الأحد 06, مارس 2011 صاحب المعالي وزير الثقافة والإعلام السعودي : إن بلادنا لتفخر أن تكون منارة ثقافية وحضارية للعالمين ، وإنها لتسعد أن يرتاد المثقفون عاصمتها كل عام لينهلوا من معين كل ثقافة تبني كفاياتهم في كل مجال سواء أنتجتها مؤسساتنا العلمية والثقافية والبحثية أو أنتجتها أمم الأرض ، لتجتمع هذه المعارف على ثرى بلادنا الطاهرة في تظاهرة ثقافية تتكامل فيها الجهود البشرية وتتراكم فيها المعارف النافعة ذات الأثر العميق في مسيرة الحياة الإنسانية كلها بلا استثناء . لكن ما يعكر صفو هذا الحدث - يا معالي الوزير - أن تغيب معالم هذا التكامل البنَّاء ، وأن تسجن - بالفكر الإقصائي الذي تتبناه وزارة الثقافة والإعلام - مبادىء التلاقح الثقافي الواعي بمعيارنا نحن البلد المضيف ، فذاك جزء من حقنا ليس لأحد أن يسومنا عليه ، وحين نعرج على البرنامج الثقافي للمعرض لا نجد سوى قراصنة الإعلام المحلي والعالمي وأرباب الثقافة المائلة الذين يفكرون بعقلية البعد الواحد ويتشدقون بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام الرأي والرأي الآخر – وحين نضيق الدائرة أكثر ونتمعن في الأسماء المحلية المشاركة في البرنامج الثقافي لا نكاد نجد إلا هذه الفئة القليلة من القراصنة الذين ما فتئوا يحتكرون المنابر الإعلامية ويغلقون أبوابها في وجوه الكثرة الكاثرة من أبناء وبنات هذا المجتمع المسلم المحافظ . لقد انتقد الشيخ فوزان الفوزان – رفع الله قدره في الخالدين - وزارة الثقافة والإعلام المشرفة على المعرض بأنها كممت أفواه العلماء والمثقفين وأساتذة الجامعات والدعاة إلى الله الذين يختلفون مع الوزارة في توجهاتها المخالفة للسياسة الإعلامية المكتوبة المعلنة لمملكتنا العربية السعودية ، وفي المقابل فتحت الأبواب على مصاريعها لحملة الفكر المنحرف المناهضين لثوابت الشريعة الغراء ومحكمات الدين الإسلامي الحنيف ، حتى تساءل الشيخ أمامكم بحرقة مؤلمة : لماذا لا تسمحوا لأهل الحق أن يردوا على هذه الانحرافات ويوقفوا بالكلمة الناصحة والمواقف المسؤولة هذه التجاوزات التي لا يختلف اثنان على أنها حرام في حرام . يا معالي الوزير : إننا ضد أي تصرف فردي أو مؤسسي يسيء لسمعة بلادنا أنى كان مصدره ، وأننا مع اللغة الحضارية الراقية في التواصل الاجتماعي القائم على مبدأ التواصي بالحق والصبر والمرحمة فتلك وربي سمات أهل الميمنة .. وإذا اجتهد شاب في موقف احتسابي ما فتجاوز الحدود - ولو كان يريد الخير – فإنا نخطئه جملة وتفصيلا ولن تغفر له نيته الحسنة أن يتجاوز الحدود التي رسمتها منهجية الأمر والنهي في شريعتنا الغراء ، وواجب على أهل العلم أن يصححوا المسار لأي شاب وقع في مثل هذه المسالك المتجاوزة .. لكننا في المقابل لا يمكن أن نقارن خطأ فرد أو حتى مجموعة أفراد بأخطاء وزارة ثقافية وإعلامية لبلد في حجم المملكة ، التي يعدها عالمنا الإسلامي البلد القدوة ، ولا يمكن أن نقارن خطأ شاب محتسب بأخطاء مسؤولين كبار - جعل الله المعرض أمانة في رقابهم – فخالفوا في جنباته ما تنشره سياسة إعلامهم ( يعني يقولون شيئا ويمارسون على أرض الواقع شيئا آخر تماما ) ومعاليكم يعرف تماما ثمرات هذه الازدواجية بين القول والفعل على البنية الاجتماعية والنفسية لأفراد مجتمعنا ، خاصة وأنكم رعاكم الله كنتم تتسنمون يوما من الدهر عمادة كلية تربوية في جامعة عريقة ذات مكان ومكانة . يا معالي الوزير : حين يناصحكم المحبون الصادقون بالكلمة الطيبة فإن من الواجب إرخاء السمع للحق بمعالمه الشمسية والقمرية التي لا يختلف عليها اثنان ولا تنتطح في التسليم بهما عنزان ، وأن مما بات يقفز على هذا الواجب مسالك التزويق التي يمارسها بعض الكتاب في صحافتنا المحلية المتمثلة في شخصنة الحق - المرتبط بالله تعالى - في فلان أو علان تمهيدا لرفضه والتسلق عليه ، الأمر الذي أصم آذان هؤلاء الإعلاميين عما يجري في جنبات المعرض من مخالفات شرعية تمثلت في الإذن ببيع كتب تسب الله تعالى واستضافة أربابها الذين اشتهر عنهم سبهم للذات الإلهية وانتقاصهم لسنة خير البرية وفسح كتب تهتك المروءات وتعبث بالحرمات ووضع المنصات الثقافية لمن يسخر من ثوابت الدين ومحكمات الشريعة وترويج دور النشر بعض المواد المصادمة لسياسة المملكة وخروج نساء الوزارة من الإعلاميات في كامل زينتهن لمخالطة الرجال ومصافحتهم واستفزاز مشاعر المجتمع بمثل هذه المسالك العابثة.. حتى أصبح لمعرض الكتاب وجها آخر غير الوجه الذي نطقت به سياسة الإعلام في بلادنا . يا معالي الوزير : إن من أسباب ما يجري في عالمنا العربي اليوم من احتجاجات صارخة وثورات عارمة وغليان لا يكاد يهدأ سببه مصادرة حريات الشعوب والتعرض لهم في دنياهم ، فكيف إذا تجاوز هذا التعرض لعاعة الدنيا إلى معالم الدين وهو أغلى ما يملكه المسلم ، وعليه ، فليس من الحكمة ولا من العقل أن تسير وزارة الثقافة والإعلام في بلادنا في هذا الطريق الشائك بكل عزيمة وإصرار ، ثم تفسح المجال لكتاب الصحف المحلية بشن حرب شعواء على شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى المحتسبين ( الواعين ) بالسخرية والتأليب والتشويه المتعمد عبر الأخبار المغرضة والمقالات المتحاملة والتحقيقات المفبركة والرسومات المسيئة ، ثم تتبعها ثالثة الأثافي بإقصاء كل صوت عاقل مؤدب يرد على هؤلاء ويفند مزاعمهم وتجاوزاتهم وظلمهم للبلاد والعباد ومخالفاتهم الصريحة لسياسة الثقافة والإعلام في بلد يحتضن الحرمين الشريفين ويفاخر العالم بطباعته للمصحف الشريف الذي يحوي بين صفحاته من الآيات الكريمات ما يشهد بسوء عاقبة الذين يحبون أن تشيع فاحشة الكفر والفسوق والعصيان في الذين آمنوا . أما بعد فيا معالي الوزير : إننا لنتساءل : ألا يمكن أن تقوم في بلادنا سوق دولية لثقافة عالمية تحتضنها عاصمة التوحيد وهي في ذات الوقت موصدة الأبواب في وجه الإلحاد والزندقة والجنس الرخيص ، خاصة حين تكون المملكة هي البلد المضيف ؟ ! ألا يمكن أن يتردد على ألسنة العالمين أن السعودية دولة ذات أصالة ومعاصرة ، تكمن أصالتها في احترامها لخصوصتها ومراعاتها لشريعة ربها في جميع محافلها ، ودلالة ذلك منعها كل ما يسيء لهويتها أو يحدث شرخا في بناء شخصيتها أو يعكر صفو شعبها المسلم المتدين ، في زمن لم يعد العالم اليوم يحترم إلا من يحترم نفسه ، بل في زمن أثبت بالدلائل المادية المعاصرة أن قوة الشعوب فوق كل قوة في الأرض .. وأما معاصرتها فقد أضحت هذه المملكة العزيزة الشامخة قبلة للعالمين يرتادها العالم بحثا عن المعرفة النافعة في كل ميدان . وختاما يا معالي الوزير : هل يتوقع معاليكم أن معرض الكتاب سيبوء بالفشل لو منعت الوزارة مذيعات كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت يتبخترن بكامل زينتهن بين الرجال ويجرجرن أذيال التبرج (وكأن الواحدة منهن ستزف إلى عريس الغفلة ) إنني لا أعتقد ذلك يا عميد التربية ووزير الثقافة ؟ ثم ، ما الذي كان يمنعكم - يا معالي الوزير – في هذا الحدث العالمي من استضافة علماء البلاد وأهل الفكر السوي فيها كي يبرزوا صوت الاعتدال والوسطية في ظل هذه المغيرات الخطيرة التي تجتاح عالمنا العربي ليسهم صوت الاعتدال هذا في تهدئة الناس بدل أن تُؤجَّج مشاعرهم بالبغض والمعاداة ؟؟!! إن الذي حدث - يا معالي الوزير وبكل أسف - أن هذه المنابر الثقافية والمنصات الحوارية صعد إليها - بكل حفاوة وتكريم - من شهدت الساحة بالوثائق الدامغة على استعدائه للعلماء والدعاة والمحسبين وسخريته من الدين وأهله من أهل الأهواء الذين شهد على توجههم التغريبي سمو النائب الثاني حفظه الله ، فسقطوا في تمثيل منهج الوسطية والاعتدال لمجتمعنا السعودي الكريم في هذا المحفل العالمي الكبير . ومضة : أعلن ( الخال ) ( عبده ) أنه سيقاطع المعرض بعد أن أورقت في جنباته شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. قلت : تكفى يا ( خال ) طلبناك !! لا تقاطع فتسبب لبلادنا أزمات عالمية لم نكن نحسب لها حسابا .. فإن أبيت إلا المقاطعة فوالذي خلقك لو سجنت نفسك في غرفة مظلمة حتى تنتهي أيام المعرض بل حتى تنتهي أيام حياتك ما أثَّر هذا في ساحتنا السعودية بمثقال ذرة .. فارحل أنت وأمثالك فإن الشعب يريد أن يتنفس هواء فكر نقي خال من نكهة ( ام بوكر ) . د . خليل بن عبدالله الحدري