تقدم جوليا بطرس أعمالاً جديدة ، عبر أعمال أدتها في حفلة كازينو لبنان 2010 الصادرة في أسطوانة مزدوجة مرئية وسمعية، وهي لا تزال صوت الأغنية الساخطة في بعدها السياسي والاجتماعي اللبناني منذ انطلاقها ( أول مجموعة غنائية لها :غابت شمس الحق – 1985 ) إبان نهايات الحرب اللبنانية واشتعال الانتفاضة الفلسطينية واستمرار صور المقاومة اللبنانية حتى تحرير الجنوب 2000 ثم أنشأت إثر حرب تموز 2006 «مشروع أحبائي» لتجمع من ريع الحفلات تبرعات لصالح شهداء المقاومة والجيش اللبنانيين ورغم الافتراق السياسي الإيديولوجي مع تلك المقاومة غير أن الوطن له اشتراطاته. تصدر هذا العمل جوليا بطرس لتؤكد استمرارها لأكثر من ثلاثة عقود أنها خارج تصنيفات السوق الغنائية المكرَّسة بالإضافة إلى الترويج التجاري للفلكلوريات والشعبيات والطربيات والمستهلكات من الموضات الغنائية في الألوان الرائجة كل عقد في الغناء العربي كالفلامنجو والراي واللاتينيات في صورها الأشد استهلاكاً . تقدم في أسطوانتها عشرين أغنية ( بالإضافة إلى مقطوعة موسيقية : المقدمة من تأليف زياد بطرس)، ومن بين تلك العشرين أغنية ستة أعمال جديدة « إلك حساب ،صرخة مقاوم،على ما يبدو،خلص انتهينا،انتصر لبنان، لبنان» كتبهن الشاعر فادي الراعي باستثناء «خلص انتهينا» لرفيق روحانا بينما الألحان لأخيها زياد بطري فيما كان التوزيع لميشيل فاضل. وأما الأغنيات الأخرى فهي اختيارات متنوعة من آخر أربع مجموعات غنائية قدمتها – أصدرت عشر مجموعات غنائية – وهي «شي غريب – 1998،بصراحة - 2000 ،لا بأحلامك – 2004، تعودنا عليك – 2006». تتنوع تلك الأعمال بين أغنيات وأناشيد على مستوى القالب بينما تدور على مستوى اللون بين الدرامي والتعبيري والحماسي . غير أن الملفت أن جوليا بطرس ذهبت نحو صياغة خطاب ساخر –ويتحول إلى لون جديد لديها- ينتقد صور التماثل في الحالة الأبوية بين العاشق والحاكم . درجت هذه الأعمال لتجمع في طابعها الساخر أن تتكرس من الأعمال التالية « على شو» ( لا بأحلامك 2004) وأيضاً «منحبك إيه ، تعودنا عليك» ( تعودنا عليك 2006 ) . يتضح فيها صورة الطاؤوس العاطفي والسياسي في نفس الوقت تنتقد فيه صور التحايل والكذب والاستغلال والتآمر . وهذا متمثل في عملين من جديدها « على ما يبدو ، إلك حساب وإلنا الله» . إذا كانت فيروز طورت هذا الأسلوب من خلال صورة اجتماعية كرسها زياد رحباني في أعمالها « مش فارقة معاي ( كيفك إنت 1990) انشاالله ما بو شي ( ولا كيف 2002) الله كبير (إيه فيه أمل 2010) إلا أن جوليا تقرن الاجتماعي بالسياسي بشكل غير احتيالي إلا أن طابع السخرية يتجاوز طابع حالة الإحباط في أعمال فيروز حيث تواجه جوليا بطرس بينما فيروز تحوله إلى حالة هذيانية جوانية . يوظف زياد بطرس حالة لحنية تعتمد على جمل موسيقية مقطعة بعضها موقع للرقص مثل» على ما يبدو»، وبعضها للرتابة في « إلك حساب وإلنا الله « . يتم الدخول بالعمل – وأقصد عمل « على ما يبدو» - بأداء يوحي بحالة تمثيلية لتعبير التساؤل المخفي بجملة « على ما يبدو» فهي جمل ظنية غير قاطعة، فتلعب في منطقة الإيحاء بالحالة حتى تنتهي إلى غير ما بدأت فهي تقول من البداية: «على ما يبدو دمو خفيف / على ما يبدو شكلو ظريف/وجوه لطيف وحكيو طريف/ ومنو سخيف على ما يبدو». غير أنها تنتهي إلى حالة الممكن من بعد الظن حيث تتحول الجملة موسيقياً وإيقاعياً إلى حالة الإثبات» أنا ما وعدتو او بعدتو/ولا قلتلو الأمل بعيد «. بينما العمل الثاني يؤكد عمق الجرح الذي يندمج فيه العاطفي بالسياسي ، وهو ما يمثل حالتنا العربية من بعض الحكام ، فهي تستفتح في جمل ثنائية خبرية وتعمد البنية الفعلية والاسمية رغم الإيهام حين تبدأ بجملة ناقصة . «متل الكذبة وهجك غاب/أماك خاب وزمنك ولى/دهب الماضي صار تراب/وقصة حب احترقت كلها / إلك حساب وإلنا الله..». ولكن حين يعتمد على ذات اللحن الذي يتكرر في بنيته ليصل ذروة توحي برفصة المراجعة رغم المرارة : «أخبارك ما إلها حد / وانطرنا بيكفي هالقد/ لو إنت صادق عن جد/ عنك ما منتخلى/ إلك حساب وإلنا الله». وبرغم الجروح العربية المفتوحة من البحر إلى البحر . نقول: إلك حساب وإلنا الله ..