يعد ضريح الزعيم السوفييتي السابق فلاديمير لينين في وسط مدينة موسكو مزاراً لآلاف الروس الذين يفدون عليه يومياً. ولا يزال المزار المصنوع من الجرانيت الأسود ويضم جثمان الزعيم السوفييتي المحنط في صندوق زجاجي منذ وفاته عام 1924 واحداً من عوامل الجذب وسط المدينة التي تحاول فيما يبدو التخلص من ماضيها الشيوعي. ويقول فلاديمير ميدينسكي العضو البارز في حزب روسياالمتحدة الحاكم ان الوقت قد حان لإزالة الرمز البلشفي من موقعه الحالي تحت جدار الكرملين ودفنه في مكان آخر. وقام ميدينسكي - وهو نائب في مجلس الدوما (البرلمان) الروسي عن حزب رئيس الوزراء بوتين - في الأسبوع الماضي باستطلاع آراء المواطنين الروس على الموقع الرسمي للحزب (روسياالمتحدة) على الانترنت وسألهم ما إذا كانوا يوافقون على نقل رفات الزعيم البلشفي إلى مكان آخر. وأجاب 69 بالمئة من 300,000 مشارك في الاستطلاع بأن الوقت قد حان لدفن لينين. وعلى الرغم من أن نتائج هذا الاستطلاع ليست بالعلمية تماماً إلا أنها تدعم دعوة ميدينسكي لإزالة الضريح ودفن جثمان لينين مع والدته في سان بطرسبيرغ - كما كانت رغبته - والتي اصبحت ممكنة من الناحية السياسية بعد عقدين من الجدل. وفي هذ الصدد يقول ميدينسكي «لينين شخصية مثيرة للجدل للغاية. (الشيوعيون) ارادوا إيجاد دين بديل يقوم على عبادة لينين، لكنهم فشلوا. حان الوقت لوضع حد لهذا السخف»! وكان الرئيس السوفييتي السابق ميخائيل غورباتشوف، الذي أشرف على تفكيك الاتحاد السوفييتي، قد حث مواطنيه على توخي الحيطة والحذر عند التعامل مع هذه القضية المثيرة للجدل وقال «أعتقد أننا سنأتي على هذه القضية في مرحلة ما لكن أعتقد أنه يجب علينا عدم فرض الأمور بالقوة الجبرية». وقال فيودور سوفوروف الذي يرأس فرعاً كبيراً ونشيطاً للحزب الشيوعي في ضاحية خيمكي في موسكو انه يشعر بغضب عميق من الاقتراح. وأضاف» الناس الذين يقترحون هذا يريدون محو تاريخنا ويبدو أن لينين حتى وهو ميت شوكة في حلوقهم. وفوق كل شيء، هذا الرجل قاد الدولة التي كانت من الشعب وللشعب في حين أن كل شيء اليوم للبيع. انهم يريدون تدمير ليس فقط جسد لينين ولكن ذكراه أيضا». جثمان لينين يرقد في ضريحه بالساحة الحمراء في موسكو وقام الشيوعيون الروس، الذين يديرون موقعاً غير رسمي على شبكة الانترنت باللغتين الروسية والإنجليزية مكرسا للتعريف بضريح لينين، باستطلاع مضاد خاص على الشبكة قدم خيارات أكثر سخونة من مجرد «نعم» أو»لا»، بما في ذلك خيار «دفن جميع الديمقراطيين» و»سجن مهاجمي القبور» و»ترك لينين وضريحه في سلام». وكان الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين، اول زعيم لروسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي، تعهد في التسعينيات بإخلاء لينين من ضريحه في الساحة الحمراء ولكن واجه عاصفة من الاحتجاجات من ملايين الشيوعيين وكبار السن من الروس الذين لا يزالون يحملون ذكريات طيبة عن زعيمهم الراحل. ولم يتردد خلفه فلاديمير بوتين من شطب قضية الضريح من جدول أعماله تماماً مما سمح للمدافعين عن لينين بالمحافظة على ضريحه لعقد آخر في الساحة الحمراء. ولكن الرأي العام تغير منذ ذلك الحين كما بان في نتائج الاستطلاع الذي اجراه مركز ليفادا المستقل في موسكو في يناير. ففي عام 1997، ووفقا للاستطلاع، قال 37 في المئة من الروس انه ينبغي إزالة جثمان لينين من الضريح، بينما قال 38 في المئة انهم يريدون أن يبقى. هذا الشهر، أيد 40 في المئة ترحيله، في حين قال 31 في المئة انهم يريدون له ان يبقى قرير العين في مرقده. وثمة رأي ثالث ينادي بدفن لينين في جدار الكرملين - وهو مكان له شرف سياسي كبير - يلقى تأييداً ولو بسيطا. قبل اربعة اعوام وجد الاستطلاع أن 13 بالمئة يؤيدون هذه الفكرة واليوم يقول 16 بالمئة انه سيكون من الأفضل دفن الرمز البلشفي هناك. وقد أخذ قرار ميدينسكي بعض الخبراء على حين غرة حيث يقول سيرجي ميخييف، مدير مركز مستقل للدراسات السياسية في موسكو، «إني أتساءل عما إذا كانت الدعوة لازالة الضريح مجرد بالون اختبار من قبل بعض المتنفذين في حزب روسياالمتحدة الخائفين من وضع حزبهم في الانتخابات المقبلة الباحثون عن قضية لرفع شعبيته». وستعقد الانتخابات الإقليمية في جميع أنحاء روسيا في ربيع هذا العام، تليها انتخابات مجلس الدوما في ديسمبر. ويضيف ميخييف قائلاً «فكرة دفن لينين ببساطة ليست قضية ملحة في هذه الأيام. الناس الذين يشعرون بالحنين للماضي السوفييتي لا تزال تعارضها بشدة في حين أن الناس الذين يؤيدون الفكرة، مثلي، لا يعتقدون بأنها تستحق كل هذا الجدل في الوقت الراهن».