من يرد إقصاء المرأة، وتهميشها عن القيام بدورها الاجتماعي والثقافي والمعرفي في صياغة المجتمع، وصناعة الأجيال، والمشاركة في فعل التنمية الشاملة، فهو يجدّف ضد التيار، ويرتكب جناية تعطيل مسيرة الوطن نحو رؤاه، وطموحاته، وأهدافه. فالمرأة جزء مهم في لعبة التكامل الحضاري، والإنتاجي. وهي أساس في مداميك البناء والتطور والتحديث. ومجتمع لا تشارك المرأة في وثباته وتوثباته هو مجتمع غير قادر على تحقيق مكانة له تحت الشمس، وسيكون متخلفاً عن دينامية التاريخ، والدخول إلى دائرة فعل التنوير، والحضارة الإنسانية، وسيظل مجتمعاً مشلولاً كسيحاً لا يتقدم خطوة إلا والعالم قد سبقه أميالاً. وسيبقى يبكي على طلل أنهكته عوامل التعرية. وفضحته مستجدات وتحولات العالم، ويجتر الماضي الذي جبن المفكرون، والمثقفون عن نقده، وتشريحه، وتفكيكه وقراءته كيلا تحترق أصابعهم بالنار. المرأة هي صانعة الأجيال بحق، وعبر وعيها، وإبداعها، وإنتاجها تسير مركبة التطور بشكل أفضل، وأروع، ومن خلال مساهماتها، وأفكارها، وحماسها، ودخولها إلى ميادين العمل المجتمعي نستطيع أن نضيف إلى هذا الوطن نشاطاً جديداً يأخذ مساراته إلى حيث التكامل، والتضافر، ومن ثم الإنجازات التاريخية المهيبة التي تؤهلنا للصمود أمام تحولات الحياة، والتاريخ. والسؤال: - أين المرأة من دورها الاجتماعي، وأدوارها الأخرى..؟؟ - أين المرأة من حركة المجتمع، وصناعة الواقع المتغير والمتحوّل بأقصى ما يمكن أن نتصوره..؟؟ لا أريد أن أسلب أحداً فضائله، واجتهاداته، ومحاولاته. المجتمع أعطى للمرأة حق التعليم، والتثقيف، والمعرفة، غير أنه وضع أسلاكاً شائكة من خلال مفاهيم ملتبسة أمام مشاركاتها في بناء الوطن كما يجب أن تشارك وتساهم. وإذا أخذت فإنها تأخذ على جرعات متباعدة، والزمن في هذه الحالة لا يرحم، ولا ينتظر. والمرأة لم تستطع، أو لم تكن قادرة على اقتحام العمل الاجتماعي - على الأقل - وهو جزء من واجباتها، وتخصص هي قادرة على فعله أكثر من غيرها. فلم تتشكل هيئات إنسانية فاعلة ومؤمنة بقدراتها للدخول في عمق المجتمع، ومعالجة أمراضه، وداءاته، وإشكالياته. مثلاً، مثلاً. التوعية الأسرية بأساليب التربية الحديثة، والعنف الأسري، ومشكلات الأطفال، والتدخين، ووضع ميزانية الأسرة، وأشياء من هذا القبيل. أعني لنبدأ وننطلق من الأسرة، لنفتح الآفاق إلى المجتمع، والأممية.