قالت لي وهي تمزج الألم بالضحكات: (أم راشد أحالتني على أم محمد ، وأم محمد أرسلت لي (راني) ، وفق الشروط التي حددتها طباخة وخادم ، فأنا في أزمة منذ سافرت الخادمة ، والظروف الأسرية تحتاج وبسرعة وجود من يساعد . وجاءت (راني) أندونيسية ،المفروض حسب شروطي تجيد كل أنواع الطبخ ، ومستعدة للمساعدة في التنظيف ، وفي أول طلب منها أن تطبخ ، قالت لا أعرف الطبخ . فكرت سأعلمها على الأقل اتدبر وضعي الحالي ، وكان أسوأ غداء عبارة عن قرصان، وكبسة ، واليوم الثاني أظهرت نوعا من مواهبها ، في عمل فطاير وبرياني روبيان . قلت في خاطري ياالله سأصبر وسأرى أشياء جميلة .. لكن يا فرحة ما تمت ، عصرا كلمتني أم محمد ، سمسارة الخادمات ، والتي حسب ما بلغني لديها طابور منهن توزعه على طوابير المحتاجات أمثالي، وقالت إنها لا تريد العمل معك .. وسأنقل لك غيرها ، لولو طباخة ماهرة وسترضيك ،شرفتنا لولو ، حقيقة وجهها سمح كوجه جدة ، تتوسط الستينيات. بادرتها اتعرفين الطبخ ، قالت :إن شاء الله . فرددتُ : الحمد لله .. لولو لديها حساسية ، تعطس طوال الوقت وتدمع عيناها ، ويا لولو لا نريد سلطة ( خفت من عدوى الطبخ في خاطري وكفاية ).. قلت لها قبل ليلة أريد برياني دجاج تعرفين قالت نعم .. لكن عندما بدأت الطبخ كانت تطبخ كبسة وبطريقة رديئة جدا . المصيبة لدي عزيمة ، فإما أن أمسك أنا المطبخ أو أطلب من المطاعم ، ولأن أكل المطاعم واضح شمرت وبدأ أوزع نفسي بين القدور ، المهم لم تكن تصلح ولا مساعد لمساعد طباخ .. ناهيك عن العطس والدمع ، وأشياء أخرى .. لا أريد أن أعكر مزاجك بما كان .. مر اليوم على خير ، والحمد لله ، وبقي جمع الأواني وفي حملها للأطباق وإعادتها لم أسمع ألا صوت طاخ طيخ ، وكسرت الأواني الجميلة طبعا أواني الضيوف ، وعادتنا أن نضع أجمل ما لدينا من أكل، أو أوانٍ للضيوف وأجمل ما نملك من أثاث للضيوف . صعدت وكأن شيئا لم يكن وحملت المكنسة وألقمت أجمل ما لديّ للقمامة . تعوذت بالله من الشيطان الرجيم ، واستغفرت ربي . ولكن كنت أتمنى على الأقل أن تقول : آسفة عفوا) . لا شيء . صباح اليوم التالي وكان جمعة ، لم أرها ، كانت لا تزال في غرفتها ، وعندما ناديتها نزلت وقد لبست أجمل ما لديها ، وكحلت عينيها الدامعتين ، طلبت منها صنع كعكة الجزر التي يفضلها أبنائي . لكنها رفضت فاليوم جمعة ، خير إن شاء الله هل نسبت كاليهود في الجمعة . لا ، ولكنها تريد أن تقرأ وتصلي ، طيب صلي لم يمنعك أحد ، ولكن الكعكة نريدها . بعد قليل نزلت وقالت أنا تعبانة وأريد العودة لأم محمد .. ويا أم محمد أريد بديلة، تضع أم محمد بعض العسل في كلامها وسترسل لي فيفي ، لا ليست فيفي عبده ، فيفي فلبينية . وغادرت لولو ، وحتى تاريخه لم تأت فيفي ،أما أنا فكنت اكلم على الهواتف التي لدي ولا يرد أحد فأرسلت لها رسالة افيدها بأنني أتفهم ظروفها لو ردت علي . وردت علي بعد يومين لتقول لي إنها تعبانة ، وغدا ستأتي فيفي ، لكنني طلبت فقط تفضلها بإرجاع نقودي واستقطاع اليومين التعيسين ، وعدتني خيرا ولا زلت بانتظار النقود ومضى شهر من الانتظار)! هذا ما كان من أمر صديقتي ومثلها كثيرات ..وكل حكاية خلفها حكايات ، وبقي أمر، نحن دخلنا طوعا للمغارة المظلمة وعلينا تحسس طريق الخروج بأقل خسارة.