اختار الشاعر البحريني عبدالرحمن بن محمد رفيع أن يقدم صديقه الراحل الدكتور غازي القصيبي رحمه الله بدلاً من أن يُقدّم هو في الأمسية الشعرية التي ألقاها في جامعة جازان ضمن الفعاليات المصاحبة لمعرض الكتاب والحاسب الآلي الأول الذي تنظمه الجامعة تحت شعار «نحن بخير يا مليكنا ما دمت بخير»، وذلك مساء أمس الأول على مسرح الجامعة، وبحضور معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور محمد بن علي آل هيازع، وعدد كبير من محبي الشاعر من داخل المنطقة وخارجها. وأسهب رفيع في الحديث عن ذكرياته مع صديقه الراحل الدكتور غازي القصيبي، حيث ألقى قصيدتين رثى فيهما القصيبي جاءت الأولى بعنوان «الصقر محلقا» والثانية بعنوان «الراحل الكبير» جاء في مقطع منها: إن غازي.. كينونة هو وحده صنوه لم يكن وهيهات بعده وكتاب لا تسألن عن مداه فمداه لم يبلغ الناس حده وبين رفيع أن القصيبي يتحدر من عائلة سعودية، ولد في العام 1940 وعاش طفولته وشبابه في البحرين، حيث درس حتى المرحلة الثانوية والتقينا لأول مرة في الصف الأول ثانوي وكان شاباً نحيلاً ووسيماً ومترف الملابس والملامح، وبعد ذلك توجهنا مع عدد من أصدقائنا إلى مصر لدراسة الحقوق في جامعة القاهرة. وأضاف رفيع أن القصيبي كان له موقف مضاد من الشعر الشعبي الذي كنت أكتبه، وطلب مني أن أتحول من كتابته إلى الشعر الفصيح، ودارت بيني وبينه حوارات كثيرة حول هذا الموضوع وخاصة في فترة الغزو العراقي للكويت. وذكر رفيع أن نشأة القصيبي في البحرين أسهمت كثيراً في صياغة وعيه واكتسابه للعديد من القيم التي تمسك بها، فغازي مجموعة من الفضائل التي لا تعد ولا تحصى فهو رجل رائع الصفات ورحيله خسارة ليست للمملكة ومحبيه فقط بل للعالم أجمع. ولم يكن رفيع ليترك الحديث عن القصيبي دون أن يذكر عدداً من القصائد التي تبادلها معه، وبين أن هذه الكتابات الشعرية قد بدأت بينهما في قاعات الدراسة في كلية الحقوق حينما كانا يجلسان في آخر المدرج الدراسي، وذكر بعد ذلك قصيدة «اللحية» الشهرية التي وجهها لغازي القصيبي والتي يقول فيها: ما رأينا قبل هذا لحية عاشت قليلا مثلما لحية غازي لم تدم عمرا طويلا ولدت ذات صباح واختفت آناً أصيلا لحية ويح الليالي لم تر العيش الجميلا ما سعى مشط أنيق في ثناياه مهيلا.. لا ولا شمت بخورا والتوت عطرا أصيلا.. لو على اللحية يبكى لبكيناها طويلا قتلت من غير ذنب رحم الله القتيلا ويقول أن الدكتور غازي رحمه الله رد عليه بقوله: أفلسوا شعراء البحرين فلم يعد لديهم موضوع سوى لحيتي ليكتبوا فيها. ثم ألقى الشاعر عددا من أجمل قصائده المشهورة والتي طالب بها جمهور الأمسية كقصيدة «العيون» و»الدريشة» و»تذكرين» و»سوالف أمي العودة» و»البنات» و»صاحبة الكلب» و»الشعري بثمان» و»ميسون» و»الزواج» و»النمل» و»النفط»، ومما جاء في قصيدة قصيدة «البنات»: غَمّضْ عيونَك تصور بلده ما فيها بنات الشواطئ خاليات والشوارع خاليات والمجالس خاليات... فتح عيونك وقلي مثل شنهو هالحياة وش كثر ثم وش كثر لولا البنات وتحدث رفيع خلال الأمسية عن زوجته التي كانت حاضرة معه، حيث وصفها بأنها ضرورة قصوى بالنسبة له خاصة في سنه هذا. كما تطرق إلى علاقته بالشاعر الكبير نزار قباني الذي قدمه في إحدى الأمسيات التي ألقاها قباني في البحرين، وكذلك علاقته مع المبدع صلاح شاهين في العديد من الأمور التي كانت تجمعهما مع بعض. وفي ختام الأمسية كرم معالي مدير الجامعة الشاعر البحريني مقدماً له شكره على استجابته للدعوة وحضوره ومشاركته في الفعاليات الثقافية في جامعة جازان.