استشهد البيان الختامي للقاء الحوار الوطني بمقولة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله في زيارته للمناطق عندما قال فيها: أرى أنه لا يتناسب مع قواعد الشريعة السمحة ولا مع متطلبات الوحدة الوطنية أن يقوم البعض بجهل أو بسوء نية بتقسيم المواطنين إلى تصنيفات ما أنزل الله بها من سلطان، فهذا علماني وهذا ليبرالي، وهذا منافق، وهذا إسلامي متطرف، وغيرها من التسميات، والحقيقة هي أن الجميع مخلصون –إن شاء الله-ولا نشك في عقيدة أحد أو وطنيته حتى يثبت بالدليل أن هناك ما يدعو للشك لا سمح الله. ووفقاً لهذا النهج، واستمرارا لبرنامج مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لمناقشة قضايا الخطاب الثقافي السعودي، فقد عقد المركز لقاءه الحواري الفكري الثالث بعنوان«القبلية والمناطقية، والتصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية» وقد ركزت الرؤى والأفكار التي توصل إليها المشاركون والمشاركات على أن المملكة العربية السعودية مكونة من مجتمع متنوع وقبائل متعددة، وهذا يمكن أن يكون عنصر قوة ودعم للوحدة الوطنية المبنية على أساس المواطنة في الحقوق والواجبات إذا أحسن توجيهه وتسديده، وبالمقابل يرى المشاركون والمشاركات أن تغليب الولاء للقبيلة أو المنطقة أو المذهب أو الفكر على حساب الولاء للوطن؛ المرتكز على الشريعة؛ مخالف للإسلام، ولنظام الحكم، وحقوق الإنسان. ولأن المجتمع السعودي مجتمع متنوع ومتعدد، وهناك تفاوت في المفهوم والممارسة، فإنه يجب استثمار هذا التباين في تعزيز الوحدة الوطنية وخدمة التنمية بما يضمن بناء مستقبل وطني حضاري موحد. فالوطن السعودي قام وتوحد على أساس العقيدة الإسلامية من خلال أفراد بمختلف قبائلهم وتوجهاتهم. وتعزيز هذا المفهوم بين المواطنين مناط بشكل رئيس بوسائل الإعلام والجهات التربوية والتعليمية، التي يُعوّل عليها في تعزيز الوحدة الوطنية، ونشر وعي المواطنة، وتكريس مفهوم الوحدة والتلاحم الوطني بين قبائل ومناطق المملكة. وقد قدم المشاركون والمشاركات مجموعة من الأفكار والمقترحات والتوصيات عبر مداخلاتهم حيث رصد في الجلسة الثالثة والمخصصة للتصنيفات الفكرية واثرها على الوحدة الوطنية العديد منها ضرورة الاتفاق على أن التعدد والاختلاف ينبغي أن يتحول إلى مشروع فكري حضاري جديد، وليس صداماً بين التيارات الفكرية.وان انتقاد الخطاب الديني ليس انتقاداً للدين ، وهو أمر ينبغي على أصحاب هذا الخطاب إدراكه.وان التعبير عن الأفكار ممارسة بشرية ولا ضير أن تتعدد الأفكار وتتنوع بلا مزايدة على الوطنية أو الدين. إضافة الى أن تبني التصنيفات الفكرية ومواجهتها ينعكس سلباً على المنظومة الأمنية بدءاً من الأسرة وانتهاء بالوطن. وفي طرح اخر رآى أن التصنيف أمر لا بأس به إن كان المقصد منه التعريف والوصف شرط مطابقة الوصف للموصوف، ورضا الموصوف عن الوصف وأن ينبع الوصف من ثقافتنا وليس مستورداً. وأشار احد المشاركين في الحوار إلى أن القبلية والمناطقية والتعصب المذهبي قد تكون ردود أفعال لممارسات متراكمة. وفي رأي اخر التصنيف الفكري مذموم إذا سلب الآخرين حقوقهم الفكرية أو ترتب عليه تخوينهم. وطرح ايضا أن التصنيف مقبول إذا صدر ممن يؤمن بالتعددية، ومرفوض إذا صدر ممن لا يؤمنون. وانتقد مشارك سيطرة الخطاب الديني على الساحة الثقافية والاجتماعية في المجتمع السعودي وحتى في جلسات الحوار. وانتقدت مشاركة وسائل الاعلام حيث كانت هناك عدم عدالة التغطية الإعلامية لبعض وسائل الإعلام حيث تم التركيز على فئة دون أخرى، وطالب احدهم بالعمل على إيجاد وسائل لتقريب وجهات النظر بين الفكر الديني والفكر الليبرالي من أجل مصلحة الوطن.