لانعرف متى يمكن أن نتجاوز الحديث في مسائل يفترض أن نكون قد تخطيناها منذ زمن طويل ، وبعيد ، وأن نطوي صفحة من تاريخ التخلف ، والقهر الاجتماعي ، ومصادرة حق الكائن البشري في الحصول على المعرفة والتدريب أولاً ، ثم المساهمة في العملية الإنتاجية والتنويرية وبناء مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ، ولانعرف متى نعي وندرك أن النساء شقائق الرجال ، وأنهن يتمتعن بعقول قادرة على الابتكار ، والخلق ، والإبداع ، وأنهن نصف المجتمع الذي بدونه يكون المجتمع مشلولا ، وكسيحا ، وغير قادرعلى الخطو فضلا عن التوثب والانطلاق إلى فضاءات التحديث ، وإنتاج المعارف، والاختراع ، والاكتشاف ، وإضافة منجز علمي للحضارة الإنسانية التي غبنا عن التأثير فيها طويلاً، أو المساهمة في صناعتها وصياغتها كجزء من هذا العالم الواسع . لازلنا نشتغل بأمور يفترض أن نكون قد تجاوزناها ، وأوجدنا الحلول لها ، وتم القضاء على معوقاتها تماماً بقرار سياسي شجاع ، وقرار اجتماعي عاقل ومدرك للتحولات ، والمتغيرات الثقافية ، والفكرية ، ووعي المجتمع ، وأنماط تعاملاته مع الثقافات والحضارات الأخرى ، وما تراكم في فضائنا الاجتماعي من فهم ومنتج تعليمي وأكاديمي لإنسان خاض تجارب معرفية وتنويرية في جامعات أوروبا والولايات المتحدة الأميركية ، والمرأة بعض هذا الانسان؛ حيث استطاعت أن تقفز فوق الحواجز ، وتجتاز الحفر والأخاديد ، وتصنع لنفسها ومجتمعها تألقاً في ميادين العلم ، والبحث، والمعرفة، وتثبت أنها عقل وليست، كما يراد لها، جسداً وخادمة . وأن إمكاناتها وقدراتها ربما تفوقان أحيانا وبمسافات شاسعة ما نعتبره وهماً بأنها ملك الرجل ، والرجل فقط . الزمن يمر بسرعة الضوء ، هو يمضي في غير مصلحتنا ، لإننا أردنا ذلك ، أو لم يكن لدينا تقدير لأهمية الزمن في حياة الأمم والشعوب ، ونحن لانزال نناقش وننشغل ونجادل ونختلف إلى درجة الخلاف إن لم نقل العداء في أمور عمل المرأة ، وتعليم المرأة ، وتواجدها في محلات بيع المستلزمات النسائية ، وقيادتها للسيارة، وتلك أمور ستُضحك الأجيال ، وتكون مادة مسلية لها، في وقت يوجد فيه خولة الكريع ، وحياة سندي ، وغادة المطيري ، وفيه ثريا عبيد وعشرات غيرهن في كل المجالات ، وهذه متناقضات المجتمع ومفاهيمه . في عدد اليوم من " الرياض " تحقيق عن ضرورة إحلال السعوديات في السفارات بدلا من العنصر الأجنبي ، وهو مطلب عادل بل هو واجب ، ولا أريد أن أنتزع القارئ من التحقيق بتناول أكثر جزئياته ، غير أنني أذهب إلى حوار نشرته الزميلة " الحياة " مع السيدة فاطمة المانع التي تعمل في الأممالمتحدة منذ 27 عاماً ، والحديث في مجمله مبهر ومفرح . ويهمني اقتباس قولها: " التقصير الحاصل بسبب عدم مشاركة النساء بشكل كامل لاينبع فقط من تقاعس النساء القسري ، بل لأنهن ومنذ تأسيس المؤسسات التشريعية والتنفيذية مغيّبات ومقصيات بشكل كامل وفي بعضه الآخر بشكل جزئي من مواقع اتخاذ وصنع القرار... " . وتسترسل السيدة المانع " ... أنا لاأعفي النساء من واجب المطالبة بتمثيلهن بشكل كامل في جميع الهيئات التشريعية والتنفيذية ، أي في مجلس الشورى والحكومة... ". بودي عدم قمع شهية الحديث ، لكن مساحة الزاوية انتهت ، نتوقف ولنا حديث..