عندما هممت بكتابة مقالي هذا الاسبوع لم اجد افضل من الكتابة عن الركن الخامس من اركان الاسلام، الا و هو الحج. و قد علمت من خلال متابعتي لوسائل الاعلام ان عدد الحجاج الذين وصلوا من خارج المملكة قد تجاوز المليون حاج. حيث قد وصل اعضاء بعثة الحج البريطانية بالفعل الى المشاعر المقدسة و ذلك لتقديم المساعدة القنصلية لحوالي 23 الف حاج بريطاني من المتوقع ان يؤدوا فريضة الحج هذا العام، وتتلهف قلوبهم لزيارة البيت العتيق. حوالي 23 الف حاج بريطاني من اعضاء الجالية المسلمة في بريطانيا يؤدون فريضة الحج هذا العام، وما من شك في ان باقي افراد الجالية هم ايضا سيزورون المشاعر و لكن بقلوبهم. يوجد في بريطانيا حوالي 2 مليون مسلم بريطاني، ويقوم ما يقرب من 70 الفا منهم بزيارة المملكة العربية السعودية سنويا للعمرة و الحج. و نحن فخورون بمساهمات افراد الجالية في جميع نواحي الحياة في بريطانيا فيما يتعلق بالسياسة و الثقافة و الاعمال. فعلى سبيل المثال، لدينا الآن كما في السابق وزراء مسلمون و اعضاء في البرلمان واساتذة جامعات و اطباء و ضباط شرطة و رجال اعمال و رواد في العمل الخيري. انطلاقا من ادراك الحكومة البريطانية بأهمية الحج للمسلمين البريطانيين، فكانت بريطانيا اول دولة غربية ترسل بعثة حج الى المملكة العربية السعودية، و لا يسعني هنا الا ان اكرر شكري لحكومة خادم الحرمين الشريفين على تعاونها و على كل ما تقوم به من اجل الحجيج. و لم يكن ارسال بعثة الحج البريطانية الا ليتمكن الحجاج البريطانيون من أداء مناسكهم بسهولة و التركيز على الجوانب الروحانية، معتمدين في ذلك على افراد البعثة وقبل ذلك على الخدمات القيمة و الجليلة التي تقدمها المملكة العربية السعودية. قام صاحب السمو الملكي الامير محمد بن نواف بن عبد العزيز، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى لندن، و البارونة وارسي، رئيسة حزب المحافظين وهي بالمناسبة أول وزيرة مسلمة في الحكومة البريطانية، باطلاق بعثة الحج البريطانية في شهر اكتوبر. و قد اشادت البارونة، التي ستؤدي فريضة الحج هذا العام، في كلمتها بالخدمات التي تقدمها المملكة العربية السعودية، كما انها اشارت الى ضرورة التزام الحجاج بكل التعليمات التي تصدرها المملكة. انني اتابع يوميا من خلال و سائل الاعلام جميع الترتيبات التي تقوم بها حكومة المملكة العربية السعودية و ذلك من خلال اجتماعات لجنة الحج العليا برئاسة صاحب السمو الملكي وزير الداخلية، و لجنة الحج المركزية برئاسة صاحب السمو الملكي امير منطقة مكة. كما انني قد تشرفت بلقاء معالي وزير الحج، حيث قد اطلعني على عظم المسؤولية. و لقد بهرني التنسيق الرائع بين سفارات المملكة العربية السعودية في الخارج و الوزارات و الادارات الحكومية المعنية بالحج في الداخل، اضافة الى جهود وزارة الاعلام الخاصة ببث برامج التوعية بلغات الحجيج. الله وحده يعلم كيف تقوم المملكة العربية السعودية بتنظيم هذا التجمع الروحاني الضخم بنجاح منقطع النظير. انني على يقين من ان هذا النجاح جاء نتيجة لجهود مضنية، بدأت في الاعوام السابقة و مستمرة الى الآن، تقوم بها كافة القطاعات الرسمية و معهد ابحاث الحج والمجتمع المدني. كما اسلفت، فان هذه الجهود قد اشتملت على عمليات توسعة الحرم المكي التي تهدف الى رفع الطاقة الاستيعابية للحرم الى 2 مليون مصل في العام القادم، و رفع الطاقة الاستيعابية لمنى لمواكبة الزيادة في اعداد الحجاج في المستقبل و حملات "الحج سلوك حضاري" و "لا حج بدون تصريح"، و استكمال جسر الجمرات حيث سيعمل بكامل طاقته من خلال تشغيل الاربعة طوابق، كما توجت جهود هذا العام بتشغيل المرحلة الاولى لقطار المشاعر و ادخال الاخلاء الطبي و اختصار وقت التنقل بين المشاعر عن طريق الرحلات الترددية. تنظيم الحج مهمة صعبة و مسؤولية عظيمة و لكن كما يقول المتنبي: " وتصغر في عين العظيم العظائم". مع اطيب تمنياتي بعيد الاضحى و من العايدين. *السفير البريطاني لدى الرياض