دعا خبراء ومختصون إلى تنويع مجالات العمل في الجمعيات الخيرية، وعدم قصرها على مساعدة الفقراء في توفير الطعام والكساء، متسائلين: لماذا أصبح العمل الخيري لدينا مقتصراً - في الغالب - على هذا الجانب، خاصة ونحن نملك رصيداً من قيم التكافل الاجتماعي، وبذل الخير، ومساعدة المحتاجين؟، وما المانع من تقديم أعمال خيرية يحتاجها المجتمع، مثل إنشاء مراكز لغسيل الكلى، وعيادات الكشف المبكر عن الأمراض، ومراكز تدريب متخصصة للفقراء ومساعدتهم في البحث عن وظائف، وقاعة أفراح خيرية تساعد الشباب المقبل على الزواج، وغيرها كثير. ويبقى سؤال آخر حول هذا الموضوع عن دور الجمعيات الخيرية في رفع ثقافة العمل الخيري والتطوعي لدى أفراد المجتمع، ودور مؤسسات المجتمع الأخرى في تعزيز هذا الحضور؟، وكيف يمكن أن نوجد جمعيات خيرية تتناسب مع احتياجات كل محافظة وقرية في بلادنا؟. وتباينت آراء المشاركين في الندوة حول الجهة المسؤولة عن هذا التغيير النوعي للمشروعات الخيرية في المجتمع، فمنهم من رأي ان وزارة الشؤون الاجتماعية هي المسؤولة عن ذلك، ومنهم من رأي أن الحاجة لهذه المشروعات تنبع من حاجة المجتمع، وأن المتخصصين في كل مجال هم المفترض أن يسعوا إلى تحقيق ذلك. واتفق المشاركون على أهمية المبادرة في تعزيز "ثقافة التعيير للأفضل" لدى الجمعيات الخيرية، من خلال نوعية المشروعات التي تتناسب وطبيعة كل مرحلة، والظروف المحيطة بها، إلى جانب الجمهور المستهدف. نحتاج إلى عمل مؤسسي لنشر «ثقافة التنوع» ودراسة المشروعات على أساس التأهيل في المجتمع وتقديم حوافز تشجيعية للشركات وصف الواقع في البداية قال "العقيل" إن من المسلمات الدينية والاجتماعية هو تأصل حب العمل الخيري لدى المسلمين، ولكن هذا الحب لا بد أن يوجه في طريقه السليم، فالناس تحب عمل الخير، ولكن نحتاج إلى نشر ثقافة تنوع العمل الخيري، وهذا العمل يحتاج عمل مؤسسي متكامل لنشر هذه الثقافة وتوسيع دائرة العطاء في شتى المجالات، فمفهومنا عن العمل الخيري مازال ضيقاً وقاصراً في ذات الوقت، فكثير ممن يعملون تقتصر رؤيتهم عن العمل الخيري في جانب واحد من العطاء؛ من دون أن تكون هناك صورة متكاملة للعطاء بكافة صوره، بما يناسب المجتمع بأفراده أياً كان اختلافهم وتنوعهم في ذات الوقت، مشيراً إلى أن المواطن عنده مبدأ العطاء، ولكن لا يعرف كيف يقوم به؛ فهو يحتاج إلى التوجيه الصحيح، والدليل ما حصل في جدة، وفي اعتقادي هذا الامر يقع على عاتق وسائل الاعلام. وأضاف إن الجوانب النفسية في وقتنا الحاضر تلعب دوراً أكبر من غيرها؛ لهذا اتصور أن قيام جمعيات متخصصة في هذا الجانب أصبح ضرورة ملحة، وأشير هنا الى مجموعة من طالبات الجامعة المتحمسات للعمل الخيري طلبن مني مساعدتهن في عمل برامج لتأهيل الأيتام نفسياً في كل مراحل حياتهم؛ بداية من الدراسة عن طريق ورش تقام في مقار جمعيات الأيتام، وكن يرغبن في عمل تطوعي، ولكني اصررت أن يكون العمل مؤسسيا حتى نضمن استمرارية هذا العمل الرائع الذي يصب في صالح المجتمع ككل، خاصة أن هؤلاء الأيتام يحتاجون إلى أن يكونوا مهيئين قبل دخولهم حياتهم العملية، ومثل هؤلاء الطالبات بحاجة إلى جمعية تحتوي طاقاتهم ورغباتهم في العمل التطوعي الخيري في مجالات متخصصة نحن بحاجة ماسة لها واغفلناها في السابق. تنوع لسد الاحتياج وأكد "المحمدي" أن الجمعيات الخيرية ليست مقتصرة على الكساء والغذاء فقط، مشيراً إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية لديها عدد ضخم من الجمعيات الخيرية في مجالات عديدة؛ منها جمعيات مرضى السرطان والايدز وجمعيات بيئية وصحية واجتماعية وغيرها. وقال: "إننا لم نصل إلى المستوى المتميز، ولكن نحن في الوقت الراهن أفضل من السابق، ونحتاج إلى التنوع أكثر لسد الاحتياج". وأضاف:"اعتقد أن في القرى والمحافظات الصغيرة عندما تنشأ جمعية واحدة فإنها تكون قادرة على تلبية وتغطية عدد من الانشطة والاحتياجات؛ لأن الاحتياج في القرية والمدينة الصغيرة غير الاحتاج في المدن الكبيرة، فمثلا في مدينة جدة وبحكم عدد السكان الكبير نحتاج إلى أن يكون لكل خدمة جمعية متخصصة على عكس القرية، في جدة نحتاج أكثر من جمعية صحية؛ لذلك نقول إن عدد السكان وحجم المدينة وتنوع الاحتياجات هي التي تحدد مدى الحاجة إلى جمعيات متخصصة، وعلى سبيل المثال لا يمكن إنشاء جمعية سرطان في قرية لأن عدد الحالات قليل". وأشار إلى أن التنوع ينبع من الميدان كل ما ظهرت حاجة تنشأ بفضل من الله جمعية تلبي هذا الاحتياج، واكرر انني لا ارى تركيزا على الكساء والغذاء فقط، صحيح أن الجمعيات الخيرية في بلدنا بدأت بالكساء والغذاء لانه كان أقوى احتياج في ذلك الوقت ثم تطورت بعد ذلك وفي السنتين الاخيرتين ظهرت جمعيات متنوعة بشكل ممتاز وليس من المعقول المطالبة بأن نغطي كل الانشطة في فترة بسيطة. وقال إن ثقافة المجتمع في التعاطي مع العمل الخيري مبنية على زوايا عديدة، منها أن الحكومة هي المسؤولة عن تغطية المجالات المختلفة، فانحصر مفهوم العمل الخيري على الكساء والغذاء، فموضوع مثل البيئة لا تجد من يريد ان يدفع له لأن الناس تريد الحكومة أن تتولى هذا الجانب، وتجد المتبرع لا يرغب في هذا الجانب؛ لأن مفهومه عن البيئة محدود، مشيراً إلى أن هذه العوامل ليس لها علاقة بالعمل الخيري والجمعيات الخيرية، حيث إن هذه مرتبطة كما اسلفت بثقافة المجتمع، وحتى نضع الامور في نصابها لا نقول إننا متجهين في عملنا الخيري إلى الغذاء والكساء فقط، وإنما نحن نسير في طريق صحيح، والدولة فتحت مجالات العمل الخيري أمام الناس والقادم أفضل. مبادرات نوعية وأكدت "م. جواهر" أهمية المبادرات في العمل الخيري، داعية كل فرد أن لا ينتظر غيره أن يبدأ ثم يشارك. وقالت: "لا بد من توسيع الرؤية تجاه مصارف الزكاة؛ فنحن في جمعية اكتفاء التي اقيمت لكي تصبح المرجعية الفاعلة والمؤثرة في منظومة التواصل مع مختلف قطاعات المجتمع؛ ضمن أطر عمل اجتماعي منظم ومتوازن اسهاماً في تحقيق الاكتفاء الذاتي للأفراد والأسر المحتاجة، من خلال قاعدة بيانات، للاسف نواجه مسألة أن الزكاة لا تنطبق على الجمعية كما يقال؛ لأنها لا تدخل ضمن العاملين عليها، ولكن لو وسع مفهوم في سبيل الله؛ فبالتأكيد ستكون الجمعية ضمن أوجه الزكاة، فمن وجة نظري أن كل انسان يقدم عمل لغيره ومن دون مقابل فهو عمل في سبيل الله، ولا يقتصر على الجهاد فقط". وأضافت أن ثقافة المجتمع مرتبطة بهذه الرؤى، وبالتالي هناك حد للتبرعات وصدقات المواطنين في مجالات مختلفة، ولكن رب ضارة نافعة؛ ففي فاجعة جدة رأينا كيف خرج الجميع متطوعين لإعانة إخوانهم المتضررين، وهذا كان تأكيد أن الناس فيها خير، ولكن تحتاج إلى التوجيه والارشاد، حيث نشأت على خلفية هذه الفاجعة جمعيات خيرية متخصصة في العمل التطوعي، ونشط بعض الجمعيات القائمة في مجل تخصصها. العقيل: المسؤولية المجتمعية تحتم على رجال الأعمال المشاركة بأعمال نوعية تخدم الفقراء مساعدة الآخرين وقالت "عياش" إنه بحكم عملي أرى أننا بحاجة ماسة إلى إنشاء جمعية خيرية حقوقية تهتم بمساعدة الناس في المحاكم والجهات ذات العلاقة، مثل التحقيق والادعاء العام، فهناك جهل كبير خاصة بين النساء في الحصول على حقوقهن، كما أن كثيرا من الناس لا يعرف كيفية الحصول على حقه القانوني المكتسب، وبالتالي تجدهم يتخبطون حتى يصلوا إلى ما يريدون، والحقيقة أن قيام مثل هذه الجمعية يقع على عاتق المحامين لأنهم هم الاكثر التصاقاً بهذا المجال. وأضافت أنه عند قيام مثل هذه الجمعية؛ فإنها ستلعب دوراً كبيراً في مساعدة الناس غير المقتدرين على الحصول على حقوقهم، فالحاجة ليست مقتصرة على اللبس والغذاء فقط، كما أن الحاجة الأكبر هي رفع الظلم عن المظلوم، ولدينا عدد كبير من السيدات اللاتي لا يستطعن الحصول على صك إعالة أو هجران؛ بسبب عدم معرفتهن بسبل الحصول عليها وهناك قضايا عديدة تضيع من أصحابها؛ بسبب الجهل بطرائق الوصول إلى ما يريدون. وأشار إلى أن البحث عن احتياج المجتمع يأتي في أولوية أهمية العمل الخيري ذاته، والإسلام حثنا على تتبع احتياجات الناس، وسيدنا عمر بن الخطاب مثال حي في ذلك، ونبراس عندما كان يخرج ليقضي حوائج الناس، وقصة سيدنا أبي بكر الصديق عندما كان يقضي حاجة العجوز في منزلها نبراس يهتدى به. وقال: "للأسف الشديد نحن لدينا مشكلة مع العمل الخيري، فهذا العمل أبوابه واسعة ولا شك أننا لم نطرق كل أبوابه، ولو لجأنا في ذلك إلى القرآن الكريم لوجدنا انه حثنا على البذل والعطاء ليس على المستوى الإنفاقي، وإنما في مجالات عدة يفتقدها الغربيون أو الماديون، كالمسح على رأس اليتيم مثلاً، وهذا شكل من أشكال العمل الخيري، ونحتاج مؤسسات قائمة على هذه الفكرة". العمل التطوعي وفي السياق ذاته قالت "سناء" لقد بدأ العمل الخيري في المملكة على توفير الكساء والغذاء، والآن هناك فلترة لهذا الأمر، فأصبح هناك عدد من الجمعيات المتخصصة، ولايزال المجتمع يحتاج إلى أكثر، مشيرة إلى أنه في كارثة جدة كان هناك تفاعل رائع من الناس، وشاهدنا عددا كبيرا من المتطوعين للعمل الخيري، ومن الإيجابيات التي خرجت بها الكارثة هي نشر ثقافة العمل التطوعي بين أفراد المجتمع على مختلف شرائحه، وهذا العمل مهم في بناء شخصية الإنسان. وأضافت:"أرى أن مسؤولية نشر ثقافة العمل التطوعي تقع على عاتق المؤسسات التعليمية، فلابد من غرس مفهوم العمل التطوعي لدى الأطفال من الصغر، وبالنسبة إلى إنشاء الجمعيات الخيرية فهي مسؤولية مشتركة بين وزارة الشؤون الاجتماعية وبين أفراد المجتمع الذي يعي حاجته لبعض الجمعيات الخيرية المتخصصة في مجالات محددة". سناء : «العمل التطوعي» يبدأ من التعليم ويحفز الشباب على المشاركة النوعية تطورت ميدانية ولخصت "هبة" مشاركتها بقولها: إن السبب في كثرة الجمعيات الخيرية التي تقوم على مساعدة الفقراء في توفير الطعام والكساء يعود إلى النشأة التي نشأنا عليها، وتجد بعض المتسولين في الشوارع يبحثون عن صدقات لتوفير مستلزماتهم الأساسية، ولكن حالياً هناك تطورت ميدانية لعلاج هذا الأمر؛ لكثرة الاحتياج في مجالات أخرى غير المعهودة سابقاً، داعية عدد من الشركات الكبرى للمساهمة في خدمة بعض فئات المجتمع المستحقة، مثل برامج غسيل الكلى عبر شركات الاتصالات، ولابد من الاهتمام أكبر ببعض الجوانب المغفلة، مثل اقامة قاعة أفراح خيرية تساهم في تخفيف العبء على الشباب المقدم على الزواج. وأضافت:" يتعين علينا لتعميق ثقافة العمل التطوعي الوصول إلى الناس في مقراتهم، خاصة في المدارس والجامعات عبر إقامة ورش عمل وليس مناهج دراسية، ومتى ما أردنا تنويع مجالات العمل الخيري فيجب تنظيم هذا العمل بشكل مؤسسي ومنهجي يقوم على دراسة ميدانية وقاعدة معلوماتية وآلية في التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقويم، بحيث تكون الإجراءات مناسبة وموضوعية ودقيقة، ومن هنا أتت فكرة إنشاء جميعة اكتفاء وانتقلت هذه الفكرة إلى الواقع"، داعية إلى إنشاء جمعيات متخصصة للأربطة بعد قيام دراسات وبحوث ميدانية وبشروط مقننة دقيقة، خاصة وأن وضع الاربطة الحالي غير مقبول. قناعات المتبرعين وعاد "المحمدي" ليكمل حديثه، بقوله: "الاشكالية الحقيقة هي تغيّر قناعات الناس، خاصة المتبرعين، حيث تجد المتبرع يسأل الجمعيات الخيرية هل ستعطي المحتاج مباشرة؟، كما أن العديد من رجال الأعمال أصحاب ثقافة خيرية ويسأل كم مصاريفك الإدارية من قيمة التبرع، واذا قلت 10% قبل، أما إذا قلت 15% قال أنتم مصاريفكم الإدراية عالية.. أنتم جمعية مبذرة، وهذا واقع؛ فتضطر أن تعيد هيكلة إدارتك، وهذه الأمور لها ما يبررها؛ فهناك جمعيات خيرية تقيم حفلات كبيرة، والمتبرع يرى أن إقامتها على حساب أموال المحتاجين، والشاهد في الموضوع أن هناك معادلات صعبة في العمل الخيري لابد من مراعاتها، وليس من الصحيح أن تسعى إلى الإبهار في الظهور، كما لا بد من التوازن حتى تحافظ على حجم التبرعات، ونحن في المستودع الخيري نغطي عدة مجالات، وأحياناً يأتي متبرع ويطالب بتغطية احتياج كامل ويأتي بعده متبرع آخر، ويريد أن يغطي الاحتياج نفسه عندها نقول له نحن مكتفون في هذا الجانب، ولكن لدينا مجال آخر يحتاج الى تبرع، وهناك متبرعون يقولون نحن نعطيكم المال وانتم ابحثوا عن المحتاجين من الناس". حاجة المجتمع وأضاف "المحمدي" أن المزاوجة بين العمل الخيري وبين متطلبات المجتمع أمر بسيط ويسير جداً، كما أن قيام جمعيات متخصصة ينبع من حاجة المجتمع، وعندما يصبح أي أمر ظاهر نجد أن أبناء المجمتع أنفسهم يتحركون لعمل جمعية تهتم بهذه الظاهرة، والعادة أن من يتقدم لتأسيس مثل هذه الجمعيات هم المتخصصون في المجال، فوزارة الشؤون الاجتماعية لا يمكن أن تطلب من المجتمع تأسيس جمعية معينة؛ لأن التجاوب حينها لن يكون بالشكل المطلوب، وتأكيداً لهذا الكلام؛ فجمعية صحية لها طبيعية متخصصة لا يمكن أن تنجح من دون وجود أطباء؛ لهذا أرى أن دور وزارة الشؤون الاجتماعية هو تكاملي وتنظيمي وتنسيقي ومساعدة الجمعيات على القيام بمهامها، والمجتمع يتشكل بشكل طبيعي ويلبي احتياجه، خاصة أنها أعمال تطوعية غير إلزامية؛ فمبدأ العمل فيها ينبع من الرغبة في الخدمة، والحقيقة أن هناك تخصصات أخذت حقها بما يكفي، وهناك تخصصات لم تأخذ حقها الطبيعي، ولو نظرنا إلى مطالبة الاخت "فاتن" بقيام جمعية خيرية حقوقية نرى أن هناك حاجة إلى تكتل محامين يرغبون في خدمة المجتمع ومساعدة الناس غير القادرين على دفع تكاليف المحامين، مؤكداً أن العمل الخيري الأفضل فيه العمل المؤسسي؛ لأن العمل الفردي تظل إمكاناته محدودة، وغير مستمر على عكس العمل المؤسسي الذي يؤدي بشكل أفضل وتكون فرصة استمراريته أكبر. نماذج رائدة وأشار إلى أن نشر ثقافة العمل التطوعي ليس من ضمن مسؤوليات الجمعيات الخيرية التي لديها أعمالها ومهامها التي تقوم بها، وهذه مسؤولية الجهات المختصة، مثل المدارس والجامعات ووسائل الاعلام والأسرة، موضحاً أن الجمعيات تستفيد من نشر هذه الثقافة وتهيئ المناخ المناسب لاستيعاب المتطوعين وتدربهم على أعمالها وتساهم عبر توفير المعلومات المطلوبة وفتح أبوابها للمتطوعين، مشيراً إلى أن العمل التطوعي بحاجة إلى نماذج رائدة ناجحة تكون نبراسا لغيرها وحافز للعطاء، اضافة إلى جمعيات تدعم الجمعيات القائمة في بعض المجالات مثل التسويق والإدارة التشغيلية الجيدة. شراكة مجتمعية وأوضحت "م. جواهر" أن العمل الخيري فيه جهد ومتعة؛ فينبغي العمل على إشراك المجتمع قدر المستطاع في العمل الخيري، فالإنسان لو تبرع مادياً يفرح عندما يعلم أنه خفف عن شخص محتاج، ولكن لو تبرع وشارك في التوزيع وإيصال المعونات للمحتاجين فحتما سيكون شعوره أفضل. وقالت: "إن غرس ثقافة العمل التطوعي يفترض أن يبدأ من المدارس، ونريد أن يكون هناك تفاعل من الطلاب عبر فرض ساعات عمل تطوعية في خدمة المجتمع، وحاليا هناك جامعة سعودية تفرض ساعات للعمل التطوعي لا تتخرج الطالبة إلاّ بعد أن تكون انجزت هذا العمل، وهذه التجربة أتمنى أن تطبق في كل الجامعات والمدارس حتى يكتسب الجيل المقبل ثقافة العمل الخيري"، مشيرة إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية هي الجهة المسؤولة عن تنسيق العمل بين الجمعيات الخيرية وتوزيع العمل بين هذه الجمعيات، بما يخدم المجتمع، وهي المسؤولة أيضاً عن الدعوة لإنشاء جمعيات خيرية متخصصة في بعض المجالات متى ما دعت الحاجة لذلك، وهذا من صميم عملها. وأضافت أن بعض الجهات تطلب منا موظفين لتوفر عدد من الفرص الوظيفية لديهم، ولكن هناك مشاكل نفسية تعيق استمرار هؤلاء في العمل، فعلى سبيل المثال طلب منا معهد متخصص في العمل السياحي 80 شاباً من ذوي الدخل المنخفض الذين حضروا 30 فقط، والذين تخرج منهم عشرة أشخاص فقط، وهؤلاء محتاجين لتأهيل نفسي قبل التدريب. وأشارت إلى أهمية وجود جمعية تعنى بالجوانب النفسية لتأهيل أبناء الاسر المحتاجة حتى يتم دمجهم في المجتمع بشكل فاعل، وحتى يتم تهيئتهم قبل تدريبهم وحتى يتم اكسابهم مهارات التواصل مع الاخرين. حوافز تشجيعية وأكد "العقيل" أن وزارة الشؤون الاجتماعية، وبصفتها المسؤولة عن الجمعيات الخيرية وعن هذا القطاع، إضافة إلى المحافظات التي تعلم حاجة كل منطقة هما الجهتان المسؤولتان عن وضع التصورات لقيام جمعيات خيرية متخصصة تلبي الحاجة، في كل منطقة على حدة، متمنياً أن تكون هناك حوافز تشجيعية للشركات الكبرى حتى تنشط في العمل الخيري، وتساهم بشكل أكبر مما هي عليه الآن، ومثل هذه الشركات تبحث عن العائد حتى من مسؤوليتها الاجتماعية. وصف الواقع في البداية قال "العقيل" إن من المسلمات الدينية والاجتماعية هو تأصل حب العمل الخيري لدى المسلمين، ولكن هذا الحب لا بد أن يوجه في طريقه السليم، فالناس تحب عمل الخير، ولكن نحتاج إلى نشر ثقافة تنوع العمل الخيري، وهذا العمل يحتاج عمل مؤسسي متكامل لنشر هذه الثقافة وتوسيع دائرة العطاء في شتى المجالات، فمفهومنا عن العمل الخيري مازال ضيقاً وقاصراً في ذات الوقت، فكثير ممن يعملون تقتصر رؤيتهم عن العمل الخيري في جانب واحد من العطاء؛ من دون أن تكون هناك صورة متكاملة للعطاء بكافة صوره، بما يناسب المجتمع بأفراده أياً كان اختلافهم وتنوعهم في ذات الوقت، مشيراً إلى أن المواطن عنده مبدأ العطاء، ولكن لا يعرف كيف يقوم به؛ فهو يحتاج إلى التوجيه الصحيح، والدليل ما حصل في جدة، وفي اعتقادي هذا الامر يقع على عاتق وسائل الاعلام. وأضاف إن الجوانب النفسية في وقتنا الحاضر تلعب دوراً أكبر من غيرها؛ لهذا اتصور أن قيام جمعيات متخصصة في هذا الجانب أصبح ضرورة ملحة، وأشير هنا الى مجموعة من طالبات الجامعة المتحمسات للعمل الخيري طلبن مني مساعدتهن في عمل برامج لتأهيل الأيتام نفسياً في كل مراحل حياتهم؛ بداية من الدراسة عن طريق ورش تقام في مقار جمعيات الأيتام، وكن يرغبن في عمل تطوعي، ولكني اصررت أن يكون العمل مؤسسيا حتى نضمن استمرارية هذا العمل الرائع الذي يصب في صالح المجتمع ككل، خاصة أن هؤلاء الأيتام يحتاجون إلى أن يكونوا مهيئين قبل دخولهم حياتهم العملية، ومثل هؤلاء الطالبات بحاجة إلى جمعية تحتوي طاقاتهم ورغباتهم في العمل التطوعي الخيري في مجالات متخصصة نحن بحاجة ماسة لها واغفلناها في السابق. تنوع لسد الاحتياج وأكد "المحمدي" أن الجمعيات الخيرية ليست مقتصرة على الكساء والغذاء فقط، مشيراً إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية لديها عدد ضخم من الجمعيات الخيرية في مجالات عديدة؛ منها جمعيات مرضى السرطان والايدز وجمعيات بيئية وصحية واجتماعية وغيرها. وقال: "إننا لم نصل إلى المستوى المتميز، ولكن نحن في الوقت الراهن أفضل من السابق، ونحتاج إلى التنوع أكثر لسد الاحتياج". وأضاف:"اعتقد أن في القرى والمحافظات الصغيرة عندما تنشأ جمعية واحدة فإنها تكون قادرة على تلبية وتغطية عدد من الانشطة والاحتياجات؛ لأن الاحتياج في القرية والمدينة الصغيرة غير الاحتاج في المدن الكبيرة، فمثلا في مدينة جدة وبحكم عدد السكان الكبير نحتاج إلى أن يكون لكل خدمة جمعية متخصصة على عكس القرية، في جدة نحتاج أكثر من جمعية صحية؛ لذلك نقول إن عدد السكان وحجم المدينة وتنوع الاحتياجات هي التي تحدد مدى الحاجة إلى جمعيات متخصصة، وعلى سبيل المثال لا يمكن إنشاء جمعية سرطان في قرية لأن عدد الحالات قليل". وأشار إلى أن التنوع ينبع من الميدان كل ما ظهرت حاجة تنشأ بفضل من الله جمعية تلبي هذا الاحتياج، واكرر انني لا ارى تركيزا على الكساء والغذاء فقط، صحيح أن الجمعيات الخيرية في بلدنا بدأت بالكساء والغذاء لانه كان أقوى احتياج في ذلك الوقت ثم تطورت بعد ذلك وفي السنتين الاخيرتين ظهرت جمعيات متنوعة بشكل ممتاز وليس من المعقول المطالبة بأن نغطي كل الانشطة في فترة بسيطة. وقال إن ثقافة المجتمع في التعاطي مع العمل الخيري مبنية على زوايا عديدة، منها أن الحكومة هي المسؤولة عن تغطية المجالات المختلفة، فانحصر مفهوم العمل الخيري على الكساء والغذاء، فموضوع مثل البيئة لا تجد من يريد ان يدفع له لأن الناس تريد الحكومة أن تتولى هذا الجانب، وتجد المتبرع لا يرغب في هذا الجانب؛ لأن مفهومه عن البيئة محدود، مشيراً إلى أن هذه العوامل ليس لها علاقة بالعمل الخيري والجمعيات الخيرية، حيث إن هذه مرتبطة كما اسلفت بثقافة المجتمع، وحتى نضع الامور في نصابها لا نقول إننا متجهين في عملنا الخيري إلى الغذاء والكساء فقط، وإنما نحن نسير في طريق صحيح، والدولة فتحت مجالات العمل الخيري أمام الناس والقادم أفضل. مبادرات نوعية وأكدت "م. جواهر" أهمية المبادرات في العمل الخيري، داعية كل فرد أن لا ينتظر غيره أن يبدأ ثم يشارك. وقالت: "لا بد من توسيع الرؤية تجاه مصارف الزكاة؛ فنحن في جمعية اكتفاء التي اقيمت لكي تصبح المرجعية الفاعلة والمؤثرة في منظومة التواصل مع مختلف قطاعات المجتمع؛ ضمن أطر عمل اجتماعي منظم ومتوازن اسهاماً في تحقيق الاكتفاء الذاتي للأفراد والأسر المحتاجة، من خلال قاعدة بيانات، للاسف نواجه مسألة أن الزكاة لا تنطبق على الجمعية كما يقال؛ لأنها لا تدخل ضمن العاملين عليها، ولكن لو وسع مفهوم في سبيل الله؛ فبالتأكيد ستكون الجمعية ضمن أوجه الزكاة، فمن وجة نظري أن كل انسان يقدم عمل لغيره ومن دون مقابل فهو عمل في سبيل الله، ولا يقتصر على الجهاد فقط". وأضافت أن ثقافة المجتمع مرتبطة بهذه الرؤى، وبالتالي هناك حد للتبرعات وصدقات المواطنين في مجالات مختلفة، ولكن رب ضارة نافعة؛ ففي فاجعة جدة رأينا كيف خرج الجميع متطوعين لإعانة إخوانهم المتضررين، وهذا كان تأكيد أن الناس فيها خير، ولكن تحتاج إلى التوجيه والارشاد، حيث نشأت على خلفية هذه الفاجعة جمعيات خيرية متخصصة في العمل التطوعي، ونشط بعض الجمعيات القائمة في مجل تخصصها. مساعدة الآخرين وقالت "عياش" إنه بحكم عملي أرى أننا بحاجة ماسة إلى إنشاء جمعية خيرية حقوقية تهتم بمساعدة الناس في المحاكم والجهات ذات العلاقة، مثل التحقيق والادعاء العام، فهناك جهل كبير خاصة بين النساء في الحصول على حقوقهن، كما أن كثيرا من الناس لا يعرف كيفية الحصول على حقه القانوني المكتسب، وبالتالي تجدهم يتخبطون حتى يصلوا إلى ما يريدون، والحقيقة أن قيام مثل هذه الجمعية يقع على عاتق المحامين لأنهم هم الاكثر التصاقاً بهذا المجال. وأضافت أنه عند قيام مثل هذه الجمعية؛ فإنها ستلعب دوراً كبيراً في مساعدة الناس غير المقتدرين على الحصول على حقوقهم، فالحاجة ليست مقتصرة على اللبس والغذاء فقط، كما أن الحاجة الأكبر هي رفع الظلم عن المظلوم، ولدينا عدد كبير من السيدات اللاتي لا يستطعن الحصول على صك إعالة أو هجران؛ بسبب عدم معرفتهن بسبل الحصول عليها وهناك قضايا عديدة تضيع من أصحابها؛ بسبب الجهل بطرائق الوصول إلى ما يريدون. وأشار إلى أن البحث عن احتياج المجتمع يأتي في أولوية أهمية العمل الخيري ذاته، والإسلام حثنا على تتبع احتياجات الناس، وسيدنا عمر بن الخطاب مثال حي في ذلك، ونبراس عندما كان يخرج ليقضي حوائج الناس، وقصة سيدنا أبي بكر الصديق عندما كان يقضي حاجة العجوز في منزلها نبراس يهتدى به. وقال: "للأسف الشديد نحن لدينا مشكلة مع العمل الخيري، فهذا العمل أبوابه واسعة ولا شك أننا لم نطرق كل أبوابه، ولو لجأنا في ذلك إلى القرآن الكريم لوجدنا انه حثنا على البذل والعطاء ليس على المستوى الإنفاقي، وإنما في مجالات عدة يفتقدها الغربيون أو الماديون، كالمسح على رأس اليتيم مثلاً، وهذا شكل من أشكال العمل الخيري، ونحتاج مؤسسات قائمة على هذه الفكرة". العمل التطوعي وفي السياق ذاته قالت "سناء" لقد بدأ العمل الخيري في المملكة على توفير الكساء والغذاء، والآن هناك فلترة لهذا الأمر، فأصبح هناك عدد من الجمعيات المتخصصة، ولايزال المجتمع يحتاج إلى أكثر، مشيرة إلى أنه في كارثة جدة كان هناك تفاعل رائع من الناس، وشاهدنا عددا كبيرا من المتطوعين للعمل الخيري، ومن الإيجابيات التي خرجت بها الكارثة هي نشر ثقافة العمل التطوعي بين أفراد المجتمع على مختلف شرائحه، وهذا العمل مهم في بناء شخصية الإنسان. وأضافت:"أرى أن مسؤولية نشر ثقافة العمل التطوعي تقع على عاتق المؤسسات التعليمية، فلابد من غرس مفهوم العمل التطوعي لدى الأطفال من الصغر، وبالنسبة إلى إنشاء الجمعيات الخيرية فهي مسؤولية مشتركة بين وزارة الشؤون الاجتماعية وبين أفراد المجتمع الذي يعي حاجته لبعض الجمعيات الخيرية المتخصصة في مجالات محددة". تطورت ميدانية ولخصت "هبة" مشاركتها بقولها: إن السبب في كثرة الجمعيات الخيرية التي تقوم على مساعدة الفقراء في توفير الطعام والكساء يعود إلى النشأة التي نشأنا عليها، وتجد بعض المتسولين في الشوارع يبحثون عن صدقات لتوفير مستلزماتهم الأساسية، ولكن حالياً هناك تطورت ميدانية لعلاج هذا الأمر؛ لكثرة الاحتياج في مجالات أخرى غير المعهودة سابقاً، داعية عدد من الشركات الكبرى للمساهمة في خدمة بعض فئات المجتمع المستحقة، مثل برامج غسيل الكلى عبر شركات الاتصالات، ولابد من الاهتمام أكبر ببعض الجوانب المغفلة، مثل اقامة قاعة أفراح خيرية تساهم في تخفيف العبء على الشباب المقدم على الزواج. وأضافت:" يتعين علينا لتعميق ثقافة العمل التطوعي الوصول إلى الناس في مقراتهم، خاصة في المدارس والجامعات عبر إقامة ورش عمل وليس مناهج دراسية، ومتى ما أردنا تنويع مجالات العمل الخيري فيجب تنظيم هذا العمل بشكل مؤسسي ومنهجي يقوم على دراسة ميدانية وقاعدة معلوماتية وآلية في التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقويم، بحيث تكون الإجراءات مناسبة وموضوعية ودقيقة، ومن هنا أتت فكرة إنشاء جميعة اكتفاء وانتقلت هذه الفكرة إلى الواقع"، داعية إلى إنشاء جمعيات متخصصة للأربطة بعد قيام دراسات وبحوث ميدانية وبشروط مقننة دقيقة، خاصة وأن وضع الاربطة الحالي غير مقبول. قناعات المتبرعين وعاد "المحمدي" ليكمل حديثه، بقوله: "الاشكالية الحقيقة هي تغيّر قناعات الناس، خاصة المتبرعين، حيث تجد المتبرع يسأل الجمعيات الخيرية هل ستعطي المحتاج مباشرة؟، كما أن العديد من رجال الأعمال أصحاب ثقافة خيرية ويسأل كم مصاريفك الإدارية من قيمة التبرع، واذا قلت 10% قبل، أما إذا قلت 15% قال أنتم مصاريفكم الإدراية عالية.. أنتم جمعية مبذرة، وهذا واقع؛ فتضطر أن تعيد هيكلة إدارتك، وهذه الأمور لها ما يبررها؛ فهناك جمعيات خيرية تقيم حفلات كبيرة، والمتبرع يرى أن إقامتها على حساب أموال المحتاجين، والشاهد في الموضوع أن هناك معادلات صعبة في العمل الخيري لابد من مراعاتها، وليس من الصحيح أن تسعى إلى الإبهار في الظهور، كما لا بد من التوازن حتى تحافظ على حجم التبرعات، ونحن في المستودع الخيري نغطي عدة مجالات، وأحياناً يأتي متبرع ويطالب بتغطية احتياج كامل ويأتي بعده متبرع آخر، ويريد أن يغطي الاحتياج نفسه عندها نقول له نحن مكتفون في هذا الجانب، ولكن لدينا مجال آخر يحتاج الى تبرع، وهناك متبرعون يقولون نحن نعطيكم المال وانتم ابحثوا عن المحتاجين من الناس". المساعدات الخيرية للمحتاجين يفترض أن لا تتوقف عند الغذاء والكساء «إرشيف الرياض» حاجة المجتمع وأضاف "المحمدي" أن المزاوجة بين العمل الخيري وبين متطلبات المجتمع أمر بسيط ويسير جداً، كما أن قيام جمعيات متخصصة ينبع من حاجة المجتمع، وعندما يصبح أي أمر ظاهر نجد أن أبناء المجمتع أنفسهم يتحركون لعمل جمعية تهتم بهذه الظاهرة، والعادة أن من يتقدم لتأسيس مثل هذه الجمعيات هم المتخصصون في المجال، فوزارة الشؤون الاجتماعية لا يمكن أن تطلب من المجتمع تأسيس جمعية معينة؛ لأن التجاوب حينها لن يكون بالشكل المطلوب، وتأكيداً لهذا الكلام؛ فجمعية صحية لها طبيعية متخصصة لا يمكن أن تنجح من دون وجود أطباء؛ لهذا أرى أن دور وزارة الشؤون الاجتماعية هو تكاملي وتنظيمي وتنسيقي ومساعدة الجمعيات على القيام بمهامها، والمجتمع يتشكل بشكل طبيعي ويلبي احتياجه، خاصة أنها أعمال تطوعية غير إلزامية؛ فمبدأ العمل فيها ينبع من الرغبة في الخدمة، والحقيقة أن هناك تخصصات أخذت حقها بما يكفي، وهناك تخصصات لم تأخذ حقها الطبيعي، ولو نظرنا إلى مطالبة الاخت "فاتن" بقيام جمعية خيرية حقوقية نرى أن هناك حاجة إلى تكتل محامين يرغبون في خدمة المجتمع ومساعدة الناس غير القادرين على دفع تكاليف المحامين، مؤكداً أن العمل الخيري الأفضل فيه العمل المؤسسي؛ لأن العمل الفردي تظل إمكاناته محدودة، وغير مستمر على عكس العمل المؤسسي الذي يؤدي بشكل أفضل وتكون فرصة استمراريته أكبر. نماذج رائدة وأشار إلى أن نشر ثقافة العمل التطوعي ليس من ضمن مسؤوليات الجمعيات الخيرية التي لديها أعمالها ومهامها التي تقوم بها، وهذه مسؤولية الجهات المختصة، مثل المدارس والجامعات ووسائل الاعلام والأسرة، موضحاً أن الجمعيات تستفيد من نشر هذه الثقافة وتهيئ المناخ المناسب لاستيعاب المتطوعين وتدربهم على أعمالها وتساهم عبر توفير المعلومات المطلوبة وفتح أبوابها للمتطوعين، مشيراً إلى أن العمل التطوعي بحاجة إلى نماذج رائدة ناجحة تكون نبراسا لغيرها وحافز للعطاء، اضافة إلى جمعيات تدعم الجمعيات القائمة في بعض المجالات مثل التسويق والإدارة التشغيلية الجيدة. شراكة مجتمعية وأوضحت "م. جواهر" أن العمل الخيري فيه جهد ومتعة؛ فينبغي العمل على إشراك المجتمع قدر المستطاع في العمل الخيري، فالإنسان لو تبرع مادياً يفرح عندما يعلم أنه خفف عن شخص محتاج، ولكن لو تبرع وشارك في التوزيع وإيصال المعونات للمحتاجين فحتما سيكون شعوره أفضل. وقالت: "إن غرس ثقافة العمل التطوعي يفترض أن يبدأ من المدارس، ونريد أن يكون هناك تفاعل من الطلاب عبر فرض ساعات عمل تطوعية في خدمة المجتمع، وحاليا هناك جامعة سعودية تفرض ساعات للعمل التطوعي لا تتخرج الطالبة إلاّ بعد أن تكون انجزت هذا العمل، وهذه التجربة أتمنى أن تطبق في كل الجامعات والمدارس حتى يكتسب الجيل المقبل ثقافة العمل الخيري"، مشيرة إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية هي الجهة المسؤولة عن تنسيق العمل بين الجمعيات الخيرية وتوزيع العمل بين هذه الجمعيات، بما يخدم المجتمع، وهي المسؤولة أيضاً عن الدعوة لإنشاء جمعيات خيرية متخصصة في بعض المجالات متى ما دعت الحاجة لذلك، وهذا من صميم عملها. وأضافت أن بعض الجهات تطلب منا موظفين لتوفر عدد من الفرص الوظيفية لديهم، ولكن هناك مشاكل نفسية تعيق استمرار هؤلاء في العمل، فعلى سبيل المثال طلب منا معهد متخصص في العمل السياحي 80 شاباً من ذوي الدخل المنخفض الذين حضروا 30 فقط، والذين تخرج منهم عشرة أشخاص فقط، وهؤلاء محتاجين لتأهيل نفسي قبل التدريب. وأشارت إلى أهمية وجود جمعية تعنى بالجوانب النفسية لتأهيل أبناء الاسر المحتاجة حتى يتم دمجهم في المجتمع بشكل فاعل، وحتى يتم تهيئتهم قبل تدريبهم وحتى يتم اكسابهم مهارات التواصل مع الاخرين. حوافز تشجيعية وأكد "العقيل" أن وزارة الشؤون الاجتماعية، وبصفتها المسؤولة عن الجمعيات الخيرية وعن هذا القطاع، إضافة إلى المحافظات التي تعلم حاجة كل منطقة هما الجهتان المسؤولتان عن وضع التصورات لقيام جمعيات خيرية متخصصة تلبي الحاجة، في كل منطقة على حدة، متمنياً أن تكون هناك حوافز تشجيعية للشركات الكبرى حتى تنشط في العمل الخيري، وتساهم بشكل أكبر مما هي عليه الآن، ومثل هذه الشركات تبحث عن العائد حتى من مسؤوليتها الاجتماعية. *العمل الاجتماعي محور التنمية..و«التكافل» ينطلق العمل الاجتماعي في المملكة من مبادئ وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، حيث حظي بدعم الدولة وتشجيعها ورعايتها وتضافر الجهود الحكومية والأهلية، وأصبح له مكانته في خطط التنمية وبرامج الدولة التي ركزت بأن يكون الإنسان السعودي وسيلة التنمية وغايتها، وبما توفر لهذا النشاط من مناخ إيجابي ساعد على سرعة نموه رأسياً وأفقياً. وقد دعم هذا النشاط بإنشاء إدارة عامة للتنمية الاجتماعية وإدارة عامة للمؤسسات والجمعيات الأهلية، وهاتان الإدارتان تعملان على تنظيم جهود الأفراد والجماعات وتوجيههم للعمل المشترك مع الجهود الحكومية لمقابلة احتياجاتهم وحل مشكلاتهم والانتفاع بإمكاناتهم وطاقاتهم؛ من أجل النهوض بصورة متكاملة بجوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات المحلية، وتحقيق التكامل بينها من أجل التقدم الاقتصادي والاجتماعي للدولة عن طريق المؤسسات التطوعية الأهلية؛ بهدف الرفع من مستوى الحياة وإحداث تغيير مفيد في أسلوب العمل والمعيشة في المجتمعات المحلية (ريفية وحضرية)، مع الإفادة من الإمكانات المادية لتلك المجتمعات وطاقاتها البشرية بأسلوب يوائم بين حاجات المجتمع وتقاليده وقيمه الدينية والحضارية، وما تقوم به الجمعيات والمؤسسات من أنشطة وبرامج مختلفة تهدف لسد حاجة المحتاجين وتأهيلهم وتدريبهم وتحويلهم من متلقي إعانات إلى أشخاص منتجين في مجتمعهم والأنشطة، من خلال عدة برامج أهمها: التعليم والتدريب والتأهيل، والبرامج الثقافية، والإسكان الخيري وتحسين المساكن، والرعاية الصحية، إلى جانب برامج تقديم المساعدات المتنوعة، وبرامج السجناء، وإقامة المراكز الاجتماعية للشباب ومراكز الأحياء لتنمية الأحياء. *إعانة «الاجتماعية» مغرية للتفاعل والتغيير للأفضل تتيح إعانة وزارة الشؤون الاجتماعية للجمعيات المسجلة رسمياً في تبني المزيد من الأفكار الجديدة، والمتنوعة لخدمة المحتاجين في المجتمع، وعدم قصرها على جمعيات استهلاكية لتقديم الغذاء والكساء فقط - رغم أهميتها -، وهو ما يفتح المجال لتأسيس جمعيات متخصصة في التدريب والتأهيل، أو غيرها من المجالات. وتشمل إعانات الوزارة على إعانة تأسيس تصرف بعد تسجيل الجمعية رسمياً، وإعانة سنوية تصرف للجمعية بعد انتهاء سنتها المالية وقد تصل هذه الإعانة إلى 85% من إجمالي مصروفاتها، إلى جانب إعانة إنشائية تصرف لمساعدة الجمعية في تنفيذ مشروعات المباني التي تساعد الجمعية على تأمين مقرات مناسبة لبرامجها المختلفة، وتصل هذه الإعانة إلى 85% من إجمالي تكاليف البناء، وإعانة فنية تتمثل في تحمل تكاليف تعيين موظفين فنيين للعمل بالجمعيات أو مدها بخبراء ومختصين لدراسة أوضاعها وتقديم الاقتراحات اللازمة للنهوض بها، أو انتداب بعض موظفي الوزارة للعمل لديها لمدد محدودة وعند الحاجة. كما تشتمل على إعانة عينية وفقاً للحاجة لمساعدة الجمعيات في أداء رسالتها وتنفيذ برامجها على خير وجه من ذلك منح كل جمعية خيرية قطعة أرض بمساحة 1500م لإقامة مقرها عليها، وإعانة طارئة تمنح في الحالات الاستثنائية لدى مواجهة الجمعيات صعوبات أو أزمات مالية. كذلك تمنح الوزارة الجمعيات الخيرية حاجتها من الأراضي لإقامة منشآتها الخيرية عليها وفقاً لقرار مجلس الوزراء رقم 127 في8/6/1406ه. *ساعدوا الفقراء ليساعدوا أنفسهم..! تتبنى الجمعيات الخيرية حالياً عدة برامج مختلفة تهدف إلى تأهيل المحتاجين وتدريبهم وسد حاجاتهم، ومن ذلك: رعاية وكفالة الأيتام، ورعاية العجزة، وبرامج تأهيل ورعاية المعوقين، إلى جانب التركيز على البرامج التدريبية واستحداث برامج جديدة يحتاجها سوق العمل مع إعطاء الأولوية فيها للفئات المحتاجة. وتنوع معظم الجمعيات في الوقت الحاضر مصادرها المالية؛ فهي لا تعتمد على الإعانات المقدمة فقط، بل عملت على إيجاد مورد ثابت لها للصرف على الأنشطة التي تمارسها ومن هذه الموارد (الأوقاف)، حيث يقوم بعض المحسنين بوقف ما لديهم من عقار ليحول ريعه للجمعيات الخيرية، والوزارة تشجع الجمعيات على التوسع في هذا المجال، خاصة حث المتبرعين على إيجاد أوقاف على الأنشطة عن طريق وضع الجمعيات لحصص يشارك فيها المحسنون كل حسب قدرته توقف على أنشطة معينة كرعاية الأيتام أو الفقراء وغيرها من الأنشطة. ومن بين الموارد (الاستثمار)، ويتمثل الاستثمار في إقامة المراكز الطبية والصيدليات أو العمائر السكنية أو المدارس والتي يتم دراسة جدواها الاقتصادية قبل الموافقة عليها لضمان نجاحها واستمراريتها وغيرها من مجالات الاستثمار المأمونة. وإلى جانب الاستثمار هناك البرامج التدريبية، وتتمثل هذه البرامج في الحاسب الآلي ومشاغل الخياطة وتعليم الخياطة، إلى جانب مجال الخدمة الاجتماعية، وتحويل الحالات من متلقية إلى منتجة، والاهتمام بالتوعية الاجتماعية بين فئات المجتمع، من خلال برامج توجه للشباب في المدارس والعاملين في جهات عملهم، بالإضافة إلى البرامج التي تقيمها الجمعيات في مقارها، كذلك التركيز على الجوانب الاجتماعية والطلاق وانحراف الأحداث وغيرها.