النظام واحد من العوامل الأساسية التي يتم من خلالها الحكم على مدى تنظيم أي منظمة سواء كانت مؤسسة أو شركة خاصة أو دائرة حكومية وحتى غيرها من منظمات المجتمع المدني وغالبا ما ينبع النظام من العقلية التي تديرها لكن هل تعتبر الإدارة هي الأساس الوحيد الذي يحكم عميلة التنظيم تلك؟! فنأخذ على سبيل المثال الدوائر الحكومية فكم نسمع من شكاوى المراجعين حول سوء التنظيم وعدم السرعة في إنجاز العمل وسبق أن أشرت لذلك في مقال سابق لكن عند التدقيق وجدت أن إدارة المنظمة ليست وحدها الملامة في سوء الخدمة بل إن المراجعين يتحملون جزءاً من المسؤولية وأكبر دليل على ذلك عندما ندخل لأي دائرة حكومية لإنجاز معاملة ونفأجا بأن الناس يقفون بعضهم فوق بعض حتى لا تكاد تميز بين الأذرع الممتدة وأصحابها وإذا حصلت المعجزة واصطفوا في صف لا تكاد تلتف حتى تجد نفسك قد طرت ثلاثة أمتار للوراء ووقفوا أربعة أو خمسة أشخاص في مكانك أما إذا اتبعت الحذر في المراقبة فستنتهي بالتهاب في الحنجرة وأنت تخبر كل مراجع أن المعاملة تنجز بالأولوية وأن عليه الوقوف في الصف هذا إذا لم تتصادم مع شخص وقح طويل اللسان يصر على أنه هناك من الصباح الباكر وأنه ينتظر قبل كل الواقفين حينها تتساءل ما دمت هنا منذ الصباح لماذا لم تنجز معاملتك؟! أم أنها حيلة الدفاع بالصوت العالي؟! هكذا يؤخر المراجعون بعضهم البعض وتصبح المعاملة التي تستغرق دقائق تحتاج إلى ساعات عوضا عنها هذا إذا سددنا الأنف عن كل الروائح الكريهة الصادرة من التزاحم والانحشار في زوايا وأمكنة ضيقة خصوصا إذا عرفنا أن هناك من يقف في الصف (لو وقف) فقط لكي يؤنس صديقه ويساعده على تقضية الوقت!! وحتى مع هذا يظل جزءا من المسؤولية يقع على الإدارة فمن الأفضل دوما أن يتم تقسيم المعاملات من خلال الاستقبال على نوافذ المراجعة ويعطى كل مراجع رقما محددا يشير الى دوره وحين يأتي وقت خدمته لا يستغرق ذلك الوقت والجهد اللذين يحصلان في العادة فضلا عن تجنب كل الإرهاق الجسدي والتعب النفسي من الجدال مع أولئك الذين لا يعرفون النظام أو التنظيم وكلهم أنانية يريدون إنجاز معاملاتهم دون مراعاة لشعور الآخرين الذين يريدون الشيء ذاته لكن الفرق بينهم هو احترام النظام هذا فضلا عن كون النظام مزية حضارية تتميز بها الشعوب المتقدمة ذات الثقافات الراسخة، فكم من مرة قصدت السياحة لبلد معين فقط لما عرف عن ذلك البلد من نظام وترتيب في التعامل فمن الأولى بنا ونحن مسلمون أن نطبق النظام ونحترمه لما فيه من حفظ لحقوق الإنسان.