سقط الضمير في مستنقع اللا شعور ولم يعد يميز بين الحق والباطل لقد تعددت اسباب الفساد والضمير واحد هو الضمير المستتر الذي لا يعلم عنه الا من كان الحكم في قضيته براءة للذمة وهنا ينعكس الضمير ويصبح الطالب مطلوباً ومعه نحتاج الى ايقاظ جديد للضمير ولكن ماذا بعد وضع الضمير في ميزان العدل والمحاكمة وهل سيتبع ذلك قرارات تأديبية منفذة؟ سألوا احد الموظفين المقصرين في عمله عن اين ضميره؟ فقال انه لا يعلم عن الضمير الا عندما كان يدرس منهج النحو واللغة العربية في المرحلة الابتدائية !! ، فاليوم وبكل اسف وفي بعض الأماكن يمارس الفساد عياناً بياناً ، فلقد ثبت انه من امن العقوبة أساء الادب ولم يعد مكان لمقولة "اذا لم تستح فاصنع ما شئت" والا ما كان هذا الضمير غائباً ومستتراً في كثير من أوجه حياتنا وممارساتنا وحتى من اقترح أداء قسم للموظفين من ذوي الارتباط المالي وأصحاب السلطة قد لا يكون هو الحل فمن لم يستطع السيطرة على ضميره وأحاسيسه تجاه نفسه ووطنه فلا يستحق إعطاؤه هذه الثقة مطلقاً فنحن في أمسِّ الحاجة الى إلغاء هذا الفساد جملة وتفصيلا ومعه ستزول أية بوادر للظلم و للفقر لا قدر الله . خاطره : العفاف زينة الفقر والشكر زينة الغنى والضمير زينة السلطة..