سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التوقعات الاقتصادية في المملكة تتحسن مع ارتفاع أسعار النفط وإطلاق المبادرات الحكومية لمعالجة النقص في المساكن وحل البطالة «الراجحي المالية » تحذر من تفشي التضخم في أنحاء العالم
أثرت الاضطرابات السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على النظرة المستقبلية للاقتصاد العالمي وبخاصة ما يتعلق بجانب التضخم. وقد كانت اقتصاديات الأسواق الناشئة تشهد بالفعل معدلات عالية من التضخم ولحقت بها حتى بعض الدول المتقدمة. وقد نتج عن الارتفاع الأخير في أسعار النفط الخام ارتفاع في معدل تضخم أسعار المستهلكين في جميع أنحاء العالم. وقد أدى ذلك إلى تزايد احتمال تطبيق سياسة نقدية متشددة في الدول المتقدمة. وفي المملكة العربية السعودية, أدت أسعار النفط الخام المرتفعة مقرونة بتزايد أحجام الإنتاج إلى مزيد من التحسن في التوقعات الاقتصادية المستقبلية. علاوة على ذلك, فإن إطلاق المبادرات الحكومية التي تستهدف معالجة النقص في المساكن ومشكلة البطالة ومشاكل أخرى سوف تزيد مستوى الاستهلاك في البلاد. الاقتصاد العالمي: لقد سيطرت على المشهد الاقتصادي العالمي الاضطرابات السياسية التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط الخام. إننا نعتقد أن الارتفاع الحالي في أسعار النفط الخام كانت تحركه التوقعات ومعنويات المستثمرين في السوق (الخوف من انقطاع الإمدادات) نظرا لأن العوامل المحركة للطلب والعرض متوازنة بدرجة كبيرة في سوق النفط. وبناء عليه, فإننا نعتقد أن الاتجاه في أسعار النفط يميل إلى الارتفاع في المدى المتوسط مع ازدياد زخم الانتعاش الاقتصادي في الاقتصاديات المتقدمة. لقد أثر الارتفاع في أسعار النفط الخام على التوقعات المستقبلية لمعدل التضخم العالمي بشكل سلبي إذا لحقت باقتصاديات الأسواق الناشئة العديد من الاقتصاديات المتقدمة من حيث ارتفاع معدل تضخم أسعار المستهلكين. لقد تخطى معدل تضخم أسعار المستهلكين الحد الأعلى من النطاق المقبول لدى البنوك المركزية فيه في كل من المملكة المتحدة ومنطقة اليورو. ويبدو أن البنوك المركزية في المنطقة تتجه لرفع أسعار الفائدة بدءا من الشهر القادم. التأثير على أسعار النفط الخام: لقد كان أول تأثير للاضطرابات السياسية في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ذلك الذي أصاب سوق النفط الخام, حيث ارتفعت الأسعار بسبب الخوف من انقطاع الإمدادات النفطية. وفي حقيقة الأمر, فقد أثر المحتجون في ليبيا تأثيرا كبيرا على متوسط الإنتاج اليومي للبلاد الذي كان يبلغ 1.6مليون برميل في اليوم قبل بدء التظاهرات. إن الارتفاع الكبير في أسعار النفط الموضح في الشكل التالي يعكس هذه الحقيقة. لقد أدى النزاع المستمر واحتمال نشوب حرب أهلية طويلة المدى في البلاد إلى التأثير سلبا على المعنويات واستمرار التوتر في سوق النفط الخام. وقد استمر مؤشر خام غرب تكساس في بورصة نايمكس يحوم حول مستوى 100دولار للبرميل. كما لامس مؤشر ICE لخام برنت, وهو مؤشر آخر هام لتحديد أسعار النفط الخام, مستوى 120دولارا للبرميل قبل أن ينخفض إلى حوالي 115دولارا للبرميل. إن الارتفاع في أسعار النفط لا يزال مستمرا حتى لو رفعت المملكة العربية السعودية إنتاجها لمقابلة الطلب المرتفع من شركات المصافي العالمية. الطلب العالمي على النفط الخام: يبدو أن الارتفاع الحالي في أسعار النفط الخام العالمية تحركه تماما توقعات ومعنويات السوق. ففي تقريرها الشهري عن سوق النفط لشهر فبراير, استمرت منظمة أوبك في توقعاتها بأن الطلب العالمي على النفط الخام سوف ينمو بمقدار 1.4مليون برميل في اليوم في 2011 ليصل إلى متوسط يبلغ 87.7 مليون برميل في اليوم، وهو معدل نمو أقل مقارنة بنمو بلغ 1.8 مليون برميل في اليوم في 2010. وسوف يتحقق أكثر من ثلث الطلب الإضافي المتوقع من الصين وحدها تليها أمريكا الشمالية (الولاياتالمتحدة وكندا) ودول منطقة الشرق الأوسط. إن نمو الطلب يستند إلى توقعات بأن الاقتصاد الصيني سوف يستمر في النمو بمعدل قريب من خانتين ، وأن الانتعاش بدأ يكتسب زخماً من دول منطقة أمريكا الشمالية بالإضافة إلى الدول الأوروبية الرئيسية. التضخم: يتفشى في جميع أنحاء العالم: إن الارتفاع في أسعار النفط الخام مقرونا بالارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم له تأثير سلبي على التوقعات المستقبلية لمعدلات التضخم العالمية. فتضخم أسعار المستهلكين لا يزال مستمرا في مستوياته المرتفعة في اقتصاديات الأسواق الناشئة حيث ظلت البنوك المركزية تعمل على تطبيق سياسات نقدية متشددة لاحتواء مستويات التضخم العالمية. ولا يزال معدل التضخم في الصين قريبا من نسبة 5% مما اضطر الحكومة للتركيز على سياسات للحد من ارتفاع الأسعار. وكانت الحكومة قد استهدفت تحقيق معدل نمو اقتصادي أبطأ عند نسبة 8% خلال هذا العام مقارنة بمعدل 9% في العام المنصرم. من جانب آخر, فقد ظلت معدلات التضخم في الدول المتقدمة أيضا تشهد ارتفاعا حادا في الأشهر الأخيرة. وخير مثال على ذلك منطقة اليورو التي تجاوز فيها معدل التضخم 2% (الحد الأعلى من النطاق المقبول للبنك المركزي الأوروبي). وفي المملكة المتحدة وصل معدل التضخم إلى 4% في شهر يناير, أي ضعف الحد الأعلى المسموح به لدى بنك إنجلترا. وفي سياق متصل, فقد ارتفعت أسعار المستهلكين في الولاياتالمتحدةالأمريكية لتصل إلى 1.6% في شهر يناير. وكما ذكرنا في تقريرنا الاقتصادي الشهري الأخير, فإن التضخم المتوقع مستقبلا يشير إلى مزيد من الارتفاع في تضخم أسعار المستهلكين عبر الدول المتقدمة. المملكة يمكن أن تسد النقص في الإمدادات النفطية: لقد أدى تصاعد الاضطراب السياسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أن يتطلع العالم إلى المملكة العربية السعودية, أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم ولديها طاقة إنتاجية احتياطية كبيرة، لتسد الفجوة الناتجة عن توقف الإنتاج النفطي جزئيا من بعض الدول. ويبدو أن المملكة قد استجابت بشكل إيجابي إذ قامت بزيادة إنتاجها من النفط الخام في شهر فبراير. وهناك تقارير صادرة من وسائل الإعلام نقلت عن بعض المسؤولين قولهم إن المملكة قد زادت إنتاجها من النفط الخام ليصل إلى 9 ملايين برميل في اليوم على إثر الاضطرابات السياسية في ليبيا, من حجم إنتاج قدرته منظمة أوبك بحوالي 8.4 ملايين برميل في اليوم في شهر يناير. إن هذا يوضح التزام السعودية بصفتها أكبر لاعب في سوق النفط العالمي تجاه استقرار أسعار النفط. إننا نعتقد أن المملكة لديها طاقة إنتاجية تمكنها من سد النقص في المعروض النفطي الذي ينتج عن انقطاع الإمدادات الليبية أو الإمدادات من أي دولة صغيرة منتجة للنفط وذلك نظرا لأن المملكة لديها طاقة إنتاجية إجمالية تبلغ 12 مليون برميل في اليوم. كما أن لدى المملكة احتياطيات نفطية مؤكدة تبلغ 265 بليون برميل تقريبا. إننا نعتقد أن ارتفاع إنتاج النفط الخام مقرونا بالأسعار المرتفعة يعتبر عاملا إيجابيا للمستقبل الاقتصادي للمملكة بشرط ألا تقفز الأسعار إلى المستوى الذي يؤدي إلى الإضرار بالطلب. علاوة على ذلك, فقد قامت الحكومة بمبادرات للتوسع في الإنفاق الحكومي من شأنها أن تعزز أكثر النظرة الإيجابية المستقبلية للاقتصاد. أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة مع طاقة إنتاجية احتياطية ضخمة: تحتل المملكة العربية السعودية موقعا فريدا في سوق النفط الخام العالمي إذ تمتلك أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة كما تمتلك طاقة إنتاجية احتياطية ضخمة, مما يمكن البلاد من زيادة معروضها النفطي خلال فترة وجيزة جدا. ووفقا لوزارة البترول والثروة المعدنية, فان المملكة لديها احتياطيات نفطية مؤكدة تبلغ 264.6 بليون برميل, وقد تم تأكيدها أيضا بواسطة تقديرات مستقلة. على سبيل المثال, فإن مجلة النفط والغاز تقدر احتياطيات المملكة من النفط الخام بحوالي 260 بليون برميل, بالإضافة إلى 2.5 بليون برميل في المنطقة المحايدة المشتركة بين المملكة والكويت. وتملك البلاد حوالي 100 حقل نفطي وحقل غاز كبير وأكثر من 1500 بئر نفطية ويتركز أكثر من نصف احتياطياتها النفطية في 8 حقول فقط بما فيها حقل الغوار الضخم. إن حقل الغوار الذي ينتج حوالي 5 ملايين برميل في اليوم من خام النفط العربي الخفيف يعتبر أكبر حقل للنفط والغاز في العالم وتشير التقديرات إلى أنه يضم احتياطيات نفطية يبلغ حجمها 70 بليون برميل. وهناك حقل السفانية, وهو ثالث أكبر حقل نفطي من حيث الإنتاج, إذ تبلغ طاقته الإنتاجية 1.5 مليون برميل في اليوم. أما حقل خريص للنفط والغاز الذي دخل دائرة الإنتاج في 2009, فإن طاقته الإنتاجية تبلغ 1.2 مليون برميل في اليوم. لقد استطاعت المملكة أن تصل بطاقتها الإنتاجية من النفط الخام إلى 12 مليون برميل في اليوم, وهناك خطط يجري تنفيذها حاليا لزيادة هذه الطاقة إلى 15 مليون برميل في اليوم في عام 2015. الإعلانات الجديدة للحكومة: إن الارتفاع الذي حدث مؤخرا في إنتاج النفط سوف لن يؤدي فقط بشكل مباشر إلى تعزيز النمو ولكن ستوفر الإيرادات المرتفعة أيضا مزيدا من الدعم للاقتصاد مع ارتفاع الإنفاق الحكومي. ونظرا لتحقيق الميزانية الحكومية لفائض بلغ مقداره 108 بلايين ريال في 2010, فقد شرعت الحكومة في تطبيق سياسة تركز على مزيد من الإنفاق الحكومي. وبعد عودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من رحلة العلاج في الخارج, فقد أعلنت الحكومة عن حزمة من الإجراءات لمعالجة مشكلة نقص المساكن ومشكلة البطالة كما أعلنت عن مشاريع أخرى في مجال الرفاهية الاجتماعية. إن هذه القرارات مجتمعة سوف تعزز جانب الاستهلاك في الاقتصاد أكثر. زيادة الأجور وإعفاء القروض: إن التعزيز المباشر للاستهلاك سوف يأتي من زيادة الراتب الأساسي بنسبة 15% لجميع العاملين في القطاع الحكومي. وبالإضافة إلى ذلك, فقد قررت الحكومة من خلال صندوق التنمية العقارية, إعفاء مبلغ 585 مليون ريال عبارة عن قروض سكنية للمتوفين قبل سبتمبر 2007. إن إعلان التنازل عن دفعات هذه القروض غير المسددة سوف يزيد من كمية النقد المتاح للإنفاق في أيدي المواطنين (أقارب الأشخاص الذين تم شطب أقساط القروض المستحقة عليهم) مما سيدعم الإنفاق الاستهلاكي الخاص أكثر. أراض منخفضة التكلفة للإسكان ومبادرة لمساعدة أعداد أكبر من الأسر للحصول على قروض: لقد أعلنت الحكومة عن مبادرة لتوفير أراض منخفضة التكاليف للمواطنين لإنشاء وحدات سكنية عليها. وقد خصصت وزارة الشؤون البلدية والقروية 130 قطعة أرض للهيئة العامة للإسكان. وإلى جانب توفيرها لقطع أراضٍ ميسورة التكلفة للإسكان, فقد قامت الحكومة بمبادرات لمساعدة الأسر للحصول على تمويل لتشييد هذه المساكن. وقد أمرت الحكومة بزيادة حجم رأس مال صندوق التنمية العقارية بمقدار 40 بليون ريال مما سيمكن هذا الصندوق من توفير قروض ميسرة يبلغ عددها 133,000 قرض للمواطنين سنويا. علاوة على ذلك, فسوف تقدم الحكومة ضمانات لقروض مقدمة من مؤسسات تمويل خاصة والتي سيتم إنشاء صندوق خاص بها.