تختتم اليوم فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، بعد أن استمر ما يقرب من 10 أيام. وكعادة كل معرض تسبقه مجموعة من الأسئلة.. من قبيل كيف تكون الرقابة على المعرض؟وهل ستحضر كل دور النشر؟وأي الكتب سيُمنع؟..إلخ. المهم نقلت الصحف اعتراض بعض الأشخاص على ما حواه المعرض من كتب، واحتجاجهم على عدم منع بعض الكتب وذلك بسبب ما حوته من أمور تمس العقيدة وتخالف الاسلام!!. ونقلت الصحف أيضاً أن شخصاً آخر تجرأ وسحب كتاباً من يد أحد المشترين في المعرض لذات السبب!!. أمام ما حدث ترد عدة تساؤلات، من يحدد المعايير التي من أجلها وعلى ضوئها يمنَع كتاب ما ويفسَح آخر!!. وهل هذه المعايير من الدقة والوضوح بمكان؟! ونحن نعرف أن الكتب لا يمكن تصنيفها الى أبيض أو أسود! ففي الكتاب الواحد نفسه الجيد والرديء!. من ينصب نفسه يا ترى وصيا على عقول الناس واختياراتهم.. من يريد من الآخرين أن يؤجروا عقولهم ليسيرها كما يشاء؟!. والأغرب أن هذا المنع والمصادرة يحدثان في زمن الفضاءات المفتوحة والانترت التي تصب وابلا من المعرفة بالكاد يستطيع المرء أن يلاحقها فضلا عن أن يمنعها!!. وكم من كتاب صُودر فإذا هو متاح في الانترنت بضغطة زر!!. أتذكر أحد الكتاب يقول: أتمنى أن تُصادر كتبي فذلك يؤدي الى زيادة مبيعاتها ونفاد طبعاتها!!. ربما من باب "كل ممنوع مرغوب"!!. قد يقول قائل إن من يطرح مثل هذا الطرح والمنادي بعدم تقييد الكتب! هو شخص يريد إفساد العقيدة وزعزعة الاسلام!. لهؤلاء ببساطة أردّ إن الله هو من تكفل بحفظ العقيدة وحده لا أحد سواه"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". في الواقع المشكلة قد لا تكون في الكتب؛ وإنما في ضعف ثقتنا في إيماننا وعقولنا وقدرتنا على التمييز!!. وختاماً يا سادة لا تنمو المعرفة إلا في جو من الحرية والتي أعتقد أننا أحوج ما نكون إليها. الحرية التي يرافقها عقول متفتحة ناقدة ومحللة!!. لا تأخذ كل ما أمامها وإنما تفكر وتتمعن وتتأمل قبل أن تحكم!. ومثل هذه العقول لا خوف عليها!!.ولا ننسى أن معرض الكتاب قبل كل شيء يعكس أخلاقيات وثقافة ووعي المجتمع!. وبعض ما حدث في معرض الكتاب هذه السنة لا يسعد أي مثقف أو حتى مواطن عادي تهمه صورة الفرد السعودي أمام الآخرين فضلاً عن تقدم مجتمعنا وازدهاره وسعيه المستمر لبناء ثقافة الاختلاف وتلاقح الآراء!.