الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    أمير حائل يشهد حفل ملتقى هيئات تطوير المناطق والمدن 2024    شرطة العاصمة المقدسة تقبض على 8 وافدين لمخالفتهم نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    39955 طالبًا وطالبة يؤدون اختبار مسابقة "بيبراس موهبة 2024"    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    السعودية تستضيف غداً الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    اتفاقية لتوفير بيئة آمنة للاستثمار الرياضي    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    السعودية واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    نجاح عملية جراحية دقيقة لطفل يعاني من ورم عظمي    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    شركة آل عثمان للمحاماة تحصد 10 جوائز عالمية في عام 2024    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    نائب وزير الخارجية يفتتح القسم القنصلي بسفارة المملكة في السودان    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    إمارة جازان تستعرض معالمها السياحية وتراثها في مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل 9    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    استشهاد أربعة فلسطينيين في غارة إسرائيلية على منزل وسط قطاع غزة    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    لمحات من حروب الإسلام    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    الحربان العالميتان.. !    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العمل الخيري لا يتوقف عند بناء المساجد!
صدقات وزكوات بالمليارات لم تلب احتياجات المجتمع من المشروعات الإنسانية
نشر في الرياض يوم 05 - 06 - 2012

يعد العمل الخيري حلقة مضيئة في الحياة الاجتماعية يمارسه كل شخص متطلع للبذل والعطاء، كلٌ على قدر استطاعته، وعلى الرغم من الأدوار المبذولة من رجال وسيدات الأعمال والمحسنين في تنويع العمل الخيري في معظم الأوجة لخدمة أفراد المجتمع، إلاّ أنها في الغالب تأخذ مساراً قد تم إشباعه وإثراؤه مثل بناء المساجد؛ حتى صارت جهودهم تزيد عن حدود الحاجة، دون أن يوجد تنسيق وتوجيه لمعطيات العمل الخيري بحسب حاجة وكفاية المجتمع، مثل إنشاء مصحات خيرية، ودور رعاية، ومراكز طبية، وبحثية، وتأهيلية، إلى جانب لجان خيرية متعددة الأهداف تساهم في تنمية الوعي المجتمعي، وتملأ أوقات الفراغ لدى الشباب من الجنسين، كذلك إنشاء عيادات علاج الأمراض المستعصية التي تكون تكلفة علاجها باهظة الثمن على المحتاجين، مثل مراكز غسيل الكلى، ومرض السكري، إضافة إلى لجان توفّر الأطراف الصناعية والمستلزمات السمعية والبصرية للمعوقين.
منبر "ندوة الثلاثاء" يتناول هذا الأسبوع دور رجال وسيدات الأعمال والجهات الأخرى في تنويع العمل الخيري، وكشف المعوقات أمام مساهمتهم ومشاركتهم الخيرية.
مسؤولية اجتماعية
في البداية، أكد "د. العريني" أن العمل الخيري بأفكاره الحديثة والمواكبة لمتطلبات ومستجدات الحياة المعاصرة، يمثل أهم جوانب وإشراقات المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتق أبناء المجتمع رجالاً ونساء، إلى جانب الشركات والمؤسسات ورجال الأعمال والمحسنين، كلٌ على قدر استطاعته، مشيراً إلى أن العمل الخيري كان ولا يزال أحد أهم الجوانب الإنسانية والمكارم الأخلاقية التي عرف بها أبناء هذه البلاد منذ فجر التاريخ، حتى جاء الإسلام ليعزز من قيمة هذه الأعمال الإنسانية ويمنحها القيمة والدرجة عند الله - سبحانه وتعالى- لتكون في رصيد الإنسان يوم القيامة.
نحتاج إلى إنشاء دور رعاية ومراكز طبية وبحثية وثقافية وعيادات علاج للمحتاجين
واستشهد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، ما يدلل على استشعار المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية لدى أبناء هذه الأمة الإسلامية ومن ضمنها العمل الخيري بكافة سُبله وأهدافه، مبيناً أن التنوع في مجالاته بشكل عام يمثل أحد أهم أهداف وطموحات رجال الأعمال؛ من أجل إثراء هذه الجانب في كثير من أوجه الدعم الملامسة لحاجة المجتمع بما يحقق الفائدة المرجوة، موضحاً أن رجل الأعمال قد لا يجد الوقت الكافي لاستشراف الحاجات المطلوبة، أو ليس لديه الرؤية الكافية التي من خلالها يستطيع توجيه دعمه أو مشاركاته الخيرية بالشكل الصحيح والمفيد لما تتطلبه الحاجة؛ وبالتالي لابد من تنوير رجال الأعمال بالمجالات الخيرية الأكثر حاجةً وفائدة، وذلك يعتمد على ما يطرحه أو يقدمه المعنيون بالعمل الخيري بحُكم ما لديهم من خبرة وممارسة وعلم بحاجة المجتمع من هذه الأعمال والمشاركات الاجتماعية الخيرية.
وقال: "نحن في (الغرفة التجارية) تطرقنا إلى عدد من مجالات العمل الخيري غير التقليدية أو المعتادة، حيث تبنت (غرفة القصيم) وبالتعاون مع رجال الأعمال فكرة إثراء العمل الخيري المستديم غير المنقطع، ومن ذلك على سبيل المثال تدريب وتوظيف أبناء الأسر الفقيرة حتى يتمكن هذا الشخص من مساعدة أسرته في التغلب على حالة الفقر التي تعانيها، وهذه الخطوة فيها شيء من وسائل القضاء على الفقر أو عدم توريث الفقر من خلال انتشال أبنائهم ووضعهم في الطريق الصحيح".
وأضاف أن بعض مؤسسات القطاع الخاص تمنح رواتب إضافة للعاملين لديها من الشباب الذين يلتحقون بالمدارس الليلية، إلى جانب إعطائهم عند نجاحهم مكافآت مالية تصل إلى ثلاثة آلاف ريال، كما تساعدهم في الحصول على القبول في الجامعات لمواصلة الدراسة الجامعية، مشيداً بتلك الفكرة لكونها مكنت العديد من الشباب من إنهاء المرحلة الجامعية ومواصلة تعليمهم في الماجستير، من خلال رفع المعنويات وتحفيز على الإرتقاء بالنفس.
توظيف السجناء
وكشف "د. العريني" أن "الغرفة التجارية بالقصيم" تعاونت مع بعض مؤسسات القطاع الخاص، من خلال توظيف بعض السجناء في منشآت القطاع الخاص قبل خروجهم إلى الحياة العامة بشهر وتوقيع عقود عمل معهم، وإعطائهم راتب الشهر الأول داخل السجن؛ وذلك من أجل دمج المُطلق سراحهم في المجتمع بشكل عملي وسريع يمنعهم من الوقوع في ما قد يعيدهم إلى السجن، منوهاً أن ذلك العمل يعتبر جزءاً صغيراً ما هو مطلوب من رجال الأعمال في مجال تنويع العمل الخيري الذي يحتاجه المجتمع في أكثر من شكل وفي أكثر من صورة.
وأشار إلى أن هذه الأعمال الخيرية من الممكن أن تأخذ صورا متعددة، من خلال إنشاء مراكز أبحاث علمية؛ لكي تساعد المتفوقين من الشباب غير القادرين على إجراء أبحاثهم العلمية ودراساتهم المتنوعة ودعمهم بما يحتاجونه من المستلزمات.
تنوع خيري
وذكر "السلمان" أن الوقت الراهن يحتاج إلى تنويع الأعمال الخيرية من قبل رجال الأعمال بشكل أكبر، داعياً العلماء وأئمة المساجد والإعلام إلى حث رجال الأعمال والمقتدرين لكي يتم تنويع العمل الخيري، من دون أن يقتصر على أعمال الحاجة إلى غيرها أكبر - مثل بناء المساجد - نظراً لأهميتها وحاجة المجتمع إليها بشكل كبير ومتزايد، مثل إنشاء مراكز غسيل الكلى ومصحات لكبار السن، ومراكز أبحاث لعلاج الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكر ومراكز علاج لأمراض الكبد، ومراكز أبحاث لعلاج السرطان، إضافة إلى مساعدة الشباب المقبلين على الزواج وغيرها من أوجه العمل الخيري غير التقليدي.
وقال: "إن مجتمعنا مجتمع خيري وفيه من رجال الأعمال والأشخاص المقتدرين والباذلين لكنهم في بعض أحياناً بحاجة إلى التوجيه والتذكير وإنارة الطريق لهم؛ لدعم تلك الأعمال النافعة والمفيدة، إضافة إلى أنهم بحاجة إلى التوجيه الشرعي، وهذه مسؤولية المؤسسات الدينية لإرشاد المواطن القادر مادياً سواءً كان رجل أعمال أو من الباذلين.
وأوضح أن اللجان الإنسانية والخيرية لها دور كبير في توجيه العمل الخيري نحو التخصص مثل "لجنة أصدقاء المرضى"، حيث تُعنى هذه اللجنة بمساعدة المرضى غير المقتدرين على توفير احتياجاتهم العلاجية، موضحاً أن "لجنة أصدقاء المرضى بالقصيم" وفّرت على سبيل المثال إحد عشر جهازاً لغسيل الكلى، وإنشاء محطة تنقية مياه في "مستشفى الملك فهد التخصصي ببريدة" بملايين الريالات، وذلك بواسطة مبالغ من رجال أعمال لم يمانعوا بتوجيه صدقاتهم وتبرعاتهم لإنشاء مثل هذه الأعمال الإنسانية؛ مساندة منهم لجهود المملكة الضخمة التي لا تألوا جهداً في توفير كافة متطلبات برامج التنمية.
مركز الشيخ صالح الراجحي لتأهيل المعوقين في الخرج نموذج يحتذى للعمل الإنساني
تنويع وابتكار
وبيّن "د. اليحيى" أن الأصل هو مشروعية الابتكار والتطوير والتنويع في العمل الخيري، حيث على كل فرد الاجتهاد في العمل والجهة الأفضل، مطالباً بدراسة جدوى تتضمن الحاجة لكل عمل، والحمل مُلقى على عاتق المؤسسات والجمعيات الخيرية بتقديم مسابقات في الأفكار الخيرية، من خلال إنشاء مراكز للابتكار، وتسليط الدعم على أوجه الحاجة الأكثر ضرورة، مقترحاً إيجاد مكاتب استشارية للجمعيات الخيرية تُعنى بتقديم استشارات خيرية وشرعية لمساعدة من لديه أموال يريد أن يضعها في عمل خيري نافع ومفيد.
وحول سعة العمل الخيري، قال: "لو تأملنا الآيات والأحاديث لوجدنا ذلك جلياً، حيث قال الله تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره)، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن حديث عائشة "يصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة ونهيٌ عن المنكر صدقة)، وكذلك قال عليه الصلاة والسلام (لا تحقرن من المعروف شيئاً)، فهذه قواعد عظيمة في الشريعة تُبيّن السعة في أعمال الخير الكثيرة من دون حصر"، داعياً إلى عدم حصرها على رجل أعمال أو فاعل الخير في صور محدودة، قائلاً أن هناك أعمالا ربما تكون عند بعض الناس صغيرة، أو أنها ليست ضمن العمل الخيري، بل تكون هي الأحوج لقلة من يفعلها.
أبواب بذل
وذكر "د. الفوزان" أن المجتمع المسلم بعامته مِعطاء، فالمسلمون فقراؤهم وأغنياؤهم فُتح لهم من أبواب البذل ما لا يُعد ولا يُحصى؛ حيث إن التسبيح والتهليل وإماطة الأذى ورد الظالم والسلام إلى غير ذلك هي من أبواب الخير، مشدداً على أن المسلمين لديهم الدوافع والحوافز على أداء العمل التطوعي أكثر من غيرهم في مجتمعات أخرى ظهرت لديهم إحصائيات تكشف أن كل فرد من اثنين يؤدون أعمالاً تطوعية بمقدار خمس ساعات في الأسبوع لما يجدون من دعم في مجتمعاتهم، لافتاً أن لدينا ما لا يوجد لدى غير أمة أخرى مستشهداً بالآية الكريمة "فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره"، فكل شيء محسوب مهما كان قدره.
وأرجع عدم ظهور العمل التطوعي في مجتمعنا بالصفة المطلوبة إلى ضعف نشر ثقافة العمل التطوعي والتوعية، على الرغم من وجود مراكز وجهات لديها أنشاط إغاثة وأنشطة في جوانب بناء مساجد وما إلى ذلك، إلاّ أن هناك ضعفاً في أمر التوعية والتأهيل، حتى ظن بعضهم أن تلك الأعمال من اختصاص الجهات الرسمية فقط، وأن الجهات التطوعية غير معنية بذلك.
وقال:"نجح (مركز الإحسان للتوعية والتأهيل) أن يقدم عدة برامج فيما يختص بالتوعية في المرافق والمضامير والحدائق من خلال مشروع (قِيم) المُقدم عبر الشاشات"، مبيناً أن رجال الأعمال عادة لا يتفاعلون بالقدر المطلوب إلاّ إذا رأوا ثمار العمل الخيري، داعياً إياهم إلى بناء المساجد ودور العلم وسد حاجة الملهوفين، إلى جانب المساهمة في دعم التوعية والتأهيل، منوهاً أن الأهم هو دعم الفئات التي يخشى عليها أن تقع فريسة للحاجة.
حاجة فعلية
ولفت "د. الشاوي" إلى أن تنوع الأعمال الخيرية تُحكّمه حاجة المجتمع الفعلية، مقترحاً إقامة ندوات وورش عمل بين رجال الأعمال مُمثلين بالغرف التجارية وبين القائمين على الجهات الخيرية؛ لدراسة واقع المجتمع وتلّمس متطلباته الممكن أن يتبناها رجال الأعمال، إلى جانب تبنّي الجامعات عبر مراكز البحث العلمي والرسائل العلمية من خلال الأقسام المتخصصة بكليات العلوم الإجتماعية وخدمة المجتمع لإصدار بحوث جامعية ورسائل علمية، إضافة إلى استكتاب متخصصين لطرح مشروعات وبرامج العمل الخيري الجديدة والمتميزة التي تم صياغتها بطريقة علمية وبحثية جيدة من خلال العمل الميداني وزيارة الجهات الخيرية؛ لمعرفة حاجتها الفعلية، ومن ثم توصيلها إلى رجال الأعمال بطريقة علمية تتضمن أهم البرامج الجديدة والمميزة التي يحتاجها المجتمع خلال السنوات العشر القادمة.
«بين كل بيت وبيت مسجد» دون أن نفكر في دعم مراكز علاج وتدريب وتثقيف داخل الأحياء
وأوضح ان رجال الأعمال دائماً يرغبون في دعم المشروعات والبرامج الخيرية الجديدة، حيث كانوا في السابق يرسلون الصدقات والزكاة ولا يشترطون أي شيء، أما الآن فإنهم حينما يرسلون زكواتهم للجمعيات فإنهم يحددون أوجه الصرف، ويركزون في أن يكون جزءاً منها موجهاً للصرف على تدريب الأُسر، مطالباً بتفعيل دور رجال الأعمال في القطاع الخاص، وكذلك البنوك بالذات تجاه تفعيل دورها بالمسئولية المجتمعية من خلال مشروعاتها المتنوعة التي تخدم المجتمع عبر مشروعات متميزة ومدروسة إنشاءً وتشغيل.
وقال: "إن البنوك في المملكة تعد من أقل الجهات مشاركة في خدمة المجتمع على الرغم من ما تحققه من أرباح هائلة، من دون أن تساهم في الخدمة الاجتماعية مثل إنشاء مستشفيات ومراكز اجتماعية وقطاعات خدمية، إلى جانب المساهمة في الفعاليات الاجتماعية، حتى وإن نُسبت تلك الأعمال إلى أسماء البنوك المساهمة في إنشائها"، مطالباً "مؤسسة النقد" بالفرض على البنوك تقديم نسبة من أرباحها لخدمة المجتمع إن لم تكن مبادرات من البنوك نفسها.
مركز البابطين الخيري صرح ثقافي وتوعوي في المجتمع
عمل تجاري
وتداخل "د. اليحيى" قائلاً إن العمل التجاري يمكن أن يشتمل على جزء من العمل الخيري حتى إن كان تجارياً، مستشهداً بما يحدث عند التمويل عن طريق التورق لشراء سكن أو غير ذلك من الاحتياجات، من خلال تخفيض هامش الربح كمساهمة للمحتاج إلى تمويل شراء مسكن أو غير ذلك، مقترحاً أن يخصص رجال الأعمال حصة من أرباح مشروعاتهم التجارية لوجه محدد من وجوه البر والخير التي يحتاجها المجتمع.
تشجيع المبادرين
وعلّق "د. الشاوي" على ما ذكره "د. اليحيى" قائلاً: "أرجو من الجهات الرسمية تشجيع رجال الأعمال المبادرين في أعمال الخير والبر المتنوعة، بحيث لا يتساوون مع نظرائهم غير الباذلين في خدمة المجتمع، سواءً في الأنظمة أو الإجراءات الحكومية"، مثنياً على رجل أعمال قدّم أوقافاً لجامعة الملك سعود قاربت قيمتها 500 مليون ريال، داعياً إلى إيجاد حوافز لرجال الأعمال، مثلما يحدث في أوروبا وأمريكا بإعفاء رجال الأعمال من الضرائب أو جزءٌ منها إذا كان لهم مشروعات أو مبادرات خيرية ووطنية.
حاجات المجتمع
وقال "السلمان" إن الحاجة المتزايدة لوجود مراكز خيرية متخصصة تتطلب من رجال الأعمال والباذلين أن لا يكون تفكيرهم منحصراً في بناء المساجد، من خلال تلّمس حاجات المجتمع في مثل تلك المراكز التي تقدم خدمات إنسانية واجتماعية يكون المجتمع في أمس الحاجة إليها، وفيها أجر عظيم بإذن الله سبحانه.
متابعة مستمرة
ونبّه "د. الشاوي" أن التنوع بالأعمال الخيرية لا ينحصر في بناء وتأسيس المشروعات الخيرية، بل يمتد إلى البذل في رعايتها وصيانتها، من دون أن يقلل ذلك من أهمية تحفيز الباذلين والمتبرعين إلى تأسيس وإنشاء المشروعات الخيرية والاطمئنان على استمرارها وبقائها، مبيناً أن هناك أجهزة ومعدات طبية باهظة الثمن وبرادات مياه قدّمها بعض المحسنين، إلاّ أنه تم التخلص منها واستبدالها بأجهزة جديدة نظراً لعدم العناية بها أو صيانتها.
واتفق "السلمان" مع ما ذكره "د. الشاوي" مبيناً أن المنشآت الخيرية والأجهزة المُتبرع بها تتطلب صيانة وعناية دائمة، مقترحاً تنظيم أعمال تطوعية تضمن استمرارية العمل الخيري أطول فترة ممكنة، مشدداً على أهمية العناية بالأجهزة والمنشآت.
إزالة قيود
وبيّن "السلمان" أن رجال الأعمال يطالبون بإزالة القيود التي تعيقهم عن تنفيذ برامجهم ومشروعاتهم الخيرية المقدمة للمجتمع، إلى جانب تسهيل الإجراءات النظامية أمامهم لتحقق لهم المرونة والسلاسة في قبول أعمالهم الخيرية بعيداً عن ذلك التعقيد والتقييد، راوياً معاناتهم في "لجنة أصدقاء المرضى في بريدة" مع "مستشفى الملك فهد التخصصي في بريدة" عند رغبتهم في تركيب أحد عشر جهازاً لغسيل كلى تُعد من أفضل أنواع الأجهزة، حيث أخذت إجراءات قبول تركيب الأجهزة مدة ثمانية أشهر؛ بسبب اشترط المستشفى تركيب محطة تنقية مياه لهذه الأجهزة؛ ما اضطر "اللجنة" إلى تركيب المحطة بتكلفة بلغت (400 ألف ريال)، داعياً الجهات الحكومية أن تعمل على تسهيل الإجراءات أمام المتبرعين في كل القطاعات.
معوقات إجرائية
وتداخل "د. الشاوي" معلقاً على ما ذكره "السلمان"، ومبيناً أن الأعمال الخيرية مبنية على دراسات وفقاً لآليات نظامية، ما ينبغي أن لا يكون أمامها أي نوع من أنواع المعوقات الإجرائية في الدوائر الرسمية التي أصبحت تُشكّل عائقاً أمام تنفيذ الأعمال الخيرية.
وقال لو أن شخص من المتبرعين رغب - على سبيل المثال - في تقديم هبة لإحدى الجمعيات الخيرية عبارة عن قطعة أرض أو عقار، فإن لدى "وزارة العدل" إجراءات طويلة لكي تتمكن هذه الجمعية من حيازة وتملك هذه الأرض، حيث تبدأ تلك الإجراءات بمطالبة رئيس الجمعية بإحضار تفويض من مجلس إدارة الجمعية يخوله بقبول تلك الهِبة وأحياناً المطالبة بالحصول على موافقة الوزارة بقبول هذه الهبة، إلى غير ذلك من الطلبات والإجراءات الطويلة التي تأخذ وجهاً آخر إذا كانت الهبة موجهة من المتبرع لصالح أحد فروع الجمعيات.
تأهيل العنصر البشري وعياً وتدريباً
أكد "د.يوسف العريني" على أهمية تأهيل العنصر البشري أثناء مناقشة تنويع العمل الخيري، من خلال تدريب الشباب وابتعاثهم لدراسة تخصصات معينة في الخارج أو الداخل، مثل دراسة مرض السكري الذي يعاني منه حوالي ما نسبته 25% من سكان المملكة وغير ذلك من الأمراض، مؤكداً على أن رجال الأعمال يبحثون حالياً عن مثل هذه الرؤى المتمثلة في عمل ممتد ينعكس بشكل إيجابي على بناء الإنسان ومستقبله، وعلى أسرته والمجتمع.
وقال إن أهمية الجمعيات الخيرية المتخصصة تتطلب انتشاراً أكبر في عموم مناطق المملكة؛ كونها تقدم خدمات إنسانية كبيرة للمحتاجين وغير القادرين، مبيناً أن هناك جمعيات على مستوى المملكة مثل "الجمعية الخيرية لمرضى السرطان" ومقرها الرئيس في "الرياض"، وتتكفل بتذاكر سفر وإقامة وغير ذلك من الخدمات للمحتاجين، وكذلك "جمعية أمراض الكبد" على مستوى المملكة ومركزها الرئيس في "بريدة" والعديد من الجمعيات المهتمة بالمحتاجين لخدماتها من أفراد المجتمع، مؤكداً على أهمية دور رجال الأعمال في إنشاء ودعم مثل تلك الجمعيات والمراكز الإنسانية في عموم أرجاء الوطن.
وأضاف:"أتمنى أن نكون عمليين بشكل فعلي نحو نشر قائمة بالأعمال الخيرية المتنوعة التي يحتاجها المجتمع؛ لكي نصل بشكل مباشر إلى نتيجة حقيقية تُسّهل على رجال الأعمال تنفيذ مثل هذه الأعمال الخيرية المطلوبة وفق ما تخلص إليه ورش العمل، أو ما تقرره المراكز البحثية، أو ما تراه الجهات الخيرية".
الحكومة لا يمكن أن تلبي جميع الاحتياجات ولكن مسؤولية رجال الأعمال «تُكمل الناقص»
رجال أعمال يبحثون عن أفكارٍ لبذل الخير!
أكد "د.عبدالعزيز الشاوي" على أن رجال الأعمال يريدون من الجمعيات الخيرية أن يكون لها دور أشمل حتى لا يكون دورها مع الفقير في توفير المأكل والمشرب والسكن فقط، بل يريدون أن يكون للجمعيات دور أشمل وأكبر من خلال تدريب أبناء الأسر على الأعمال المنتجة والمفيدة وإلحاقهم بالكليات، إلى جانب بحثهم -أي رجال الأعمال- عن مشروعات خيرية ذات دراسات جدوى تعتمد على الواقعية بشكل أكبر، وتوفر خططاً لتشغيلها لكي يستفيد منها المجتمع.
وطالب بتنفيذ ورش عمل بين الجهات الخيرية والغرف التجارية في كل منطقة؛ لتحديد الاحتياجات الخيرية الفعلية التي تلامس حاجة الفقراء من المشروعات الصحية والإنسانية وغيرها في تلك المناطق، إلى جانب دراسة ما تعاني منه بعض المناطق من حالات وبائية أو حاجتها لتوفير مياه -خاصة في المناطق النائية التي تتطلب حفر الآبار-، كذلك وجود حالات فقر في بعض المناطق قد لا يستطيع معها الفرد تلقي العلاج أو تحمل كلفة التنقل من أجله، وبالتالي فهو بحاجة إلى المساعدة على تحمل تلك التكاليف، من خلال تخصيص بند لهذا الغرض في الجهات الخيرية لتخفيف المعاناة على المرضى وعلى أُسرهم.
وحول عقد ورش العمل بين الغرف التجارية والجهات الخيرية علّق "د.العريني" قائلاً:"سوف نتبنى في (غرفة القصيم) مبادرة عقد ورش العمل في مقر الغرفة بين رجال الأعمال والجمعيات الخيرية بالقصيم، من أجل بحث تنويع وتطوير العمل الخيري في المنطقة".
ننتظر إنشاء مركز وطني للبحوث والدراسات الخيرية
دعا "د.عبدالعزيز الشاوي" إلى إنشاء مركز وطني للبحوث والدراسات الخيرية على مستوى المملكة، بحيث يُعنى ببحث متطلبات كافة المناطق من المشروعات الخيرية؛ نظراً لأن حاجة كل منطقة تختلف بطبيعتها عن الأخرى إلى حد كبير، على أن تشتمل البحوث المجال الاقتصادي والاجتماعي والطبي، من خلال أساتذة جامعيين وباحثين ميدانيين، حتى يكون نتاج ذلك المركز مرجعاً للإحصاءات، فضلاً عن أنه يبين حاجة كل منطقة للمشروعات الخيرية وفق ما تقتضيه المصلحة العامة، حيث إن هناك مناطق ساحلية وداخلية وزراعية تتفاوت فيها الحاجة إلى الدعم.
وأشار إلى أن هذا المركز الوطني سوف يقدم احصاءات دقيقة وواقعية يحتاجها متخذو القرار في إمارات المناطق والوزارات المعنية، من حيث نسبة الفقر وأسبابه وطرق علاجه، مبيناً أنه عندما يتم تجميع هذه المعلومات ويتم تحويلها إلى إحصاءات وبحوث يمكن الإفادة منها في أعمال الجمعيات الخيرية.
المشاركون في الندوة
د.يوسف بن عبدالله العريني رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة القصيم
أ.د فهد بن عبدالرحمن اليحيى أستاذ الفقه بجامعة القصيم
د.عبدالعزيز بن صالح الشاوي الأستاذ بقسم الفقه بجامعة القصيم المشرف العام على المجمع الخيري ببريدة
د.محمد بن سليمان الفوزان أستاذ الحديث بجامعة القصيم المشرف العام على مركز الإحسان الخيري ببريدة
محمد بن صالح السلمان مدير عام شركة السلمان عضو لجنة أصدقاء المرضى ببريدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.