الوطن كل الوطن كان على موعد مع العطاء المتجدد حيث وضع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز نائب خادم الحرمين الشريفين الحجر الأساس لمشروع مطار الملك عبدالعزيز بجدة. فقد أبى خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين إلا أن يعلنا البدء بانطلاقة هذا المشروع التنموي الحيوي مع بداية العام الهجري الجديد، فكأنما هو إعلان فعلي لعزم الدولة وفقها الله على تنفيذ مشاريع العطاء والنماء التي جاءت بها ميزانية الخير. هذا المشروع العملاق الذي كان حلماً عزيزاً يراود أبناء هذا الوطن والمقيمين فيه وزائريه ها هو اليوم يمثل حقيقة يحتفل الجميع بتدشينه. أجزم أن هذا المشروع بحجمه وأثره الحضاري والتنموي والاقتصادي وكبر ميزانيته يمثل واسطة عقد لمشاريع تنموية طموحة ستشهدها منطقة مكةالمكرمة خاصة ومناطق المملكة عامة، لقد عايشت بحكم طبيعة عملي هذا المشروع منذ بدايته الأولى وتابعت عن قرب المراحل التي مر بها من تصاميم ودراسات لبدائل مطروحة وحتى تمت ترسيته على مقاول التنفيذ واطلعت على الجهود المتواصلة التي بذلها القائمون على المشروع بإشراف مباشر من معالي رئيس الهيئة العامة للطيران المدني المهندس عبدالله بن محمد نور رحيمي وهذا ليس بغريب على مشروع بهذا الحجم يتم تنفيذه على مطار دولي قائم يعمل على مدار الأربع وعشرين ساعة يعبر من خلاله أكثر من 17 مليون راكب ويتم فيه مناولة مئات الآلاف من أطنان البضائع ويعمل به آلاف العاملين. أعرف أن بعضهم بهدف نبيل تساءل عن تأخر المشروع لكني أعذر مثل هؤلاء لأنهم لم يعلموا أن القائمين على المشروع كانوا في سباق مع الزمن، وأن الهيئة العامة للطيران المدني كانت تحت ضغوط كبيرة مردها أمور فنية في البنية التحتية للمطار والتنسيق مع الجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة وهي أمور يدركها المتعاملون مع المشاريع الإنشائية الكبيرة. لكن الدعم الصادق غير المحدود للتعجيل بالمشروع وتخفيف كل ما يعترضه من عوائق من لدن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله والمتابعة أولاً بأول من قبل صاحب السمو مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام لشئون الطيران المدني الأمير فهد بن عبدالله أعطت زخماً كبيراً لدعم المشروع حتى يرى النور وتلافت الكثير من العوائق التي اعترضت هذا المشروع الكبير ولا أنسى التعاون الذي لقيته الهيئة من الجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة كل فيما يخصه. إن اعتماد هذا المشروع التنموي الضخم الذي يمثل واحداً من أكبر المشاريع التنموية في منطقة الشرق الأوسط وربما عالمياً يعطي الهيئة العامة للطيران المدني ثقة وتفاؤلاً بمستقبل مزدهر لصناعة النقل الجوي بالمملكة لما تتمتع به هذه الصناعة من مقاومات وما تتلقاه من دعم سخي من لدن حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين. فالنقلة النوعية التي يعيشها قطاع الطيران المدني سواءً من حيث إنشاء مطارات جديدة تخدم مناطق المملكة أو التوسع في تطوير المطارات القائمة وتجهيزها بأحدث ما توصلت إليه التقنية أو استكمال منظومة الملاحة الجوية لتواكب المستجدات في هذه الصناعة فضلاً عن تعظيم إيرادات القطاع وتطوير آلياته النظامية والتنظيمية وموارده البشرية حتى يتمكن من لعب دوره الذي خططت الدولة له كواحد من المحركات الرئيسة لعجلة الحركة الاقتصادية في المملكة. كل هذه الأمور الإيجابية وغيرها تجعل المرء مطمئناً ومتفائلاً بتوجهات الدولة لهذا القطاع الحيوي وأنها تدرك بحكمة واقع هذه الصناعة محلياً وعالمياً وتهيئه فعلاً لنقلة نوعية تستشرف المستقبل وتحافظ على مكانة المملكة المتميزة في صناعة النقل الجوي إقليمياً وعالمياً. إنني على ثقة من أن المطار عندما يستكمل مراحله سيفوق توقعات أكثرنا تفاءلاً بل وسيمثل معلماً حضارياً ونقطة جذب استثماريا للمهتمين بصناعة السفر والسياحة، محطة عبور منافسة بين الشرق والغرب. يحضرني ونحن نحتفل بوضع الحجر الأساس لمشروع المطار الجديد قول الشاعر: كان حلماً فخاطراً فاحتمالا ثم أضحى حقيقة لا خيالاً عمل من روائع الفن جئناه بعلم ولم نجئه ارتجالاً * النائب التنفيذي لرئيس الهيئة العامة للطيران المدني