أكد الشاب"هاني الملا" أحد الذين تأثروا بفكر المتطرف ان المنتمين لهذا الفكر يرفضون مفهوم التعايش وقال في برنامج "همومنا" الذي بث أمس على القناة السعودية الأولى ان هناك علاقات محتملة بين التنظيم وقوى إقليمية وعالمية استثمرها دعاة التطرف لتأليب الشباب على مجتمعهم وخدمة أجندات خارجية. وأضاف " ليس كل من إدعى حب الإسلام ونصرة قضاياه فهو صادق قد يكون صادقا في مشاعره، ولكن في أفعاله قد تكون جدا كارثية ومدمرة". وبين ان خروج اصحاب الفكر الضال الى مناطق الصراع يعود الى وجود الأجواء الملائمة لتطويع الفكر في ظل غياب الرقابة فالكل يستطيع الذهاب وعرض بضاعته. وقسم الملا المتواجدين في اماكن الصراع الى اصحاب العزيمة واصحاب الرخصة، اضافة الى الداعمين للمنظمات المسلحة، مشيرا الى أنهم متفقون في الإيديولوجيات ولكنهم لا يظهرون ما يعتقدونه. وقال الملا خلال اللقاء التلفزيوني أن صاحب العزيمة هو الذي يصرح بما يعتقده، ويرى أنها قربة من الله سبحانه وتعالى، وهو شخص له امتيازات خاصة، وهو الرجل الصادع بالحق شيخ الإسلام ابن تيمية وأيضا أحمد بن حنبل ويأخذون من أسماء هؤلاء الأئمة جزئيات معينة من كلامهم، لكي تتناسب مع طبيعة الوضع الآن لخدمة إيديولوجياتهم وتوجهاتهم لكي يثبت التنظيم أتباعه في مراحل التضييق والساعات الحرجة، ويضرب لهم بمثل شيخ الإسلام ابن تيمية وحبسه في سجن الإسكندرية والإمام أحمد بن حنبل وياريت شعري يعني، ولو عاصر هذا التشوه بأتباعه لأقام عليهم الحد، مشيرا الى ان أصحاب أهل العزيمة أقل من أهل الرخصة. وأضاف أنهم متفقون في الإيديولوجيات ولكنهم لا يظهرون ما يعتقدونه، وذلك لظروف المرحلة وكليهما مكمل للآخر. ومضى قائلا: "هناك تصنيف ثالث مهم جدا وهم من يدعم التنظيم وفكره دعما مباشرا، وقد خرج بعضهم متراجعا في التلفاز من مُنظري هذا الفكر وممن تسببوا في قيام هذه البلبلة العظيمة وهذه الفتنة العظيمة التي حصلت في الوطن. أصحاب الفكر الضال يخرجون الى مناطق الصراع لعرض بضاعتهم المتطرفة وأوضح ان المنظرين من خلال رسالتهم للشباب جعلت الشباب يعطونهم ولاءهم للتصرف بأرواحهم، وقال كثير من الشباب يعانون من الفشل فهذا المنظّر الآن، وهذا التنظيم قد ألبسهم وأعطاهم عباءة وبردة المخلصين وأنصار الإسلام والكلمات الكبيرة الفرقة الناجية والطائفة المنصورة وغيرها من هذه المسميات. وبين ان سبب خروج اصحاب الفكر الضال الى مناطق الصراع لوجود الاجواء الملائمة لتطويع الفكر، في ظل غياب الرقابة فالكل يستطيع الذهاب وعرض بضاعته. وقال أن التدفق الحاصل من الشباب إلى ساحات الصراع غير منضبط، ولا يخدم القضايا القائمة هناك في تلك الساحات، وقد يسبب في كثير من الحالات إعاقات كثيرة، على سبيل المثال في البوسنة والهرسك أو الشيشان عندما يصاب العربي بشظايا معينة لا تتخيل كم يكلف إخفاؤه ونقله من مكان الى مكان وعلاجه، الشيشاني عندما يصاب يجلس في بيته لو تأتي أي دورية روسية وتدخل إلى ذلك البيت ويجدونه أنه مصاب وهذه قذيفة سقطت بجانب المزرعة وكان يحرث وأصابته فيذهب ويجلس في بيته، ولكن العربي يكلف الأموال عندما ينقلونه وهو جريح، أو عندما يدخلونه إلى تلك الأراضي ويكلف الأموال عندما يخرجونه، ويكلف أموالا أشد وأشد عندما يأسر لكي يفدى ويُخرج من تلك الساحات. برنامج همومنا يعرض تجربة الملا في مناطق الصراع وأضاف الملا: " لقد رأيت بنفسي إسراف وإهدار الأموال بشكل غير طبيعي على المقاتلين العرب الذين يأتون إلى تلك المناطق، وفي الحقيقة أهل تلك البلاد ليسوا في حاجة لهذه النوعية من الشاب المرفه وغير صلب العود وليس لديه أي خلفية عسكرية ثم يذهب لكي يكون عنصرا في مواجهة جيش عرمرم قوي جدا، ماذا يستفيد منك أي واحد من المواطنين في تلك البلاد يستطيع ان يحل مكانك. ألبسوا الشباب الفاشلين بردة الإخلاص ومناصرة الإسلام والطائفة المنصورة ومضى قائلا للشباب: " ليست الغاية أن تذهب وتُقتل في تلك الساحات، في الحقيقة الرسول صلى الله عليه وسلم – قال ( خيركم من طال عمره وحسن عمله )، والشهادة التي نص عليها القرآن الكريم والسنة المطهرة هي في ظل الظروف الصحيحة وليست في الظروف الموبوءة والسقيمة.. فأيها الشاب فكر قبل ان تزج بنفسك في تلك الغياهب وفي أتون تلك الحرب العظيمة، روحك أمانة لديك الروح هي في الحقيقة هي أمانة ولو أتيت لتنفق 1000ريال في شراء سلعة معينة سوف تفكر كثيرا وسوف تدرس هذه السلعة أهي جيدة أم تلك السلعة أفضل، أنت الآن ستقدم روح وأنت لا تملك إلا روح واحدة، لماذا تقدم هذه الروح من أجل فلان وعلان ظهر في شريط تسجيلي دعاك ثم أجرّت له عقلك فأتبعته وانصعت لتلك الايديولوجيات بدون أن تفكر في العواقب الامور، في الحقيقة هؤلاء المنظّرين من تلك الساحات لم يسقطوا فقط العلماء بل أسقطوا أيضا أصحاب التجارب القديمة الذين ذهبوا إلى الساحات القديمة ساحات الصراع والجهاد القديمة ولم يشاركوا التنظيمات الجديدة في فكرهم المتحول، قد اسقطوا أيضا تلك الشريحة فهم يسمونهم بالمتخاذلين الذين تراجعوا عن المبدأ وتراجعوا عن المنهج فهم يسقطون أيضا من ذهب الى تلك الساحات ولم يشاطرهم التحول الجديد الفكري ". وبين الملا ان معتنقي الفكر الضال يدعون ان مشروعهم الاول هو دفع العدو عن تلك، ثم العمل على مشاريع تنموية بعد الحرب، وقال " من لم يستطع إقامة مشاريع في وطنه لن يقيمها في أوطان غيره. مشير الى اعتقاد بعض من التقى فيهم بأن الحروب ستعيد الناس إلى دينهم حينما تحل الحرب في منطقة معينة او في بلاد معينة تتلائم القلوب وتجتمع. الملا يحذر الشباب من الاستغلال وأكد الملا ان التحول في الافكار ظهرا مؤخرا، وقال انهم فهم لا يتقبلون أي أطروحات جديدة والأطروحة لهذا الفكر هي الحرب وإقامة دولة الخلافة كما يزعمون، وقال انهم بعد الحرب مع العدو الخارجي سينتقلون الى مرحلة الحرب الأهلية لانهم سيجدون العديد من التيارات الدينية المخالفة لهم فهناك المطرودية والصوفية بأشكالها وأنواعها وهناك الشيعة لن يتقبلوا أن يكون هناك طائفة واحدة احادية التفكير وأحادية الايديولوجية تسيطر عليهم بجميع الأشكال، وقد رأينا عندما قاموا في افغانستان في وقت حكومة طالبان بتفجير تماثيل بوذا وما حصل في المسجد الاحمدي في باكستان . بعد الحرب مع العدو الخارجي سينتقلون الى المعارك الداخلية للتصفية واضاف" المنتمين لهذا الفكر يرفضون مفهوم التعايش، وحين توفى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز الله يرحمه كنت في مكان معين مع مجموعة من أصحاب الفكر فقمت انا وأحد الحضور فصلينا عليه صلاة الغائب، فلما انتهينا سألني أحد جلسائنا فقال: ماذا عملتم فقلت صلينا على الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله صلاة الغائب فرأيت وجهه قد تغير وكنت أنا إمامهم أصلي فيهم فرأيت بعض المشاورات والتداولات تحصل في الوسط وكنت مستغربا من هذا، فقام هذا الشخص بعد فترة قصيرة يصلي لوحده واعتزل الجماعة عندما كنت أنا إماما، وإذا تقدم شخص آخر يصلي. وتفاجأت أنه هناك مجموعة تؤيد كلامه بعد ذلك أصبحت أصلي مأموما ". ومضى قائلا:" للأسف كان معظم افراد المجموعة يكفرون الشيخ عبدالعزيز بن باز، وأصبت وقتها بصدمة وطعنة عجيبة وسببت لي ألما في الحقيقة أن أجد أشخاصا يدورون في فلكي يحملون هذا الفكر، هذا الاستنتاج جعلني أتوقف وقفة هامة انه قد يدور في فلكك من يحملون هذا الفكر، ولكن لا يبدونه لك وهم تلك الطائفة الذين يأخذون بالرخصة". وأوضح الملا ان إبراز الشاب السعودي يستخدمونهم كأداة ولغم لتنفيذ عمليات انتحارية، وأغلب الشباب الذين يجندون لقضية العمليات الانتحارية هم من السعودية، وذكر أنهم من اليمن، عندما كنت في البوسنة والهرسك كنت أتساءل لماذا كان سقوط القتلى كثير من أبناء السعودية والخليج واليمن في تلك المعارك التي كانت تحصل في البوسنة والهرسك، علمت بعد ذلك أنهم يستقطبون العرب للمعارك اما مواطنوهم فيدربونهم ويعدونهم ولا يشركونهم في تلك المعارك، إنما يجهزونهم لقيام دول الخلافة. وقال ان الشباب الخليجي والعربي الشباب يسقطون بالعشرات وهم الذين يكونون في الخطوط الأمامية ومراكز الترصد الخطيرة، اما هم فيتولون مراكز التدريب، والاستقبال، والمناطق الحيوية الأخرى التي لا يكون فيها نسبة خطر عالية. ووجه هاني الملا في ختام حديثه رسالة لأبناء الوطن والعالم الإسلامي بشكل عام قال فيها: " ليس كل من إدعى حب الإسلام ونصرة قضاياه هو صادق، قد يكون صادقا في مشاعره ولكن في أفعاله قد تكون جدا كارثية ومدمرة، النقطة الأخرى يجب أن يكون لديهم الاستقلالية ولا تحكموا العاطفة وحكموا العقل وارجعوا إلى أهل الاختصاص في كل أمر، فهذه المسائل تتعلق بالدماء والأرواح، وأرواحكم هي واحدة وليست اثنتين.