وصف الشاب" هاني الملا " أحد الذين شاركوا في بعض النشاطات التي خدمت فكر التنظيم المتطرف مناطق الصراع التي تتخذ الجهاد ذريعها لها بالساحات المؤبوة، مشيرا الى ان التيار الجهادي التكفيري هو الذي يسود الساحة حاليا. وبين " الملا" خلال حديثه في برنامج "همومنا" بعنوان السراب والذي عرض امس على القناة السعودية الاولى ان المتبعون للتنظيمات تغلب عليهم السطحية، وتدفعهم العاطفة الى ارتكاب الاعمال الاجرامية. وقال ملا: إن ما حصل في الآونة الأخيرة هو عبارة عن تشوه فكري طرأ على التيار الجهادي إن صح التعبير وله أسباب كثيرة. وأوضح ان سمات معتنقي الفكر الضال هي السطحية وعدم التعمق فكثير منهم عاطفي واعمارهم ما بين 15 – 25، وقال أن دوافع العاطفة القلبية هي أكثر تحكما من العقل فبمجرد أن الإنسان يتقدم في السن يبدأ عنده العقل بوزن الأمور، فمن هؤلاء من تجده قد تحركه صورة في شريط فيديو لشخص قتيل في احد ساحات المعارك مع مؤثرات صوتية، فهذه التأثير وهذه الصورة وهذه اللقطة قد تجعله ينتقل إلى مرحلة التفعيل والتطبيق. وأضاف أن عددا من هؤلاء الذين خرجوا مؤخرا إلى ساحات الصراع وانتقل الأمر بهم من قضية دعم جهادي إلى قضية تطرف وفكر ملوث وتشوه فكري عدد منهم قد خاض المرحلة سابقا في أفغانستان مع السوفيت أو في البوسنة والهرسك أو في الشيشان، وفي تلك الفترة كانت الأجواء الفكرية الملوثة غير ظاهرة بشكل وانما ظهرت على الساحة في الفترة الأخيرة، فكل من خرج للعراق كمجاهد يريد أن ينصر القضية بناء على فتاوى كثيرة دعمت ذلك ومنهم من تراجع عن هذه الفتاوى، تحول فكره بفعل الجو التي اتسمت به الساحات الجهادية مؤخرا بهذا الوباء والتشوهات التي أثرت على الشاب وتشربوا هذا المعتقدات والافكار. الضربات الأمنية للمُنظرين في التنظيم الداخلي جعلتهم يعيشون في ضياع وتشتت ومضى قائلا أن هذا الشاب اتخذ القرار فخرج إلى ساحات الصراع بعد تعرضه إلى مؤثرات معينة، وبعد خروجه كذلك مورست عليه تأثيرات معينة فأصبح يقلد تشكل معين من الفكر ،مشوه، موضوع، قد جمع الكثير من المخالفات وأصبح هناك مصدر وحيد للتلقي، من مُنظري الفكر وأربابه، فكل ما يدور في أروقة الجماعة وفي بوتقتها هي في الحقيقة كالمسلمات وإن صاحبت أخطاء معينة فهو مغفور عنها يغض الطرف عنها. واوضح الملا التحولات التي حدثت حول العلماء بقوله " في وقت من الأوقات كان هناك عدد من العلماء مقبولين لدى هذا التيار، ولهم صدى في أروقة التيار، وذلك قبل أن يتخذ التشكيلة الأخيرة التي اصبح بعدها بهذه البشاعة وبهذا التشوه الفكري، فعندما كان يراوح بين قضايا الجهاد ودعم قضايا الأمة فهؤلاء الطائفة من العلماء كانت لهم مصداقية عندهم، وبمجرد مخالفتهم لهم وتصادمهم معهم في عدة مواقع إعلامية وحوارية أسقطوا بل وأصبحت تسدد لهم ألقاب مقيتة لا يقبلها الدين ولا الأخلاق، ويعتبرونه يشكل مصدر خطر ". الخوارج يتطلعون إلى إقامة دولة الخلافة.. ومعاركهم المقبلة ضد المجتمعات المسلمة واكد ملا أن تسديد الضربات الأخيرة للمُنظرين في التنظيم الداخلي من قبل الأجهزة الأمنية واصابتهم جعلتهم يعيشون في ضياع وتشتت، كما إن التضييق عليهم في وسائل الاتصال سبب للفرد منهم العزلة، وقال " فكان على الفرد في هذه العزلة أن يجد البدائل ووفُرت لهم في فترة من الفترات شيء من البدائل بنوا عليها قواعد وأصول تُمكن أصغر فرد في التنظيم أن يتخذ القرارات". واضاف " هناك كتاب شهير يتداول في أروقة هذا التنظيم، ومع الأسف تجد أصغر عضو في التنظيم عندما يقرأ هذا الكتاب يشعر أنه قادر على إصدار الأحكام التكفير، التبديع، التفسيق ، اضافة الى استباحة الدم و المال والهجران، هذا الكتاب الصغير اسمه ( التبيان ) في شرح نواقض الإسلام لمؤلفه سليمان العلوان، ولقد اجتمعت مع أشخاص كثيرين في ساحة الصراع وبعض الصدف الأخرى، فتجدهم يتكلمون بجرأة عظيمة على مسائل التكفير، يذكرون أسماء هذا كافر وهذا مبتدع وهذا الشخص مميّع للدين وهذا الشخص إذا لم يتدارك نفسه فهو على بوابة عظيمة من بوابات الشرك، ولما تسأل هذا الشخص كم لك في طريق الالتزام تجده لم يتجاوز الثلاثة شهور، ولكن لسوء حظ الملتزم الجديد عندما توجه لتلك الخطوة استحضنه ثلة معينة أو طائفة معينة وأقنعته بهذه الأفكار. برنامج همومنا استضاف الملا ومضى قائلا: " وأرى أن هذا الكتاب له قبول في هذه الأوساط، وهو يذكر الناقض ثم يتسلسل في الدليل، وأي شخص يريد أن يمرر أهداف معينة أو يمرر ايديولوجيات معينة يستطيع أن يمررها من هذا الكتيب الصغير، لأن هذا الكتاب سهل ولا يتطلب صعوبة ككتب شيخ الإسلام ابن تيمية وكتب ابن القيم أو التي تختلط بشيء من الفلسفة، عندما يُشرح هذا الكتاب من قبل شخص عنده هذه اللوثة التكفيرية والغلو سوف يستطيع أنه يُظهر هذه القواعد في مظهر ويُلبسها ثوب الواقع ويسقطها عليه ويقول هذا الكتاب وهذه السنة، وهذا الكلام مردود عليه عند أهل العلم الراسخين، ولكن ضحيته دائما الشباب". المتبعون للتنظيمات تغلب عليهم السطحية.. وتدفعهم الفتاوى الشاذة للتكفير واوضح ملا أن خطورة كتاب "التبيان " في امكانية قراته من أي شخص معين ويشرح من قبل اخر وقال " فيولد عند هذا المتلقي شيء من الورع و يكون كبوتقة حفظ له بأن ينزلق في مزالق التكفير , على سبيل المثال قاعدة حديث " لا يزال المسلم في دينه مالم يزل يسده من حراما ومن قال لأخيه يا كافر فقد باء بأحدهما " هذه قاعدة عندما تقولها وتطرحها وتنزلها على الواقع سيكون هناك مفارقات بين الموجتين المعتدلة والمتطرفة". وبين ملا اسباب لجوء المتطرفين الى لبس الملابس النسائية وأخذ الأموال وصرفها في غير مواقعها والكذب والخداع والغش، وقال" قاعدة الغاية تبرر الوسيلة..، فبعد الضربات المباشرة والمباركة إلى مفاصل التنظيم في المملكة ضيّق عليهم الشئ الكثير هذا التضييق جعلهم يتخلون عن الكثير من الأدبيات المزعومة التي يزعمونها كقضية الملابس النسائية، فلم نسمع عبر مر العصور الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين ولا الدولة الأموية ولا العباسية أن مجاهدي المسلمين لجأوا إلى هذه التطورات وهذه التشكلات بارتداء ملابس نسائية لكي يذهبوا ويقيموا بعض العمليات في العمق الرومي أو الفارسي، أيضا قضية أخذ الأموال وصرفها في غير مصارفها فهذه قضية جوهرية متواجدة في أصل التنظيم، فقد اجتمعت مع بعض الأشخاص في ساحات الصراع، وكنا نتداول قضايا معينة، فطرحت مسألة التمويل وانه عصب الحياة و كل مشروع قائم فواجه الموضوع معارضة، وأنه إذا احتاج العمل الأسلامي إلى تجاوزات يجوز للإنسان فعلها، سواء باستغلال اموال التبرعات للايتام اوالعمليات المؤسساتية.وفيما يتعلق بنظرة من يعتنق الفكر الضال ونظرته للمجتمع ,قال "في فترة من الفترات الكل يعلم ان أبناء هذا الوطن يخرجون إلى افغانستان في حربهم القديم مع السوفيت ويعود إلى الوطن كمواطن وينسلك في مجتمعه المدرس في تدريسه والطبيب في عمله هو راح أدى رسالة معينة، ثم عاد وهو مواطن يسعي لبناء هذا المجتمع، ولكن بعد التحولات الأخيرة والتلوثات الفكرية والتشوهات التي طرأت على هذا التيار لم يجعلوا أصحاب هذا الفكر، أصحاب هذا التشوه الفكري لم يجعلوا لأصحاب الفطرة السليمة مجال الآن لكي يعودا لما كانوا عليه من قبل يذهب الانسان إلى ساحة معينة أو لأداء رسالة ثم يعود، علما بأن ساحات الصراع الآن فيها تحول أيضا وهذه نقطة مهمة فيها تحول كبير عن ساحات الصراع فيما مضى ". وأضاف "نظرة الشخص للمجتمع هي مبينة على نظرة المجتمع له، فهو الذي جعل نفسه في وضع معين هو الآن وضع نفسه في إطار معين ودائرة معينة من التنظيم هم أخوانه المقربين هم أحبابه هم الغرباء هم الطائفة المنصورة فهم من صرفوا هذه الألقاب على أنفسهم . ومضى قائلا "فارتقت بهم هذه الالقاب عن المجتمع فعندما يدخل البيت ويجد اخاه الذي يدرس في كلية الطب وسوف يخرج طبيب ناجح للمجتمع ينظر له لا شيء هذا الشخص لا يفكر في قضايا المجتمع , يرى هو الآن نفسه أفضل منه هو لم يتجاوز يمكن المرحلة الإبتدائية او كان فاشل في المرحلة المتوسطة أو في أي مرحلة من مراحل الحياة الأن فهو الآن يرى نفسه افضل بكثير من أخوه الذي سوف يتخرج من كلية الهندسة او الطب لآن أخوه لا يحمل هم الأمة كما اقنع هناك انه انذر نفسه لهذا التنظيم، وبمجرد أنك لبست هذه العباءة التي هي عباءة حماية الأمة أنت الآن ترتقي وتسمو ويذكر أن أعلى ذروة سنام الإسلام هي الجهاد في سبيل الله هذا حق، ولكن في الحقيقة ليس هذا ما يقوم به الجهاد الحقيقي ليس هذا هو الجهاد الحقيقي هو أبعد ما يكون عن الجهاد أول وأكبر من أضر بالجهاد وهذه الطوائف المعنية بهذا التفكير المتحول ".وبين أن التحولات الفكرية خلقت تصنيفات كثيرة فهناك من هو جهادي، ولكنه ليس ملوث فكريا ولا يعتنق الفكر التكفيري ويسقط قيادات الفكر التكفيري بل يمكن أن يحاربهم لانه يعتبرهم قد صادروا الجهاد الجميل، ثانيا جهادي تكفيري يقول عن نفسه أنا جهادي وأذهب إلى ساحات الجهاد لأهداف سامية وعالية ليس الموضوع الآن متعلق على موضوع الجهاد، وليس متعلق هذا الموضوع أيضا على قضية دفع العدو الذي دخل تلك الأرض بل يتطلع الآن إلى أمور أخرى يتطلع إلى إقامه دولة الخلافة في تلك الأرض يتطلع أيضا إلى بداية الفتوحات الإسلامية على سبيل ايديولوجياته، وقال "معنى هذا الكلام انه عندما تنتهي تلك الحرب في تلك البلاد فأن أرباب الحرب من هؤلاء المنظرين سوف يستحدثون حروب جديدة ومعارك جديدة قد تكون مع دول من الجوار، خصوصا إن كان العدو واضح مثل النصراني أو ال يهودي، فهو الآن سوف يوسع دائرة نطاق المعركة، لان أهدافه لم تتوقف، وهم ينظرون إلى العالم على انها مجتمعات بعيدة كل البعد عن الإسلام . واشارالملا الى ان التيار الجهادي التكفيري هو الذي يسود الساحة، وقال أن ساحات مناطق الصراع على جميع الأصعدة هي ساحات موبؤة الآن ولم تعد ساحات جهاد حقيقية، بل اصبحت ساحات لتفريخ تشكيلات جديدة من هذا الفكر.